بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لفت نظر

أشوفك بخير يا باشا

العنوان أعلاه ليس من عندي ولكنني لم أجد أروع منه لأفتتح به كلامي فى الذكرى ٢٥ على رحيل فؤاد سراج. العنوان كان لمقال كتبه الراحل الكبير الأستاذ صلاح عيسى فى جريدة الوفد فى صبيحة يوم وفاة الباشا وحكى فيه يومياته مع مؤسس حزب الوفد الجديد فى السجن. والحقيقة كان مقالًا بديعًا ضمنه بعد ذلك الأستاذ صلاح بين دفتي كتابه_ المبهر كعادته _ «رجال لها تاريخ»، وعندما أقلب فى صفحات الذاكرة وتحديدًا قبل ربع قرن على رحيل فؤاد باشا سراج الدين وأسرح فى معايشتي لفترة الزعيم والمؤسس للوفد الجديد بشهور وكنت وقتها حديث العهد بجريدة الوفد، لم أشاهد الباشا كثيرًا سوى مرتين، فكانت إحداهما لحظة عابرة وأخرى استثنائية تزامن توقيتها مع حضور لافت للباشا فى الاحتفال السنوي لعيد الجهاد، وهو آخر عيد جهاد حضره الراحل الكبير.
كُلفت وهذا من حسن الحظ من قبل رئيس قسم التحقيقات وقتها الأستاذ سيد عبدالعاطي بتغطية وكتابة كلمة فؤاد سراج الدين أذهلني الرجل.. الخطاب يلقيه بالعامية وكأنها الفصحى ولا يحتاج لصياغة، وكل جملة فى الخطاب تصلح عنوانا.
كان الباشا شخصية استثنائية فى كل شيء.. الحزب والجريدة يسيران مثل عقارب الساعة فى تناغم غير طبيعي، وكان يقال وقتها إن الباشا يدير الحزب والجريدة من غرفة نومه، وكانت تلك المقولة حقيقية. 
وعلى عكس ما كان البعض يعتقد أن فؤاد سراج الدين رجل مغرور أو متكبر كان الباشا قمة فى التواضع والرقي، وكنا نحن فى جريدة الوفد نشعر بنسائم الحرية التي وضعها فى المكان لدرجة أننا كنا نترك الجريدة فى وقت متأخر جدًا ونعمل بحب شديد.
الرجل كان يخلق المناخ ويضع كل مدير فى مكانه الصحيح، ونجح فى بناء حزب سياسي أعاده إلى الحياة وصنع عوامل نجاحه واستمراره التي نراها حتى الآن.
الباشا رغم ليبراليته الخالصة وعدم ميله إلى الصدام المباشر وتفضيل السياسة دائما لتحقيق الأهداف الوطنية، رغم كل ذلك كان مزعجًا للسلطة حتى فى يوم جنازته التي ملأت الآفاق، فكانت كارثة الاعتداء على المشيعين بعد خروج نعشه من عمر مكرم وهو ما عرف وقتها بموقعة سيمون بوليفار، المكان الذي تم فيه الاعتداء وهو الميدان الشهير المجاور لمسجد عمر مكرم، وقد شهدت بنفسي كيف لم تتحمل السلطة وقتها كل هذه المحبة لفؤاد سراج الدين.
رحم الله فؤاد سراج الدين الباشا لقبًا وأخلاقًا وسياسة.

[email protected]