قطوف
ثأر الحب
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم"

قلبها ينبض بشدة، تحاول أن تهدئ من روعها كي لا يسمعها. تجري على أرض جدباء وفوقها شمس حارقة تلمع على جبينها حبيبات العرق. تهرول لتصل للضفة الأخرى من السكة الحديدية، كادت تدهسها عجلات القطار.
يبحث عنها ذلك الشيطان الآدمي بعينين حمراوين وبنيان قوي ورِجل عرجاء قليلا. ينتظر هذا القطار اللعين الذي حال بينه وبينها حتى مضى القطار ووصل للجانب الآخر فلم يجدها. ينظر هنا وهناك كالمجنون ثم يقع على الأرض مغشيا عليه.
ـ ماذا فعلت هل قتلته؟!
تبكي ونبض قلبها كاد يمزق صدرها من شدة ما مرت به، لا تعلم كيف قامت بضربه بهذه الحديدة التي كانت موجودة خلف الجدار الهش حين أختبأت خلفه. كيف جاءت بهذه الشجاعة عندما ضربته؟!
مرّ في ذهنها حبيبها "زين"، بإمكانها الذهاب إليه؛ ليساعدها. هو من أخذ من اسمه الكثير، فكان زينة حياتها، بل لم تكن حياتها شيئا بدونه، فالكون يبتسم مع ابتسامته والهواء يرقص مع نغمات ضحكاته كما تتراقص أوتار قلبها.
تسير في طريق طويل لتصل لهذا المكان، الشمس تودعه والهدوء يسيطر عليه كعادته. فكانت لا تدب فيه قدم إلا أقدام الأحبة، يقفون هنا وهناك. المكان لا يزدحم ويضج إلا عندما يزف إليه عريس أو عروسة جديدة. المساكن هنا شديدة الالتصاق، يحمل كل مسكن اسم صاحبه. تقف أمام مسكنه، لا تبكي كعادتها ولا تتكلم ولا تزعج السكان بكلامها. وإن عجز لسانها عن الكلام فلن تعجز دقات قلبها، تدق كأنها تطرق أبواب الموت لتنبئه بثأرها لحبهما.