بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

36 مليون امرأة عرضة للإصابة بالفيروس

«الورم الحليمى» القاتل الصامت

بوابة الوفد الإلكترونية

حملة لتطعيم الفتيات من سن 9 إلى 15 عامًا.. وتوصيات بتحصين الأولاد 

7 أنواع من السرطان فى انتظار غير المحصنين أشهرها سرطان عنق الرحم والرقبة والرأس

جدل بين المواطنين.. ومواقع السوشيال ميديا «تهبد» ولا تبالي

 

حالة من الجدل أثارها تطعيم فيروس الورم الحليمى البشرى (HPV)، بعد انتشار عدة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعى عن «تطعيم يُعطى للبنات فى سن مبكرة للوقاية من السرطان». هذه الحالة من الجدل خرجت من مواقع التواصل الاجتماعى إلى البيوت، فالكل يتحدث عن هذا التطعيم، خاصة أن وزارة الصحة قامت بتدشين حملة لتطعيم الفتيات من سن 9 إلى 15 عامًا، وفى حين استقبلها البعض بترحاب، رفضها البعض الآخر بسبب ما أثير حول تأثيرها على الإنجاب مستقبلا.

ولكن الأطباء حسموا هذا الجدل مؤكدين على ضرورة تطعيم الفتيات والأولاد أيضا ضد هذا الفيروس الذى يسبب مشاكل خطيرة فى المستقبل قد تصل إلى الإصابة بالسرطان.

وكانت وزارة الصحة والسكان قد أطلقت حملة بعنوان «من بدرى أمان»، للكشف المبكر عن الأورام والتوعية بمخاطر سرطان عنق الرحم، مؤكدة على أهمية التطعيم المضاد لفيروس HPV، والكشف الدورى كوسائل فعالة للحماية من أمراض خطيرة، يمكن الوقاية منها.

وتستهدف الحملة البنات والسيدات من مختلف الأعمار، وتدعو إلى الفحص الدورى بدءًا من سن الزواج وحتى سن 65 عامًا، بجانب التوعية بالحصول على تطعيم فيروس الورم الحليمى البشرى، الذى يعد السبب الرئيسى للإصابة بسرطان عنق الرحم وسرطانات أخرى مثل سرطان المهبل، القناة الشرجية، العضو الذكرى، بل وبعض سرطانات الرأس والرقبة.

وتأتى حملة «من بدرى أمان» ضمن حملات الدولة لتعزيز الوعى الصحى، وتمكين المرأة من أدوات الوقاية والكشف المبكر، وتحرص الحملة على تقديم التوعية داخل المدارس والجامعات ومراكز الشباب، عبر فرق طبية متخصصة.

وعلى الرغم من تأكيدات وزارة الصحة أن التطعيم آمن وفعّال، ويوصى به للبنات والأولاد أيضا من سن 9 إلى 15 عامًا فى شكل جرعتين، ولمن هن فوق هذه السن أو أصحاب المناعة الضعيفة فى ثلاث جرعات، موصية بإجراء فحص دورى كل 3 سنوات للسيدات حتى سن 50، ثم كل 5 سنوات حتى 65 عامًا، إلا أن حملات التشكيك استهدفت هذه المبادرة حول مدى فاعلية التطعيم لتشتعل التخوفات فى قلوب الكثيرات، بينما يرى آخرون أنها خطوة مهمة فى إطار حرص الدولة على دعم جهود الحماية والآمان للحفاظ على فتيات مصر من خطر الإصابة بالسرطان مستقبلًا.

وطرح البعض تساؤلات عن سبب عدم التطعيم فى سن مبكرة؟ وهل هناك ما يبرر إدراجه ضمن التطعيمات الأساسية؟ وهل يستحق هذا القدر من التركيز والاهتمام.

يذكر أن فيروس الورم الحليمى البشرى (HPV) هو المسبب الرئيسى لسرطان عنق الرحم، حيث يُعزى إليه حوالى 99% من الحالات، وفقًا لوزارة الصحة والسكان.

وسرطان عنق الرحم يعد رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم، ويُقدر عدد الحالات الجديدة بنحو 604,000 حالة فى عام 2020. فى مصر، يتم تشخيص حوالى 1320 امرأة بسرطان عنق الرحم سنويًا، ويموت حوالى 744 امرأة بسببه، وفقًا لتقارير مركز معلومات فيروس الورم الحليمى البشرى.

