بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الصميم

مصر.. الحصن المنيع أمام تصفية القضية الفلسطينية

لم تكن فلسطين يومًا مجرد قطعة أرض يتنازع عليها الطامعون، أو قضية هامشية تتاجر بها الأنظمة لتحقيق مصالح ضيقة، بل هى رمز للهوية العربية والجراح المفتوحة للأمة، التى تختزل فى مأساة شعبها الأبعاد التاريخية والإنسانية للصراع الممتد مع الاحتلال. 
ومن بين فصول هذا الصراع الطويل، تبدو غزة اليوم وكأنها السطر الأخير فى قصة الصمود الفلسطينى أمام مشروع إسرائيلى لا يهدأ ولا يتراجع، مشروع يستهدف انتزاع الأرض وطمس الإنسان.
قطاع غزة، الذى تحول إلى حصن مقاومة لا يتهاوى رغم الحصار القاسى والحروب المتتالية، يجد نفسه الآن فى مواجهة قرار إسرائيلى جديد يحمل أبعادًا خطيرة.
اعتمد مجلس الوزراء الإسرائيلى المصغر خطوات تجاه ضم غزة، وهى محاولة ممنهجة لإزالة العقبات أمام خطط توسيع الاحتلال وإخراج القطاع من معادلة الصراع عبر تغييرات ديموغرافية قسرية، قد تصل إلى التهجير الجماعى.
ما تسعى إليه إسرائيل تحت غطاء «الأمن» وادعاء «مكافحة الإرهاب» ليس إلا تأسيس واقع مشوه يصب فى خدمة مشروعها الاستعمارى الأكبر؛ أرض بلا شعب لاحتلال بلا قيود.
وفى ظل هذه المخططات التى تحمل فى طياتها البعد الاستراتيجى لمشروع تصفية القضية الفلسطينية، يبرز الدور المصرى كحائط صلب يمنع تفكك البعد العربى للقضية.
مصر، التى دفعت أثمانًا غالية فى سبيل تحرير أراضيها وحماية أشقائها العرب على مدار العقود، ترفض رفضًا قاطعًا أى محاولات لتهجير الفلسطينيين وتمكين الاحتلال من فرض سيطرته الكاملة على غزة، ليس فقط بدافع الواجب الأخلاقى والقومى تجاه الشعب الفلسطيني، ولكن أيضًا لحماية أمنها القومى المهدد بمثل هذه التحركات.
التهجير القسرى للفلسطينيين لا يعتبر فقط جريمة إنسانية بحقهم، بل يفتح أبوابًا للفوضى وزعزعة الاستقرار فى المنطقة بأسرها. 
لن تقبل مصر أن تكون سيناء منفذًا لمخططات الاحتلال أو مسرحًا لتصفية القضية الفلسطينية، وهذا ما تؤكده مواقفها التاريخية الممتدة منذ النضال الوطنى فى مواجهة الاستعمار وحتى اليوم. 
القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر ليست قضية شعب بعيد، بل تعد ضلعًا من الضمير الوطنى الأصيل وجزءًا من معركة كبرى للحفاظ على الهوية والسيادة.
وبينما تعمدت إسرائيل استغلال الانقسام العربى والضعف الدولى لتمرير قراراتها المستفزة، يثبت الموقف المصرى مرارًا أنه لا يزال هناك من يقف أمام أطماع المحتل ويمسك بزمام الشرف العربى الذى بدأ يتآكل تحت ضغط التطبيع والاستسلام. 
ما يجرى اليوم فى غزة ليس مجرد شأن داخلى فلسطيني؛ يكون للخلاص منه شأن فلسطيني، بل هو نداء للأمة جمعاء؛ نداء لكل دولة تواجه التهديدات الطامعة بمصادر قوتها المتمثلة فى الإنسان والأرض.
المعركة ليست مجرد معركة حدود جغرافية أو نزاع حول منطقة صغيرة، لكنها معركة العدالة أمام أطماع القوى الكبرى التى اختارت الاحتلال والتشريد أداة لتحقيق مصالحها.
فى هذه اللحظة المفصلية، على العرب حكومات وشعوبًا أن يتخذوا موقفًا واضحًا. القضية الفلسطينية كانت دائمًا محك الاختبار الذى يكشف صلابة الشعوب وإرادة الدول.
غزة ليست فقط محطة فى طريق الفلسطينى للصمود، لكنها نقطة ارتكاز لكل عربى يؤمن بقيم الحرية والكرامة والسيادة، إذ إن ما يحدث هناك قد يكون إنذارًا لما قد ينتظر الأمة بأسرها إذا ما استسلمت للواقع المشوه الذى يريد الاحتلال فرضه دون رادع.
[email protected]