رسوم ترامب الجمركية تدخل حيز التنفيذ وسط ضغوط على الحلفاء.. ومهلة أخيرة قبل التصعيد الشامل

دخلت رسوم جمركية جديدة فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أكثر من 90 دولة حول العالم حيز التنفيذ، فى إطار حملة تهدف إلى إعادة تشكيل النظام التجاري الدولي الذي يعتبره ترامب «غير عادل» تجاه الولايات المتحدة. وقبل حلول الموعد النهائي لتوقيع اتفاقيات تجارية تُجنّب الدول هذه الرسوم، كتب ترامب على منصته Truth Social أن «مليارات الدولارات تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة» بفضل هذه السياسة.
من بين أبرز الخطوات التصعيدية، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 50% على واردات الهند، مشيرًا إلى أنها ستدخل حيز التنفيذ فى 27 أغسطس ما لم تتوقف نيودلهي عن استيراد النفط الروسي. وفى خطوة أكثر حدة، هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم بنسبة 100% على رقائق الكمبيوتر المُنتَجة خارج الولايات المتحدة، فى مسعى واضح لدفع شركات التكنولوجيا إلى إعادة توطين استثماراتها داخل الأراضي الأمريكية.
وتزامن هذا التهديد مع إعلان شركة أبل عن استثمار جديد بقيمة 100 مليار دولار فى السوق الأمريكية، وهو ما فُسّر على نطاق واسع بأنه نتيجة مباشرة للضغوط المتزايدة من البيت الأبيض.
وفى إطار التصعيد المتواصل، أعلنت إدارة ترامب مؤخرًا عن قائمة منقحة للضرائب المفروضة على الواردات من عشرات الشركاء التجاريين، مع تمديد المهلة الممنوحة للدول للتوصل إلى صفقات حتى السابع من أغسطس. وتكثفت جهود العواصم لإبرام اتفاقيات تسمح لها بتفادي ما يصفه ترامب بـ«الرسوم المتبادلة».
وكانت الاقتصادات الآسيوية المعتمدة على التصدير، مثل لاوس وميانمار، الأكثر تضررًا، حيث فرضت واشنطن عليها رسومًا وصلت إلى 40%. واعتبر محللون أن هذه الخطوة استهدفت بالأساس دولًا لها علاقات تجارية وثيقة مع الصين.
وعلى الرغم من هذه التحركات الصارمة، بدت أسواق الأسهم الآسيوية متماسكة. فقد سجلت مؤشرات الأسهم فى اليابان وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية والصين القارية ارتفاعات طفيفة، فى حين شهدت أسواق الهند وأستراليا تراجعًا.
الخبير الاقتصادى بيرت هوفمان من الجامعة الوطنية فى سنغافورة رأى أن الحزمة الجديدة من الرسوم تشكل نوعًا من «الاستقرار» بعد شهور من الارتباك، معتبرا أن وضوح الموقف الأمريكي قد يمنح بعض الدول القدرة على التكيف. بحسب صحف عالمية.
وفى هذا السياق، توصلت بعض القوى الاقتصادية الكبرى مثل المملكة المتحدة، اليابان، وكوريا الجنوبية إلى اتفاقيات تتيح لها تفادي أقسى مستويات الرسوم الجمركية التى كانت مقررة منذ أبريل الماضي. أما الاتحاد الأوروبي، فقد أبرم اتفاقًا إطاريًا مع الولايات المتحدة، يتضمن فرض رسوم بنسبة 15% على واردات من التكتل، فى مقابل إعفاءات محددة.
فى المقابل، تعقدت المفاوضات مع دول أخرى مثل سويسرا، التى أعلنت عن اجتماع استثنائي بعد فشل محادثاتها مع واشنطن. وتواجه سويسرا واحدة من أعلى الرسوم الجمركية المفروضة، بنسبة 39%، وهو ما يهدد اقتصادها المعتمد على التصدير.
تايوان، الحليف الأمني والسياسي القوي للولايات المتحدة، فرضت عليها واشنطن رسومًا بنسبة 20%. ورغم ذلك، وصف رئيسها لاى تشينغ تي هذه الإجراءات بأنها «مؤقتة»، مؤكدًا استمرار الحوار مع الجانب الأمريكي.
الضغوط طالت كندا أيضًا، حيث قررت إدارة ترامب رفع الرسوم من 25% إلى 35%، بحجة أن أوتاوا لم تتعاون بما فيه الكفاية فى وقف تدفق الفنتانيل والمخدرات إلى الولايات المتحدة. ورغم ذلك، فإن معظم الصادرات الكندية ستظل معفاة من الضرائب بسبب اتفاقية التجارة الثلاثية (USMCA).
وفيما يتعلق بصناعة الرقائق الإلكترونية، أعلن ترامب عن فرض رسوم بنسبة 100% على أشباه الموصلات المنتَجة خارج البلاد. غير أن شركات كبرى مثل TSMC التايوانية وSK Hynix وسامسونج الكوريتين، التي استثمرت مليارات الدولارات فى مصانع داخل الولايات المتحدة، أفلتت من هذه الإجراءات حتى الآن، بحسب تصريحات حكومية.
لم يصدر البيت الأبيض توضيحات رسمية حول تفاصيل الإعفاءات، فيما رفضت TSMC التعليق على الأمر، وأحجمت شركتا سامسونج وSK Hynix عن الرد المباشر.
التحرك الأمريكي تجاه الهند أثار جدلًا خاصًا، إذ وصفته الحكومة الهندية بأنه «غير عادل وغير مبرر»، مشيرة إلى نيتها «حماية مصالحها الوطنية» بكل الوسائل. وقال محلل الأسواق فى «إى تورو»، فرحان بادامي، إن هذه الإجراءات تمثل تحولًا جذريًا فى سياسة ترامب تجاه موسكو، وقد تُثير قلق دول أخرى لا تزال فى طور التفاوض مع واشنطن.
أما البرازيل، فقد فرضت عليها واشنطن رسومًا بنسبة 50% على صادراتها، فى أعقاب اتهامات ترامب للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالتحامل على شركات التكنولوجيا الأمريكية، وانتقاده لمحاكمة الرئيس السابق جايير بولسونارو باعتبارها «مطاردة سياسية».
من جهتها، تسعى الولايات المتحدة إلى تمديد فترة تعليق الرسوم الجمركية مع الصين لمدة 90 يومًا إضافية، قبل انتهاء المهلة الحالية فى 12 أغسطس، وسط محادثات مستمرة بين الطرفين.