بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

المغرب وكأس أمم إفريقيا 2025.. من إرادة ملكية إلى العالمية

العاهل المغربي الملك
العاهل المغربي الملك محمد السادس

أنهت المملكة المغربية من وضع اللمسات النهائية لتنظيم بطولة كأس الأمم الأفريقية في ديسمبر 2025، وذلك بتوجيهات ورعاية ملكية من الملك محمد السادس الذي لا يدخر جهد في دعم المنظومة الرياضية بجميع أنواعها في أنحاء البلاد، وسوف تشهد إفريقا خلال البطولة ملاعب رياضية توازى الملاعب العالمية من جميع التجهيزات اللازمة.

وتحولت كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة إلى قصة نجاح عربية وإفريقية ملهمة، تستند إلى تخطيط محكم ورؤية استراتيجية قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس، وجعلت من المنتخب المغربي رمزا للتفوق والتميز على الساحة الدولية، وقد تجلت هذه الطفرة الرياضية بشكل لافت خلال مونديال قطر 2022، حين خطف "أسود الأطلس" الأضواء بوصولهم إلى نصف النهائي، واحتلالهم المركز الرابع، في إنجاز غير مسبوق عربيا وإفريقيا،  منح المغرب إشعاعا دوليا ومكانة مرموقة في الذاكرة الكروية العالمية.

 

هذا الإنجاز الاستثنائي لم يكن وليد المصادفة، بل جاء ثمرة سنوات من العمل والاستثمار في البنية التحتية، وتكوين الأطر، واكتشاف المواهب، فقد أولى الملك محمد السادس اهتماما بالغا بالرياضة منذ اعتلائه العرش، وجعل منها أداة تنموية واستراتيجية تعكس صورة المغرب الجديد، وقد جسدت "أكاديمية محمد السادس لكرة القدم" هذه الرؤية بوضوح، باعتبارها مشروعا ملكيا أطلق عام 2007، واعتبره الاتحاد الدولي لكرة القدم "جوهرة إفريقيا"، بالنظر إلى ما حققته من نتائج ملموسة على مستوى تكوين لاعبين محترفين يشكلون اليوم العمود الفقري للمنتخب الوطني، من أمثال عز الدين أوناحي، يوسف النصيري ونايف أكرد.

أكاديمية محمد السادس لكرة القدم
أكاديمية محمد السادس لكرة القدم


شيدت الأكاديمية، التي كلفت 16.8 مليون دولار، على مساحة حوالي 10 آلاف متر مربع، تضم مرافق رياضية وتعليمية وسكنية وفندقية بمعايير دولية، تجمع بين التدريب الرياضي والتعليم الأكاديمي، وتوفر مناخا متكاملا لتأهيل المواهب بين سن 12 و18 عاما، وقد أصبحت نموذجا يحتذى به في إفريقيا والعالم العربي في الجمع بين الاحتراف الرياضي والتكوين العلمي.

ورغم أن إنجاز قطر مثل ذروة المجد، إلا أن جذور النجاح المغربي تعود إلى عقود سابقة، حين تألق الجيل الذهبي في مونديال 1986 بالمكسيك، بوصوله إلى الدور الثاني، كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز، بفضل أسماء لامعة مثل بادو الزاكي، محمد التيمومي، عزيز بودربالة، ومصطفى الحداوي، واليوم، يواصل الجيل الجديد هذا المسار، لكن برؤية أوسع، وتطلعات عالمية، تجاوزت مجرد التمثيل المشرف إلى ملامسة قمة التنافس الدولي.

فوزي لقجع..  مهندس النهضة الرياضية

يعد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أحد أبرز مهندسي هذه النهضة، بشغفه الكبير ورؤيته الإدارية الحديثة، فقد دعم مشروع الأكاديمية، ونسج شراكات دولية، وركز على تطوير البنية التحتية والاهتمام بالفئات العمرية، ما ساهم في تحويل المغرب إلى مركز كروي إقليمي يحظى بثقة واحترام المؤسسات الرياضية الكبرى.

<strong>فوزي لقجع</strong>
فوزي لقجع


توظف المملكة المغربية اليوم كرة القدم كأداة من أدوات القوة الناعمة لتعزيز مكانتها على الصعيدين القاري والدولي، حيث فتحت الإنجازات الرياضية للمغرب أبواب تنظيم كبرى التظاهرات الرياضية، فبعد احتضان كأس أمم إفريقيا للسيدات 2022، وكأس الأمم الإفريقية لأقل من 23 عاما، وكأس العالم للأندية، يستعد المغرب لتنظيم كأس أمم إفريقيا 2025، إلى جانب تنظيم كأس العالم 2030 بشراكة ثلاثية مع إسبانيا والبرتغال، وهو ما يعكس ثقة غير مسبوقة في القدرات التنظيمية والبنية التحتية للمملكة.

 

وفي إطار هذه الاستعدادات، أطلق المغرب خطة شاملة لتأهيل وتجديد الملاعب الكبرى، في مدن مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأغادير، لتتلاءم مع المعايير الدولية الحديثة، كما يجري العمل على بناء ملعب جديد ضخم في مدينة بنسليمان، سيخصص لاحتضان مباريات كأس العالم 2030، ومن المنتظر أن يكون من بين الأفضل قاريا، وتشمل التحضيرات أيضا تطوير البنية الفندقية، وتعزيز شبكات النقل والمواصلات، لضمان تجربة متكاملة للجماهير والمنتخبات المشاركة.

لم تعد النهضة الكروية المغربية مجرد نجاح رياضي، بل أضحت تعبيرا عن تحول عميق في النهج التنموي المغربي، الذي يربط بين الرياضة والتعليم، بين الاستثمار والبنية التحتية، وبين الرؤية الوطنية والطموح العالمي، إنها قصة وطن آمن بقدرات شبابه، واستثمر فيهم، فكان له ما أراد، مكانة مرموقة في الخارطة الكروية العالمية، واحترام دولي يتزايد يوما بعد آخر.