رحيق مختوم
زلزال ممدانى
بينما كان العالم مشغولا بمتابعة أخبار الحرب الإسرائيلية الإيرانية كان هناك زلزال سياسى يهز قواعد النخبة بعنف ويحطم كل المسلمات الأمريكية بترشح أول مسلم لمنصب عمدة نيويورك، للأسف لم يأخذ هذا الخبر المهم حقه فى التغطية الإعلامية العربية لأسباب يطول شرحها.
ولد زهران محمود ممدانى 1991 فى كمبالا ثم انتقل مع عائلته إلى نيويورك فى سن السابعة والداه هما محمود ممدانى أكاديمى هندى بارز فى جامعة كولومبيا وأمه ميرا ناير مخرجة أفلام مشهورة مثل «ميسيسيبى ماسالا» ومتزوج من فنانة تشكيلية سورية تعيش فى بروكلين وهى راما دواجى تعرف عليها عبر تطبيق المواعدة «هينج» اشتهر أيضًا بمشاركته فى موسيقى الراب تحت اسم «السيد هيل» تأثر «ممدانى» بتجربة والده الفكرية، ليوجه الشاب التقدمى بوصلته نحو قضايا المهمشين مما انعكس على مساره المهنى فقد عمل مستشارًا للإسكان حيث ساعد الأسر الفقيرة فى مواجهة الإخلاء فى منطقة كوينز، فقبل أشهر قليلة لم يكن معروفا لكنه الآن أصبح يمثل الوجه الجديد لليسار الأمريكى حيث وعد سكان نيويورك الذين يعانى ربعهم من فقر مدقع لدرجة أن هناك 500 ألف طفل ينامون يوميا بدون وجبة العشاء، حيث يرتكز برنامجه الانتخابى على تحمل تكاليف المعيشة وتعزيز القدرة الشرائية من خلال زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 30$ فى الساعة بحلول 2030 وبناء مساكن منخفضة التكلفة مع تجميد الإيجارات الحالية وجعل المواصلات العامة مجانية. ودوليًا ينتقد «ممدانى» إسرائيل بشراسة، ويدعم حركة المقاطعة (BDS)، كما أنه وعد باعتقال نتنياهو إذا زار نيويورك. هذه الأفكار الطوباوية جعلته يحقق فى يونيو الماضى مفاجأة مدوية بعدما تغلب على الحاكم السابق أندرو كومو بنسبة 43% مقابل 36%، فمواقفه الشجاعة جعلته فى مرمى النار حيث يصفه جيمى ديمون الرئيس التنفيذى لـ جئ بى مورجان بأن شعارات حملته مجرد عبارات أيديولوجية فارغة لا علاقة لها بالواقع العملى وأنه أقرب إلى الماركسية منه إلى الاشتراكية، بالاضافة إلى اتهامات اللوبى الصهيونى له بمعاداة السامية وأصبح مصدر قلق لترامب الذى قال عنه إنه شيوعى مجنون يريد تدمير نيويورك فرد عليه «ممدانى» بأنه أسوء كابوس لترامب، هنالك حملة يقودها كبار رجال الأعمال لجمع 100 مليون دولار تحت مسمى صندوق الحرب من أجل دعم العمدة الحالى الفاسد اريك آدامز، وبالرغم من كل هذا الهجوم الشرس يحظى «ممدانى» بتأييد شعبى واسع وشخصيات يسارية بارزة مثل بيرنى ساندرز وألكساندريا أوكاسيو.
«ممدانى» شخصية مثيرة للجدل والإعجاب فى نفس الوقت، فهو يجمع بين الهوية المسلمة والخطاب التقدمى، وإذا فاز فى نوفمبر القادم سيكون أول مسلم وأصغر شخص يتولى المنصب منذ 1917.