قطوف
وفي البعد حياة
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم"

تبعتها النظرات والأعناق بانبهار شديد أثناء دخولها المقر الرئيسي للبنك العريق في العاصمة، جمالها الصارخ وأناقتها الشديدة جعلتها دائماً محطَّ إعجاب الجميع، تهادت بخطوات واثقة إلى مكتب المدير، وهي تبرز بطاقة تعارف أنيقة، هبَّ مدير البنك لاستقبالها باحترام شديد، اسمها وحده جواز مرور لكل الأماكن المغلقة.
جلست تحتسي قهوتها بثقة وشموخ لحين انتهاء معاملاتها البنكية، الجميع يعمل على إنهاء الأوراق وهي في مكانها تضع توقيعها بين حين وآخر بابتسامة عريضة.
رفعت عينيها إلى صاحب الورقة الأخيرة فإذ بغصة
تنتابها وإذ به تعلو وجهه كل علامات الدهشة والارتباك
إنه هو مازال بنفس هيئته، وإن بدا واضحاً أنَّ الدنيا قد داست عليه بعنف، نطق بصوت مخنوق "هدى"، صعق مديره وهو يشير إليه محذرِّا هدي هانم فهمي يا "علي"
خفض نظره في ارتباك وهو يردَّد - أهلًا وسهلًا بحضرتك يا فندم، ثم حمل أوراقه وغادر إلى مكتبه.
شعر بدوار شديد يغلفِّ رأسه فأغلق عينيه يسترجع ذكرياته معها من البداية...
هدى أجمل فتاة في الدفعة، هام بها عشقًا وبادلته بعشق أكبر، تقدَّم لخطبتها بعد التخرُّج مباشرة لما تمكن من العمل بأحد البنوك الكبيرة، كانت أجمل أيام حياته، عام كامل مرَّ سريعاً قبل أن يتم الزفاف، غمرته بحبها وحنانها، كانت مثالًا للتفاني والإخلاص، تفعل كل شيء لإسعاده، لم يعكر صفوهما غير تدخل الآخرين وأسئلتهم المزعجة عن الإنجاب، لتبدأ رحلة من البحث والتعب .
طاف بها على أغلب الأطباء لتتوحد التقارير باستحالة حملها لوجود عيب خلقي في الرحم يمنع الحمل، أصبح أكثر حدةً وعصبية، ينفعل عليها لأتفه الأسباب، مما
سبَّب لها الحزن الشديد قبل أن يفاجئها بقراره بالزواج، لم تحتمل فراقه، آثرت أن تحيا بجانبه حتى وإن شاركتها فيه امرأة أخرى.
ولما رزقه الله بطفل جميل سلبه لبه، وأصبح لا يفارقه وأمه، زاد إهماله لها، وهنا كان لزاماً عليها الرحيل بقلبها المحطم، وشجعها والدها على البحث عن عمل يشغل وقتها وينسيها أحزانها.
التحقت بالعمل في مجموعة استثمارية كبرى وتطور أداؤها سريعًا ليلمع نجمها، وتشغل منصباً مهماً حسدها عليه الجميع.
وفي أحد اجتماعات العمل المتكررة خطفت قلب "سليم" بجمالها الآخاذ ورقتها الفائقة، فهو صاحب المجموعة، ورئيس مجلس إدارتها.
تقدَّم لخطبتها، ليكون العوض عن كل ما لاقته مع "علي"، غمرها بحبه وحنانه، أصبحت بفضله من أهم وأكبر سيدات الأعمال".
أنهت معاملاتها وهى تلمحه بطرف عينها ينظر إليها
بندم وأسف، وضعت نظارتها الشمسيَّة الثمينة على عينيها، ونظرت إليه بكبرياء وعدم مبالاة قبل أن تغادر المكان.