بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هل تنزع إسرائيل سلاح حزب الله؟



سؤال يعود إلى الواجهة كلما ارتفعت حرارة المواجهة العسكرية على الحدود، أو بدا أن حربًا كبرى تلوح في الأفق. لكنه في جوهره سؤال يتجاوز العنوان العسكري المباشر إلى عمق التوازنات الإقليمية والتعقيدات الداخلية اللبنانية والدور الاستراتيجي الذي يلعبه الحزب في الصراع الأوسع بين إيران وإسرائيل.

في الظاهر، تمتلك إسرائيل جيشًا متفوقًا عدةً وعتادًا وتقنيًا، وقادرًا نظريًا على توجيه ضربات ساحقة لأي خصم تقليدي. لكن حزب الله لا يُقاتل كجيش نظامي، بل يتحرك كتنظيم عقائدي شديد التنظيم، متغلغل في بنية المجتمع اللبناني، ومحمي بطبقات من السرية والأذرع الاستخباراتية، ومدعوم بلا انقطاع من إيران. هذا الدعم الإيراني هو ما يجعل نزع سلاح الحزب مسألةً إقليمية قبل أن تكون لبنانية أو إسرائيلية محضة. إذ لا يمثل الحزب مجرد ميليشيا محلية، بل أحد أهم أذرع طهران في مشروعها الإقليمي، وورقة ضغط مباشرة على إسرائيل. ولهذا السبب تحديدًا لا يبدو أن طهران مستعدة للتفريط في هذه الورقة الاستراتيجية، ولا أن الحزب ذاته سيقبل بسهولة بنزع سلاحه الذي يُعد جزءًا أساسيًا من هويته وشرعيته.

ثم إن المعركة ضد حزب الله لا تنحصر في مواجهة مسلحين على الأرض أو مخازن صواريخ قابلة للقصف، بل هي معركة ضد بنية أيديولوجية وتنظيمية متجذرة في الداخل اللبناني منذ عقود، وتحظى بشعبية في بيئة محددة، كما أنها متصلة بتحالفات سياسية داخل الدولة.

وهذا التعقيد الداخلي يجعل أي محاولة إسرائيلية لتجريد الحزب من سلاحه بالقوة مجازفة بانفجار لبنان كله، ودفعه إلى حرب أهلية جديدة أو إلى انهيار كامل لما تبقى من سلطة الدولة المركزية.

البديل السياسي، وهو الرهان على ضغوط دولية أو توافق لبناني داخلي لإجبار الحزب على التخلي عن سلاحه، يبدو هو الآخر بعيد المنال في الوقت الراهن. فالدولة اللبنانية نفسها تعيش حالة شلل سياسي وانقسام عميق، ومؤسساتها الأمنية والعسكرية أضعف من أن تفرض سيطرة شاملة على الجنوب اللبناني. فضلاً عن أن جزءًا واسعًا من الشارع اللبناني، خصوصًا في بيئة الحزب، يرى في سلاحه ضمانة دفاعية ضد إسرائيل أكثر مما يراه عبئًا داخليًا. حتى لو كان هناك من يعارض هذا السلاح سياسيًا أو يخشى انعكاساته الاقتصادية على لبنان، إلَّا أن تحرك ميزان القوى الداخلي لصالح نزع السلاح يحتاج إلى توافق لبناني شامل مفقود منذ سنوات طويلة.

بكلمة أخرى، نزع سلاح حزب الله ليس مهمة عسكرية يمكن إنجازها بضربة جوية، ولا مشروعًا سياسيًا يمكن فرضه بقرار دولي. إنه صراع طويل في قلب صراعات المنطقة، ولن يُحسم إلا بتغير جوهري في موازين القوى الإقليمية والدولية أو في الداخل اللبناني نفسه؛ وهو ما لا يبدو وشيكًا حتى الآن.