46 عاما على استرجاع وادي الذهب المغربي

يخلد الشعب المغربي في الرابع عشر من أغسطس من كل سنة الذكرى السادسة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب، أحد الأقاليم الجنوبية للمملكة والتابع لجهة الداخلة – وادي الذهب.
وتمثل هذه المحطة الوطنية المضيئة خطوة أساسية في مسار استكمال الاستقلال وترسيخ الوحدة الترابية، كما تشكل مناسبة يجدد فيها المغاربة ارتباطهم العميق بالصحراء المغربية في أجواء يطغى عليها الحماس الوطني والتعبئة المستمرة دفاعا عن هذه القضية المقدسة.
اقرأ أيضاً: الملك محمد السادس يأمر بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى الفلسطينيين في غزة
اقرأ أيضاً: ترامب يؤكد مجددًا دعم واشنطن لسيادة المغرب على الصحراء والحكم الذاتي
ومن هذا السياق التاريخي والسياسي، تبرز الداخلة، الملقبة بـ"لؤلؤة المغرب"، كأحد أهم رموز النهضة التنموية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية، تقع المدينة في موقع استراتيجي يجعلها صلة وصل طبيعية بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، كما يتيح لها انفتاحا واسعا على الأسواق الدولية، هذا الموقع الفريد، مقترنا بموارد بحرية غنية ومناخ متميز، جعل الداخلة وجهة جذابة للمستثمرين والسياح على حد سواء، ويعد خليج الداخلة بمياهه الفيروزية ورماله الذهبية وجهة عالمية لرياضات الأمواج والرياح، فيما عزز افتتاح القنصلية العامة للولايات المتحدة الأمريكية بها مكانتها كمركز دبلوماسي وتجاري محوري.
يتجلى هذا الزخم التنموي بوضوح في قطاع الصيد البحري، الذي يشكل ركيزة الاقتصاد المحلي، إذ يغذي الصناعات التحويلية وتربية الأحياء المائية والتجارة، إلى جانب توفير فرص عمل وتأهيل اليد العاملة، وقد امتد التطوير ليشمل مشاريع استراتيجية كبرى، في مقدمتها ميناء الداخلة الأطلسي، المدرج ضمن الاستراتيجية الوطنية للموانئ 2030، والذي سيضم مرافق للتجارة البحرية والصيد وإصلاح السفن، مع آفاق لدوره في نقل الطاقة الخضراء وخاصة الهيدروجين الأخضر، ما يعزز موقع المغرب كمصدر عالمي للطاقة المستدامة.
ترتبط هذه المشاريع برؤية ملكية أوسع لتعزيز الربط الاقتصادي القاري، وهو ما تجسد في إطلاق "المبادرة الأطلسية" التي تمنح دول الساحل الإفريقي غير الساحلية منافذ بحرية على المحيط الأطلسي لتسهيل التبادل التجاري وتحفيز التنمية، وتلعب الداخلة دور القلب النابض لهذه المبادرة، بفضل بنيتها التحتية المتقدمة وموقعها الجغرافي المثالي.
إلى جانب ذلك، عرفت المدينة مبادرات مبتكرة لدعم الاستثمار، أبرزها منصة "الداخلة كونيكت" التي طورت بدعم أمريكي لتسويق جهة الداخلة – وادي الذهب كمركز اقتصادي صاعد، وربط المستثمرين بالفرص المحلية والإقليمية، وهو ما ساهم في تعزيز جاذبية المنطقة لدى الفاعلين الاقتصاديين الدوليين.
ويكتسب هذا المسار التنموي قوة إضافية من نجاح الدبلوماسية المغربية في تعزيز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، فقد حصل المغرب على دعم قوى عالمية وإقليمية، تُرجم في افتتاح أكثر من ثلاثين قنصلية بالأقاليم الجنوبية، وتأييد واسع لمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007، والتي تمنح سكان الصحراء الحق في إدارة شؤونهم المحلية عبر مؤسسات منتخبة ديمقراطيا، ضمن إطار السيادة المغربية ورموزها الوطنية، وهي مبادرة اعتبرها مجلس الأمن "جدية وذات مصداقية".
منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999، أصبحت الأقاليم الجنوبية، وفي مقدمتها الداخلة، نموذجا حيا لسياسة التنمية المندمجة التي تجمع بين تحديث البنية التحتية، وتوسيع الاستثمار، والانفتاح على الأسواق، في انسجام تام مع الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الحضور المغربي في إفريقيا والعالم، وهكذا، تواصل الداخلة رسم ملامح مستقبل واعد يجعلها بحق جوهرة الجنوب وواجهة المغرب الحديثة.