تعيشى يا بلدى
أزمة الأطباء المقيمين
مرة أخرى تطفو على السطح أزمة الأطباء المقيمين بسبب المعاناة من بيئة العمل غير الصالحة والضغوط الشديدة التى تدفعهم دفعًا إلى الاستقالة والهجرة خارج مصر.
فمنذ حوالى أسبوعين أعلنت ٧ طبيبات نساء وتوليد مقيمات بجامعة طنطا استقالتهن اعتراضًا على سوء المعاملة وبيئة العمل غير الصالحة، وهربًا من ضغوط العمل التى تصل إلى ٢٤ ساعة مستمرة،
بعدها بأيام أطلق أحد الأطباء المقيمين بجامعة المنيا استغاثة عبر صفحته مؤكدًا أنه وعدد من زملائه الأطباء المقيمين بمستشفيات جامعة المنيا بمختلف الأقسام تقدموا باستقالاتهم منذ عام ولم تقبل وما زال موقفهم معلقًا، وبحسب استغاثة الطبيب الشباب ساهر ماجد فإن جميع محاولاتهم لإنهاء ارتباطهم بالعمل باءت بالفشل، وأنهم تقدموا بشكاوى لمجلس الوزراء والنيابة الادارية ووزارة التعليم العالى وادارات التكليف، واقاموا دعاوى قضائية، للحصول على الاستقالة.
وطبعًا الطبيب ساهر ماجد نموذج لآلاف الأطباء الذين يشعرون بالظلم والأحباط.
وحتى نعرف مدى المعاناة التى يعيشها أبناؤنا الأطباء المقيمون لا بد أن نتعرف عن قرب على ظروف عملهم، فهؤلاء يبدأون مشوار العمل كأطباء امتياز لمدة عام تحت التدريب دون أى مقابل، بعدها يحصلون على تصريح مزاولة المهنة ويؤدون القسم فى نقابة الأطباء ليبدأوا رحلة التكليف ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام سواء فى المستشفيات الجامعية أو مستشفيات وزارة الصحة، والحقيقة أن الأطباء المقيمين هم عصب المستشفيات ويتحملون العبء الأكبر سواء فى الاستقبال والطوارئ أو العيادات الخارجية والاقسام الداخلية، وتستمر فترة عملهم فى المستشفيات ساعات طويلة جدًا وقد تتواصل الايام تحت وطأة الضغوط ولذلك يتم توفير سكن لهم للإقامة وربما لهذا يسمى «طبيب مقيم».
المهزلة أن هؤلاء الأطباء يحصلون على أجور زهيدة رغم الجهود الجبارة التى يبذلونها لا تتعدى خمسة آلاف جنيه، حتى حكم رفع بدل العدوى الذى حصلت عليه نقابة الأطباء ليصل إلى ألف جنيه طعنت عليه وزارة الصحة ليظل كما كان منذ عشرات السنين ١٩ جنيهًا فقط!
هؤلاء أيضًا يتعرضون للإهانة والضرب أحيانًا فى أقسام الاستقبال والطوارئ نتيجة ضعف الإمكانات سواء فى المستلزمات أو الأدوية، كما يتعرضون لأزمات صحية قد تصل إلى الوفاة نتيجة ضغوط العمل والبقاء لساعات طويلة بالمستشفيات دون أى أمل فى تحسين هذه الظروف وتجاهل تام من الدولة لمطالبهم، فى الوقت الذى تفتح فيه دول كثيرة عربية وأجنبية الباب أمام هؤلاء الأطباء مقابل عشرات الآلاف شهريًا، ولذلك ليس غريبًا أن يتقدم الأطباء المقيمين باستقالاتهم بحثًا عن مستقبل أفضل وليبقى الوضع فى تفاقم مستمر لينعكس فى النهاية بالسلب على المريض الغلبان!