وتشير التقديرات إلى أن جميع النساء فى مصر ممن تتراوح أعمارهن بين 15 عامًا فأكثر (حوالى 36.7 مليون امرأة) معرضه لخطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.

ورغم هذه الأرقام الخطيرة إلا أن انتشار أنباء عن وجود هذا التطعيم أثارت مخاوف كثيرة وحالة من الجدل بين المصريين ننقلها فى السطور التالية

أصوات اختارت الحماية

بسمة موظفة وأم لطفلين، تعلق قائلة: أنا أول مرة أسمع عن التطعيم ده من بوست على الفيسبوك. بصراحة خفت وقلت مش هينفع أدى بنتى حاجة لسه مش معروفة. بس لما دورت وسألت دكاترة، اكتشفت أن التطعيم ده متاح من سنين فى دول كتير، وإنه ممكن يمنع عن بنتى حاجة خطيرة زى السرطان، وده شجعنى أروح وأديه لبنتى وأحميها.

مها ربة منزل تحكى تجربتها قائلة: «أختى الكبيرة جالها سرطان عنق الرحم، وكانت فى سن صغيرة. مكنش حد فى العيلة يعرف إن فيه فيروس اسمه HPV ولا إن فى تطعيم بيمنعه. شفنا أيام صعبة جدًا فى علاجها، من كيماوى لعمليات، لحد ما فقدت القدرة على الإنجاب».

وأضافت لما سمعت عن التطعيم، كنت أول واحدة فى العيلة تاخد بنتى وتروح تسأل. الدكتورة قالتلى إن أفضل سن ليه من 9 لـ15، وإنه آمن جدًا. ساعتها حسيت إن ربنا بيدينى فرصة أعوض اللى حصل مع أختي».

وتتابع: الناس حواليا استغربوا وسألوني: بتدى بنتك تطعيم ضد مرض له علاقة بالحياة الزوجية؟! بس أنا بقيت مش بس بديها التطعيم، أنا كمان بتكلم عنه لكل واحدة أعرفها، عشان ماحدش يعيش اللى عشناه».

تخوفات ودعوات للهروب

 تخوفات كثيرة تحيط بالتطعيم الجديد، دفعت البعض للهروب منه بسبب التشكيك فى آمان التطعيم.

ترى منى ربة منزل وأم لبنتين «أنا سمعت إن التطعيم ده ليه علاقة بالحياة الزوجية، وده خلانى أتردد. ليه أدى بنتى تطعيم عن حاجة هى لسه صغيرة عليها؟! وبصراحة خفت من الآثار الجانبية، خصوصًا مع الكلام الكتير اللى بيتقال على النت إنه ممكن يسبب مشاكل على المدى البعيد».

وكذلك سهى تتساءل عن التطعيم قائلة: « هم عايزين يطعموا بناتنا من سن 9 سنين ليه؟! فين المنطق؟! ده مش تطعيم، ده اسمه تعقيم مبكر، أو زى ما بيقولوا: معًا لتعقيم البنات!»

7أنواع من السرطان

الدكتورة هالة عدلى حسين 
الدكتورة هالة عدلى حسين 

وفى المقابل كان للأطباء رأى آخر حيث شددوا على ضرورة التطعيم من هذا الفيروس الذى لا يصيب النساء فقط، بحسب الدكتورة هالة عدلى حسين رئيسة الشركة المصرية لخدمات الدم فاكسيرا سابقا، والتى أكدت أن فيروس HPV يرتبط بظهور 7 أنواع من السرطان، من بينها سرطان القناة المهبلية وسرطانات الرأس والرقبة، وحتى العضو الذكرى فى الرجال».

وأضافت أن الوقاية تبدأ من سن مبكرة، والتطعيم فى سن 9 إلى 15 عامًا يمنح الجسم قدرة مناعية قوية، لأنه يُعطى قبل التعرض للفيروس. وهو لا يغنى عن الفحص الدورى، فالمسحة المهبلية تظل ضرورية بعد الزواج للكشف عن أى تغيرات خلوية مبكرة».

وأشارت إلى أن الفيروس غالبًا ما يكون صامتًا فى بدايته، ولا تظهر أعراض على المصاب إلا فى مراحل متأخرة. وبعض الأنواع تؤدى إلى الثآليل التناسلية أو التهابات مزمنة يصعب علاجها، وقد تستمر لسنوات، بينما الأنواع عالية الخطورة تؤدى إلى تغيرات فى خلايا عنق الرحم، تتطور تدريجيًا إلى سرطان إن لم تُكتشف مبكرًا.

