بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مؤتمر الإفتاء العالمي العاشر.. متخصصون يدعون إلى إنشاء نموذج عالمي للمفتي الرشيد

بوابة الوفد الإلكترونية

في إطار أعمال المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، واصلت الجلسة العلمية الأولى فعالياتها بمناقشات ثرية وأبحاث متخصصة تناولت قضية "تكوين المفتي الرشيد العصري في عصر الذكاء الاصطناعي"، حيث استعرض عدد من الباحثين والخبراء رؤى علمية معمقة حول سبل تطوير أداء المفتين بما يتناسب مع متغيرات العصر، مؤكدين ضرورة الجمع بين التأصيل الشرعي والتأهيل التقني، وتعزيز التواصل الإفتائي مع الشعوب المختلفة بلغاتها وثقافاتها، بما يُسهم في ترسيخ المنهج الوسطي وتحقيق فاعلية أكبر للفتوى في العالم الرقمي المعاصر.

 

د. سهير حمدي: الفتوى بلغة ملائمة عمل حضاري

أكدت الدكتورة سهير حمدي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، في بحثها "دور المفتي الأزهري في توجيه الفتوى للشعوب الناطقة بالفارسية"، وجود فجوة واضحة في التواصل الإفتائي مع هذه الشعوب بسبب ضعف الترجمة الفقهية وغياب وحدة متخصصة في اللغة الفارسية داخل مؤسسات الإفتاء المصرية.

وأشارت إلى أن هذا الواقع يحد من تأثير الفتوى الأزهرية ويضعف الرسالة الحضارية للأزهر الشريف، داعية إلى إنشاء وحدة فتوى خاصة باللغة الفارسية ضمن دار الإفتاء أو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، مع توسيع المحتوى الرقمي المترجم، وبناء شراكات مع الجامعات الناطقة بالفارسية لتعزيز المنهج الوسطي.

كما دعت إلى إدراج مقرر جامعي بعنوان "الفتوى بلغة ثانية"، ودعم الترجمة الفقهية بأسلوب مبسط يناسب البيئة الثقافية الفارسية، مؤكدة أن إيصال الفتوى بلغة ملائمة هو عمل حضاري لترسيخ قيم الاعتدال وتعزيز الوحدة الإسلامية، ويسهم في نشر رسالة السلام والوسطية إلى الشعوب الناطقة بالفارسية.

 

د. أحمد بكر: الذكاء الاصطناعي داعم لا بديل

سلط الدكتور أحمد محمد بكر إسماعيل، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، الضوء في بحثه "المسار التكويني للمفتي الرشيد.. بين الموروث الشرعي وآلة الذكاء الاصطناعي" على إعداد المفتين، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي أداة داعمة للاجتهاد البشري لا تحل محله، ومؤكدًا على ضرورة مواكبة التطورات المعرفية والمجتمعية ضمن منهجية شرعية رصينة.

ودعا إلى تأسيس برامج تدريبية متخصصة مثل "المفتي الرقمي الرشيد" تحت إشراف الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، وإنشاء وحدات بحثية لتطوير الذكاء الاصطناعي في المجال الشرعي، إضافة إلى إعداد معاجم فقهية ثنائية اللغة مدعومة بالتقنية، وسن تشريعات دولية لحماية البيانات الدينية وضبط الفتوى الرقمية للحفاظ على مرجعية إفتائية موثوقة في ظل التحولات الرقمية.

 

د. شاكر حامد: التوازن بين النص والواقع

قدّم الدكتور شاكر حامد علي حسن، الأستاذ بجامعة الأزهر، بحثًا بعنوان "المفتي بين فقه النص وفقه الواقع في عصر الذكاء الاصطناعي"، تناول فيه أهمية تحقيق التوازن بين فقه النص وفقه الواقع لصياغة فتوى رشيدة تراعي الزمان والمكان وتحولات السياق المعاصر.

وأشار إلى أن الاقتصار على ظاهر النصوص دون وعي بالمستجدات المجتمعية يؤدي إلى الجمود، مؤكدًا ضرورة تمكن المفتي من أدوات العصر، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، لضبط تنزيل الأحكام على النوازل الجديدة.

كما عرض نماذج فقهية تطبيقية توضح أثر القياس والمصالح في الفتوى، ودعا إلى تدريب المفتين على فقه الواقع وإجراء دراسات مقارنة بين العلوم الاجتماعية والشريعة، مبينًا أن المفتي المعاصر يحتاج إلى تكوين معرفي متداخل يجمع بين الشرع والواقع والتقنية، ويؤسس لنموذج إفتائي مستقبلي قائم على الحكمة والتوازن.

 

د. عمرو الورداني: الفتوى فعل رشيد لا إجابة آلية

استعرض الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في بحثه "نحو بناء المفتي الرشيد: جدلية الصنعة والخوارزمية في صناعة الوعي الشرعي والبناء الحضاري"، العلاقة المعقدة بين المرجعيات الإفتائية والتقنيات الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، مقترحًا تصورًا فلسفيًا وعمليًا لبناء نموذج المفتي الرشيد الذي يوجه التقنية ولا يذوب فيها، ويستثمر أدواتها لخدمة الوعي الشرعي.

وأوضح أن الفتوى ليست مجرد إجابة آلية، بل فعل رشيد يقوم على البصيرة وفهم الواقع، مشيرًا إلى أن "الصنعة" الإفتائية تمر بأربع مراحل وتتضمن أكثر من 120 مهارة يمكن تفعيلها داخل الأنظمة الذكية.

وأوصى بإعادة هيكلة مؤسسات الإفتاء وإنشاء وحدة الإفتاء المؤطر تقنيًا، مؤكدًا أن مصر مؤهلة لقيادة مشروع عالمي يجمع بين أصالة الشريعة ومعاصرة التقنية، وأن صناعة المفتي الرشيد تتطلب إعادة التفكير في العلاقة بين الإنسان والآلة، وتجاوز النظرة التقليدية للفتوى كعملية معرفية مغلقة، بحيث يمتلك المفتي كفاءة عقلية ووجدانية للتعامل مع معطيات التقنية الحديثة بمنظور شرعي مقاصدي يوازن بين الثوابت والمتغيرات.