بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الحومة

الأهرام جذور وشموخ

فى ديوان صاحبة الجلالة كانت الريادة لمصر فى الصحافة وبقى فيها هرم شاهدا ودليلا، وبطلب مفاده: «الجريدة الملتمس إنشاؤها فى مدينة الإسكندرية تحتوى على التلغرافات والمواد التجارية والعلمية والزراعية والمحلية وكذا من المقاصد طبع بعض الكتب كمقامات الحريرى وبعض ما يتعلق بالصرف والنحو واللغة والطب والرياضيات والأشياء التاريخية والحكم والنوادر والأشعار والقصص الأدبية وما على شاكلة ذلك من الأشياء الجايز طبعها بدون أن أتعرض للدخول مطلقا فى الأمور البولوتيقية وإذا وقعت منى مخالفة أو أجريت طبع شىء مما لا يجوز طبعه فإنى قابل ما يترتب على حسب قوانين المطبوعات كما أتعهد بأن كل ما يجرى طبعه أقدم نسختين لنظارة الخارجية الجليلة، وبما أن المطبعة المقتضى طبع الكتب المذكورة فيها كائنة بجهة المنشية بالإسكندرية وأنها مطبعة حروف تحت اسم مطبعة الأهرام توقيع سليم تقلا».

كان هذا خطاب الاخوين بشارة وسليم تقلا لنظارة الخارجية ووافق على هذا المطلب الخديو فى ٢٧ ديسمبر ١٨٧٥ وتم إصدار العدد الأول فى مثل هذا اليوم منذ مائة وخمسين عامًا فى الخامس من أغسطس ١٨٧٦ وهو تاريخ يتخطى نشأة العديد من الدول ولنا أن نفتخر ونخلد التاريخ المجيد الذى صنعه رجال عبر تلك السنين وصار صرحا تليدا للمعرفة والآداب وديوانا للمصريين فهو ملتقى افراحهم واحزانهم وهو مصدر الخبر الصحيح وعلى رأس اولئك الافذاذ الآباء الأوائل المؤسسين بشارة وسليم تقلا وما كان اسم الأهرام يوجد فى ذهن الاخوين عبثا بل لإيمانهما بأن هذا المشروع وجد ليبقى عبر الأزمان كالاهرامات صامدا فى وجه المتغيرات وليحاكى تلك المعجزة البشرية التى تعد من عجائب الدنيا السبع فكانت مدرسة الأهرام ومازالت عبر تاريخها الطويل بيت الحقيقة المجردة دون أي موالاة لأحزاب أو تيارات فكرية ولم يكن بنيانها الفكرى لافكار مؤسسيها بل استعانوا بالكتاب والمفكرين من كافة المشارب الفكرية وفتحت صفحاتها لتكون منارة اجتماعية وادبية وسياسية وفكرية وديوان للمصريين وكان سليم تقلا من اساطين الكتاب يمتلك قلمًا بديعًا بأسلوب رصين وبراق وجذاب ولهذا التف حولها المصريون منذ العدد الأول وقد ناصرت الزعيم مصطفى كامل وثورة ١٩١٩ وكان لها دور واضح وجلى فى تعزيز التبادل المعرفى والعروبى.

ولها موقف واضح ضد الاحتلال الإنجليزى فى مخططه لتمديد امتياز قناة السويس كما جاهرت برفضها إخراج الجيش المصرى من السودان فعوقبت بعدم الاصدار لشهر ولقد كان للأخوين تقلا نظرة مستقبلية فلقد قاما بالتحديث الدائم للمطابع بالتقنيات الحديثة مع إنشاء شبكة مراسلين فى أنحاء متفرقة حول العالم ولقد كانت الأهرام زاخرا بكبار الكتاب كالعقاد وأحمد أمين وفكرى أباظة ومطران ومحمد حسين هيكل وسلامة موسى وحافظ إبراهيم وأحمد شوقى والمنفلوطى وكانت الأهرام من دعائم وركائز النهضة الثقافية فى تلك الفترة المهمة فى تاريخ مصر الحديث وكان لجبرائيل باشا تقلا دور مهم فى ترسيخ المبادئ التى ارساها الآباء المؤسسون أن تكون الأهرام جريدة لجميع المصريين وليست جريدة حزبية أو موالية لسلطة واستمرت الأهرام على منهجيتها فى ضم كبار الكتاب فعين توفيق الحكيم مستشارا ثقافيا وضم إليه نجيب محفوظ ولويس عوض وبنت الشاطئ وعبدالرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس وفاروق جويدة وأضاف محمد حسنين هيكل لهذه الكوكبة بعدًا كبيرًا بإنشاء مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومركز الميكروفيلم ومركز الترجمة والنشر واصدر الأهرام العربى والأهرام الاقتصادى والاهرام المسائى والأهرام ويكلى والأهرام إبدو وأصبحت منارة فكرية تضئ الطريق وتنير العقول وهنيئا لكل من أسهم فى رسوخ وبقاء هذا الصرح الكبير واهنئ الكاتب الكبير عبد العظيم الباسل احد اعمدة الأهرام بمرور مائة وخمسين عاما على تأسيس جريدة الأهرام الغراء.