بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

خطة سلام أوروبية تدفع أوكرانيا للتنازل عن أراضٍ لروسيا

بوابة الوفد الإلكترونية

كشفت صحيفة التليجراف البريطانية أن أوكرانيا قد توافق على وقف القتال والتنازل عن الأراضى التى تسيطر عليها روسيا بالفعل كجزء من خطة السلام المدعومة من أوروبا، فى خطوة تمثل تحولاً لافتاً فى الموقف الأوكرانى. وأبلغ الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى قادة أوروبيين بأن عليهم رفض أى تسوية يقترحها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تتضمن تنازل أوكرانيا عن المزيد من الأراضى، لكنه لم يستبعد ضمنياً السماح لروسيا بالاحتفاظ ببعض الأراضى التى استولت عليها، وهو ما يعنى تجميد خطوط المواجهة على الوضع الراهن ومنح موسكو السيطرة الفعلية على مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون وشبه جزيرة القرم.

ويأتى هذا التغيير فى الموقف التفاوضى قبل المحادثات المقررة بين «ترامب» والرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى ألاسكا يوم الجمعة المقبل. ووفق ما قاله مسئول غربى، فإن عطلة نهاية الأسبوع شهدت تحركات دبلوماسية محمومة بين كييف وحلفائها، مضيفاً أن الخطة لا يمكن أن ترتبط إلا بالمواقف الميدانية التى تتخذها الجيوش فى الوقت الحالى.

تتصاعد المخاوف فى أوكرانيا وأوروبا من أن يتمكن «ترامب» و«بوتين» من التوصل إلى اتفاق ينهى الحرب المستمرة منذ سنوات من فوق رأس زيلينسكى. ومن بين أبرز ما يقلق الأوروبيين خطة السلام التى تقول موسكو إنها ستقبل بها، وتشمل تجميد الخطوط الأمامية فى جنوب شرق أوكرانيا، شريطة انسحاب كييف من مناطق دونيتسك ولوغانسك التى تسيطر عليها.

لكن روسيا، بحسب تقرير معهد دراسة الحرب ومقره واشنطن، لا تزال تهدف إلى «الاستسلام الكامل» لكييف، بما يشمل منع أى محاولة للانضمام إلى الناتو ونزع سلاحها. وأكد «زيلينسكى»، مساء الأول، أنه لا توجد أى دلائل على استعداد روسيا لإنهاء الحرب رغم اقتراب محادثات السلام، بل على العكس، تتحرك القوات الروسية بطريقة تتيح لها شن عمليات هجومية جديدة، وفق تقارير المخابرات الأوكرانية.

قررت العواصم الأوروبية دعم رؤية كييف لأى تبادل إقليمى، فى محاولة لإقناع «ترامب» بأن هناك ثقلاً دبلوماسياً خلف الموقف الموحد «أوكرانيا بالإضافة إلى أوروبا» الرافض للتنازلات عن الأراضى. وجاء فى إعلان مشترك لزعماء المفوضية الأوروبية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وبولندا وفنلندا أن «خط الاتصال الحالى يجب أن يكون نقطة انطلاق للمفاوضات».

ومن المقرر أن يجرى القادة الأوروبيون محادثات مع «ترامب» اليوم الأربعاء لعرض وجهة نظرهم، فيما صرح الرئيس الأمريكى أول من أمس الاثنين بأنه سيحاول استعادة بعض الأراضى لأوكرانيا خلال لقائه مع بوتين فى ألاسكا، لكنه أقر بأن هناك «بعض التبادلات وبعض التغييرات فى الأراضى»، موضحاً: «روسيا تحتل جزءاً كبيراً من أوكرانيا، وسنسعى لاستعادة بعض هذه الأراضى». وأكد «ترامب» أنه سيتصل بزيلينسكى أولاً «من باب الاحترام»، ثم بالزعماء الأوروبيين بعد الاجتماع مع الرئيس الروسى.

ورغم هذه المواقف، فإن قرار زيلينسكى الصعب بالتنازل عن الأراضى التى باتت بيد القوات الروسية يظل قائماً، حيث يرى المسئولون الأوروبيون أن لديه القدرة على مخاطبة شريحة متزايدة من الناخبين المستعدين لقبول ذلك كثمن لإنهاء الحرب. لكن كييف، بحسب هؤلاء، لا تستطيع التخلى عن المزيد من الأراضى، خاصة فى دونيتسك، لأن ذلك سيمكن القوات الروسية من تجاوز التحصينات التى أقيمت منذ حرب دونباس عام 2014.

إضافة إلى ذلك، ينص دستور أوكرانيا على أنه لا يمكن للرئيس أو البرلمان التنازل عن أى أراضٍ دون إجراء استفتاء وطنى، وهو أمر شبه مستحيل فى ظل احتلال روسيا نحو 20% من مساحة البلاد. هذا ما دفع «ترامب» لانتقاد «زيلينسكى» علناً قائلاً: «أزعجنى قليلاً قوله إنه بحاجة لموافقة دستورية. لديه موافقة على خوض حرب وقتل الجميع، لكنه يحتاج لموافقة لتبادل الأراضى؟».

فيما اعتبر الأمين العام لحلف الناتو مارك روته أن هذه المسألة تمثل تحدياً فى كيفية التعامل مع الواقع الميدانى المتمثل فى سيطرة روسيا حالياً على أراضٍ أوكرانية، مؤكداً أن الحلف لا يمكنه أبداً قبول ذلك من الناحية القانونية. «زيلينسكى» كان قد أقر سابقاً أن قواته تفتقر للقدرات اللازمة لاستعادة الأراضى المحتلة عسكرياً، لكنه يرى أن أى تسوية قد تفتح المجال لاستعادتها دبلوماسياً مستقبلاً.

حالياً، تحتل روسيا نحو خمس أراضى أوكرانيا وفق حدود 1991 المعترف بها دولياً. وفى بيان من داونينج ستريت، أكدت لندن وواشنطن دعمهما الثابت لكييف، وأكد القادة أن مستقبل أوكرانيا يجب أن يكون للحرية والسيادة وتقرير المصير، مرحبين بجهود «ترامب» لإحلال السلام لكنهم شددوا على ضرورة أن يبنى مع أوكرانيا لا أن يفرض عليها.

ومع اقتراب لقاء ألاسكا، قد يلجأ بوتين إلى استغلال النص الدستورى الأوكرانى لمنع التنازلات إلا عبر استفتاء، وهو ما قد يضع زيلينسكى فى مأزق أمام الرأى العام و«ترامب». هذا ما جعله يرفض علناً أى صفقة تنص على انسحاب أوكرانيا من دونيتسك ولوغانسك مقابل وقف القتال، معتبراً أن ذلك لن يحقق أى مكاسب سوى الصمت الميدانى بينما تمنح موسكو حرية تجاوز أقوى دفاعات كييف.

تحدثت بعض المصادر عن احتمال انسحاب روسى من سومى وخاركيف، لكن الباحثة جاروسلافا باربييرى من «تشاتام هاوس» ترى أن بوتين يستخدم مطالب المساحات الواسعة لاتهام كييف بالتعنت، وتصويرها كغير ممتنة لجهود «ترامب»، ما قد يثير الخلاف بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ويزعزع الاستقرار الداخلى من خلال استثارة الأقلية المؤيدة للتنازلات. بحسب الجارديان البريطانية.