واختتمت الدكتورة هالة حديثها بالتأكيد على أن «التطعيم يمثل خط الدفاع الأول ضد أحد أكثر أنواع السرطان انتشارًا وخطورة، والمجتمع بحاجة لتغيير ثقافته تجاه اللقاحات الوقائية، خاصة حين تكون الوقاية ممكنة وآمنة

خطوة هامة

الدكتور وجدى جرجس
الدكتور وجدى جرجس

واستكمل الحديث الدكتور وجدى جرجس، استشارى الأطفال وحديثى الولادة، وأوضح أن تطعيم فيروس الورم الحليمى البشرى (HPV) يعد خطوة مهمة فى حماية البنات من مخاطر صحية جسيمة قد تظهر فى مراحل لاحقة من حياتهن، وفى مقدمتها سرطان عنق الرحم والمهبل والشرج، مضيفًا أن السن الأنسب للحصول على التطعيم يتراوح ما بين 9 إلى 14 عامًا، وهو عبارة عن حقنة بالعضل تأخذ كجرعتين قبل عمر ١٥ عامًا، وتفصل بينهما فترة تتراوح بين ٦ أشهر و١٢ شهر أما الاكبر من ١٥ سنة فيأخذ ٣ جرعات تعطى خلال ٦ أشهر، حيث يُحقق أعلى فعالية قبل التعرض للفيروس.

وأكد على أن التطعيم آمن تمامًا، ومعتمد من الجهات الصحية الدولية، ولا يسبب أى أعراض خطيرة، والأعراض الجانبية، إن حدثت غالبًا ما تكون بسيطة ومؤقتة، مثل احمرار أو تورم خفيف فى موضع الحقن، أو ارتفاع بسيط فى درجة الحرارة، أو غثيان مثل باقى التطعيمات العادية».

وأشار إلى أن الفيروس لا يُصيب البنات فقط، بل قد يُسبب مشكلات صحية للأولاد أيضًا، تشمل الثآليل التناسلية وأنواع أخرى من السرطان مثل سرطان الأعضاء التناسليه والشرج، مشيرًا إلى أن بعض الدول أصبحت تدرج الأولاد ضمن الفئات المستهدفة بالتطعيم.

واختتم الدكتور وجدى جرجس حديثه قائلًا: الوعى المجتمعى الصحى مازال ضعيفًا تجاه هذا النوع من الوقاية، لكن التطعيم خطوة ضرورية، وأتمنى أن يتم إدراجه ضمن جدول التطعيمات الأساسية لحماية الأجيال القادمة من أمراض يمكن تفاديها بسهولة».

مرض صامت.. ومضاعفات مزعجة

الدكتور أمجد عبد الحميد الحداد
الدكتور أمجد عبد الحميد الحداد

ويؤكد الدكتور أمجد عبد الحميد الحداد، استشارى الحساسية والمناعة، أن تطعيم فيروس الورم الحليمى البشرى (HPV) يُعد من التطعيمات الضرورية والهامة، خاصة فى ظل التزايد الملحوظ فى حالات الإصابة به داخل مصر.

ويضيف نحن نشهد ارتفاعًا واضحًا فى نسب الإصابة بأمراض المناعة الصامتة، وكذلك بسرطان عنق الرحم، الذى يُعد من أخطر مضاعفات فيروس HPV. لكن الفيروس لا يسبب السرطان فقط، بل يؤدى أيضًا إلى عدوى تناسلية متكررة، وانتشار الثآليل والزوائد الجلدية فى المناطق الحساسة، وهى مشكلات صحية تؤثر بشدة على جودة حياة المصابات».

ويشير إلى أن التطعيم ضد الفيروس أصبح متاحًا ضمن بعض حملات وزارة الصحة، حيث يتم تقديمه بالمجان فى بعض الفئات، وهو ما يعد خطوة إيجابية نحو التوعية والتوسع فى الوقاية.

ويختم قائلًا من الضرورى أن يتم إدراج تطعيم HPV ضمن جدول التطعيمات الإجبارية فى مصر، لحماية الفتيات فى سن مبكر، خصوصًا مع استمرار ارتفاع نسب الإصابة بهذا الفيروس الخطير، الذى يمكن الوقاية منه بسهولة عبر التطعيم المبكر.