العلاقات المصرية الصومالية: نحو شراكة استراتيجية جديدة
شهدت العلاقات المصرية الصومالية فى الآونة الأخيرة دفعة قوية، تعكس إرادة سياسية مشتركة لتعزيز التعاون الثنائى فى مختلف المجالات. هذه المستجدات تأتى فى سياق إقليمى ودولى متغير، وتؤكد أهمية الدور المصرى فى دعم استقرار الصومال، وعلى رغبة الصومال فى الاستفادة من الخبرات المصرية فى مسيرته نحو البناء والتنمية.
ويدعم ذلك الروابط التاريخية والتقارب السياسى حيث تستند العلاقات المصرية الصومالية على أسس تاريخية متجذرة، فكانت مصر من أوائل الدول التى دعمت استقلال الصومال. هذه الروابط التاريخية تمثل أرضية صلبة للتعاون الحالى. من أبرز مؤشرات التقارب السياسى خلال الفترة الأخيرة هو تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين مسئولى البلدين. فقد استقبلت القاهرة وفودًا صومالية رفيعة المستوى، كما زار مسئولون مصريون مقديشو، الأمر الذى يؤكد حرص الجانبين على التشاور والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائى أو الإقليمى.
هذا بخلاف التعاون الاقتصادى والتنموى حيث تولى مصر اهتمامًا كبيرًا لدعم التنمية فى الصومال. يتمثل هذا الدعم فى عدة مجالات، أبرزها:
* التعليم: تقدم مصر منحًا دراسية للطلاب الصوماليين فى الجامعات المصرية، ما يسهم فى بناء الكوادر الصومالية الشابة. كما يتم تبادل الخبرات فى مجال المناهج الدراسية وتدريب المعلمين.
* الصحة: تقدم مصر مساعدات طبية للصومال، كما يتم تدريب الأطباء والممرضين الصوماليين فى المستشفيات المصرية.
* المساعدات الإنسانية: ترسل مصر بشكل دورى قوافل مساعدات إنسانية وغذائية للتخفيف من معاناة الشعب الصومالى فى الأزمات المختلفة.
* التعاون التجارى: تسعى الدولتان إلى زيادة حجم التبادل التجارى وتسهيل حركة البضائع والاستثمارات. تعمل مصر على توفير منتجاتها للسوق الصومالى بأسعار تنافسية.
التعاون الأمنى والعسكرى:
تدرك مصر أهمية الاستقرار الأمنى فى الصومال، وتدعم جهود الحكومة الصومالية فى محاربة الإرهاب. ويتمثل التعاون الأمنى فى:
* التدريب العسكرى: تقوم مصر بتدريب القوات الصومالية فى كلياتها ومعاهدها العسكرية، ما يسهم فى بناء قدرات الجيش الصومالى.
* تبادل المعلومات: يتم تبادل المعلومات الاستخباراتية حول الجماعات الإرهابية، ما يساعد فى تنسيق الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب.
* دعم جهود الاستقرار: تدعم مصر جهود الصومال فى بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الأمن، باعتبار أن استقرار الصومال هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة بأسرها.
وبعد زيارة الرئيس الصومالى الدكتور حسن شيخ محمود لمصر فى يوليو الماضى اتجهت العلاقات المصرية الصومالية نحو شراكة استراتيجية جديدة، تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين المشتركة من خلال تفعيل الاتفاقيات الموقعة: يجب على الجانبين تفعيل الاتفاقيات التى تم توقيعها فى السابق، والتى تغطى مجالات واسعة من التعاون.
* استكشاف فرص جديدة للتعاون: يمكن للجانبين استكشاف فرص جديدة للتعاون فى مجالات مثل الزراعة، والصيد البحرى، والطاقة، والبنية التحتية.
* التنسيق فى المحافل الدولية: يمكن لمصر والصومال تعزيز التنسيق فى المحافل الدولية والإقليمية، مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقى، للدفاع عن مصالحهما المشتركة ما يؤكد وجود إرادة سياسية حقيقية لتعزيز هذه العلاقات. فهذه الشراكة الجديدة لا تقتصر على الدعم السياسى والأمنى، بل تتعداه لتشمل التعاون الاقتصادى والتنموى، ما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة فى الصومال، ويخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
أمين سر لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب