بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

من الجامعة العربية إلى بكين ..إدانة عربية ودولية لخطة إسرائيلية لإعادة احتلال غزة وتهجير سكانها

خاص.. نضال أبو زيد يكشف انقسامات الاحتلال ومأزق نتنياهو وتفاصيل احتلال غزة

الخبير العسكري والسياسي
الخبير العسكري والسياسي الأردني نضال أبو زيد في تصريحات لـ"ا

اندلعت موجة غضب وإدانة دولية عارمة، عقب الإعلان عن مصادقة مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر على خطة خطيرة تهدف إلى "إعادة احتلال" قطاع غزة بالكامل وتهجير سكانه. 

وكشف الخبير العسكري والسياسي الأردني نضال أبو زيد في تصريحات لـ"الوفد" أن العملية العسكرية الإسرائيلية الجديدة ليست سوى اعتراف صارخ بفشل كل العمليات السابقة، فيما يحذر من كوارث استراتيجية تنتظر جيش الاحتلال المنهك.

وجاءت ردود الفعل من أطراف عربية وإسلامية ودولية ومنظمات حقوقية، متحدة في وصف الخطة بأنها جريمة حرب وجزء من مسلسل إبادة مستمر، ومحذرة من كوارث إنسانية غير مسبوقة.

في أشد العبارات، رفض أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخطط الإسرائيلية المعلنة، واصفًا إياها بأنها "انعكاس حقيقي للنوايا والأهداف الإسرائيلية منذ بداية الحرب".

 وأكد أبو الغيط، عبر متحدث رسمي ، أن هذه الخطط تهدف إلى "إعادة احتلال القطاع بالكامل وطرد أكبر عدد ممكن من سكانه"، وهو ما يرفضه الجانب العربي رفضًا قاطعًا وشاملًا. وشدد على أن حكومة الاحتلال "باتت غير مدركة لقدر العزلة الدولية" التي تواجهها بسبب "إمعانها في حرب الإبادة"، متهمًا أقطابها بالانقياد وراء "أيديولوجيات بالغة التطرف" أو "مصالح ذاتية ضيقة".وأنهم لا يعبأون حتى بمصير الرهائن الإسرائيليين في القطاع.

ردًا على الخطوة الإسرائيلية الخطيرة، دعت فلسطين إلى عقد اجتماعات طارئة لكل من منظمة التعاون الإسلامي و مجلس جامعة الدول العربية لتنسيق موقف عربي وإسلامي ودولي موحد يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان. و أعلنت فلسطين عن توجهها الفوري إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تحرك عاجل وملزم لوقف هذه الجرائم. وناشدت فلسطين بشكل خاص الرئيس الأمريكي بالتدخل لوقف تنفيذ هذه القرارات.

انضم إلى موجة الإدانة المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي أكد أن القرار الإسرائيلي بشأن غزة "مخالف بوضوح لقرار محكمة العدل الدولية" الذي يوجب على إسرائيل وضع حد لاحتلالها، داعيًا إلى "وقف خطة الحكومة الإسرائيلية للسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة فورًا". كما أعربت الصين عن "مخاوف جدية" بشأن الخطة الإسرائيلية للسيطرة على غزة، ودعت بكين عبر الخارجية إلى "وقف أعمالها الخطرة فورا".

في تحليل عسكري-سياسي لـ" الوفد"، كشف الخبير الأردني نضال أبو زيد عن أبعاد الأزمة العميقة داخل المؤسسة الإسرائيلية تجاه غزة. وأكد أن توقيت إطلاق العملية العسكرية الأخيرة يعد مؤشر فشل صارخ لكل العمليات السابقة، مستندًا إلى تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه التي أقرّت بفشل جميع الحملات في تحقيق أهدافها.  

أوضح أبو زيد أن الاحتلال، بعد أكثر من ٦٧٠ يومًا من القتال عبر ثلاث عمليات رئيسية تشمل "سيوف حديدية" و"خطة الجنرالات" و"عربات جدعون"، بالإضافة إلى ٤٠ معركة كبرى في غزة، لم يحقق أيًّا من أهدافه الاستراتيجية المعلنة. وأشار إلى أن إسرائيل فشلت في القضاء على المقاومة، أو تحرير الأسرى بالقوة، أو تجريد المقاومة من سلاحها، ووصف هذا الإخفاق بأنه انهيار للاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.  

كشف الخبير أن اجتماع الكابينت الذي استمر ١٠ ساعات كشف عن انقسام حاد بين المستويين السياسي والعسكري. فبينما يدفع نتنياهو باتجاه ما وصفه بـ"الخيار الأخير" المتمثل في احتلال غزة كاملًا، يواجه رفضًا عسكريًا صريحًا. وأشار أبو زيد إلى وجود "تراشق إعلامي" بين الطرفين، حيث يدرك العسكريون مخاطر العملية بسبب الاستنزاف الشديد للقدرات القتالية بعد عامين من الحرب، وقرارات رئيس الأركان إيال زامير الجريئة التي شملت تسريح ٣٠٪ من قوات الاحتياط، ووقف تمديد الخدمة الإلزامية، وسحب وحدات رئيسية مثل الفرقة المظليين ٩٨ من غزة. كما سلط الضوء على عجز الجيش عن توفير الموارد المالية واللوجستية لمعركة جديدة.  

وكشف أبو زيد المخطط الذي يسعي له إسرائيل لاحتلال غزة ، قائلا :" رغم الضغوط السياسية، فإن الجيش غير قادر على تنفيذ الاحتلال الكامل بشكل فوري. ولهذا اتخذ ما أسماه "خيارًا وسطيًا" يتمثل في احتلال تدريجي يبدأ بغزة المدينة (مساحة ٥٤ كم²) بقيادة فرقة المدرعات ١٦٢ من حي التفاح، لافتا ان التوقيت المطلوب لتنفيذ الخطة (٤-٥ أشهر) يعتبر مدة طويلة جدًا لقوات منهكة، خاصة في مناطق لم تدخلها من قبل. وشدد على أن "كل الخيارات استنفدت"، مؤكدًا أن احتلال غزة – حتى لو كان مرحليًا – يمثل مغامرة مجهولة العواقب في ظل انسداد الأفق العسكري والدبلوماسي.  

 وأوضح المحلل العسكري أن التلاعب بمصطلح "احتلال" له أسباب ثلاثية الأبعاد: قانونية لتجنب تبعات الاحتلال الكامل تحت القانون الدولي، وأيديولوجية لتمسك نتنياهو بغزة كـ"أرض محتلة"، وعسكرية لإخفاء عجز الجيش عن السيطرة الشاملة.  

وفي تطور ذي دلالة، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية (القناة 13) عن تحذيرات خطيرة وجهها رئيس أركان جيش الاحتلال خلال اجتماع الكابينت. وحسب التقرير، حذر رئيس الأركان من أنه "لا يمكن توفير استجابة إنسانية لمليون شخص سنقوم بترحيلهم من غزة"، واضطر لقول شيء جوهري للحكومة: "إن كنتم مصرين على المضي في هذا المسار فعليكم شطب هدف استعادة الأسرى من قائمة أهداف الحرب"، في إشارة صارخة إلى استحالة تحقيق الأهداف الإنسانية مع تنفيذ مثل هذه الخطة الكارثية.

تضع الخطة الإسرائيلية المعلنة لإعادة احتلال غزة وتهجير سكانها المنطقة على شفا انفجار جديد. كما تشير التحذيرات الداخلية في إسرائيل نفسها إلى كارثة إنسانية وشيكة لا يمكن احتواؤها إذا ما تم المضي قدمًا في هذا المسار. الأنظار تتجه الآن إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي لمعرفة ما إذا ستترجم الإدانات إلى إجراءات فعلية ملزمة لوقف هذا التصعيد الخطير.