مراجعات
البحث عن موثوق!
من الظواهر اللافتة، أن الإنسان ربما يستطيع أن يُقَدِّم حلولًا للآخرين ـ في أي أزمة أو مشكلة ـ بطريقة مثالية وعبقرية، وأن يكون لهم بمثابة المنقِذ والمُخَلِّص، أما أن يؤمن هو بتلك النظريات؛ ففي ذلك إعادة نظر!
عندما نتعرض في حياتنا اليومية إلى أزماتٍ أو مشكلاتٍ، نلجأ أحيانًا إلى «الحلول السهلة»، عبر حساباتنا الشخصية، على مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، بانتظار «الطبطبة»، أو التعليقات «المُجَامِلة»، كأحد أشكال الدعم الذي نُريد أن نتلقاه.
نعم، قد يكون «العالم الافتراضي» ضروريًّا ومهمًا، لكنه يظل دائمًا استكمالًا للعلاقات الحقيقية، وليس بديلًا عنها، وبالتالي عندما نتعرض لمشكلة خاصة أو حسَّاسة، نفكر فورًا في البحث عن شخصٍ «موثوق» نُفضي إليه بما نختزله من آلام ومعاناة.
وكعادتنا دائمًا، نقع بين اختيارين، إما اللجوء إلى شخصٍ نعرفه، أو آخرَ نجهله، ليتبادر إلى الذهن تساؤل منطقي: هل عجزنا عن إيجاد شخص ما ـ قريبٍ أو صديقٍ أو زميلٍ أو حتى جارٍ ـ نحكي له معاناتنا، بدلًا من عرض أسرارنا وخصوصياتنا على الملأ؟
وبما أن المتلقين أو المتفاعلين «الغرباء»، لا يعرفون الكثير عن خصوصياتنا وتفاصيل حياتنا، إلا ما نسمح به نحن فقط، لذلك لا نتوقع أن يكون رأيهم ثاقبًا، بل سيكون قاصرًا وغير منضبطٍ، نظرًا لوجود نقصٍ كبير في بعض التفاصيل!
لذلك، ربما يُفَضِّل البعض البَوْحَ بأسرارهم أو بعضها، مع «غرباء»، يرتبطون معم بعلاقة سطحية، سواء أكانت حقيقية أم «افتراضية»، وهو ما يحدث غالبًا، أو بمعنى آخر أننا قد نرغب في «الفضفضة» أو «الدردشة» مع شخص «محايد» لا نعرفه جيدًا، للحصول على الدعم والتعاطف المطلوبَيْن، دون الدخول في تفاصيل، وبالطبع لا يحدث ذلك مع مَن نعرفهم.. مِن هؤلاء المسؤولين منَّا أو عنَّا، لأننا في الغالب لن نجد عندهم ما نحتاجه!
وبما أننا قد نلجأ إلى «الغرباء»، ممن مروا بتلك التجربة، لكي نشعر بالراحة والطمأنينة، لكننا في المقابل يجب ألا نُعَلِّق آمالًا كبيرة، أو نتوقع منهم الكثير، لأن الأمر ربما ينعكس سلبًا على حياتنا، وبالتالي قد تزداد الأمور تعقيدًا، من خلال نتائج سلبية غير متوقعة، باتباع آراءٍ عاطفية مُضَلِّلَة، ربما تُلحق بنا ضررًا بالغًا.
ويبقى تساؤل مهم وهو إذا كانت «الفضفضة» مهمة وضرورية، لتحسين حالتنا النفسية والمِزاجية، فإلى مَن نتحدث؟، خصوصًا في ظل وجود دراسات علمية مُعْتَبَرة أوضحت أن دَعْمَ «العالم الافتراضي» غير حقيقي، وتأثيره الإيجابي محدود، ولا يساعد إطلاقًا على عبور الأزمات بأمان!
أخيرًا.. نعتقد أن التأثير الإيجابي يأتي فقط ممن يهتمون بنا، ونثق فيهم، ويبادلوننا مشاعر الحب والتقدير، كرغبة حقيقية منهم في مساعدتنا، وبالتالي لا يمكن الوثوق بـ«غرباء العالم الافتراضي»، من المُضَلِّلين والمُجَامِلين، أو حتى مجرد التفكير بالاستغناء بهم عن علاقاتنا الحقيقية.
فصل الخطاب:
حكمة: «لا تثق كثيرًا بمكانتك في قلوب الآخرين، الذين تتغير نظرتهم باستمرار، وتتقلب عواطفهم في لحظة، لأن الناس مراحلَ وليسوا بيوتًا».