بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ضغط أمريكى مكثف وتهديدات بعقوبات تجارية

زيارة ويتكوف إلى موسكو محاولة اللحظة الأخيرة

بوابة الوفد الإلكترونية

أجرى المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف أمس، محادثات مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى الكرملين، قبل يومين فقط من انتهاء المهلة التى حددها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمام موسكو للموافقة على اتفاق سلام ينهى حرب أوكرانيا المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، أو مواجهة حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية.

وصل ويتكوف إلى موسكو فى زيارته الخامسة لبوتين، فى مسعى لتحقيق تقدم حاسم فى جهود وقف الحرب التى بدأت مع الاجتياح الروسى الشامل لأوكرانيا. وبث التليفزيون الروسى الرسمى لقطات تُظهر لحظة مصافحته لبوتين عند بدء اللقاء.

وفى سياق تصعيد الضغط، لوح ترامب بفرض رسوم جمركية صارمة على الدول التى تستورد الصادرات الروسية، خصوصًا النفط والغاز. وتستهدف هذه التهديدات دولًا بعينها مثل الهند، إلى جانب الصين، باعتبارهما من أكبر مستوردى الطاقة الروسية. ورغم نفى الكرملين قانونية تلك التهديدات، فإن إدارة ترامب تبدو مصممة على استخدامها كورقة ضغط إضافية.

وتداولت وسائل إعلام من بينها وكالة بلومبرغ وموقع «ذا بيل» الروسى المستقل معلومات تفيد بأن موسكو قد تطرح اقتراحًا بوقف متبادل للضربات الجوية بين روسيا وأوكرانيا، وهو مقترح سبق وأشار إليه الرئيس البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو خلال لقائه الأخير مع بوتين. لكن مثل هذا التجميد الجزئى للعمليات لن يصل إلى مستوى وقف إطلاق النار الكامل الذى تطالب به واشنطن وكييف.

تأتى هذه التحركات فى ظل تصعيد عسكرى غير مسبوق، إذ شنت روسيا فى الأشهر الماضية أعنف غاراتها الجوية على العاصمة الأوكرانية منذ بدء الحرب، ما أسفر عن مقتل 72 شخصًا على الأقل فى كييف وحدها. ووصف ترامب هذه الهجمات مؤخرًا بأنها «مقززة». فى المقابل، كثفت أوكرانيا من ضرباتها على منشآت الطاقة الروسية، خاصة المصافى والمستودعات النفطية.

وبحسب تحليلات خبراء وفى ظل حالة الترقب الحاد، تبدو مهمة ويتكوف محفوفة بالفشل، مع غياب مؤشرات حقيقية على اختراق قريب. وبين تهديدات ترامب وخطوط بوتين الحمراء، يبقى مصير الحرب الأوكرانية معلقًا على معادلة معقدة، قد لا تحسمها زيارة واحدة.

وأكد أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكرانى، على ضرورة التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، ودعا عبر «تيليجرام» إلى عقد قمة قيادية لإنهاء النزاع، محمّلًا روسيا مسئولية إطالة أمد الحرب.

مصادر مطلعة فى موسكو أفادت بأن بوتين لا ينوى الرضوخ للمهلة الأمريكية، إذ يرى أنه يحقق تقدمًا فى الحرب، وأن أهدافه العسكرية ما زالت تتقدم على اعتبارات تحسين العلاقات مع الغرب. وفى هذا الإطار، قال المحلل النمساوى جيرهارد مانجوت، أحد الأكاديميين الغربيين الذين التقوا بوتين مرارًا فى السابق، إن زيارة ويتكوف تمثل «محاولة أخيرة لإيجاد مخرج يحفظ ماء وجه الطرفين»، لكنه استبعد التوصل إلى تسوية. 

وأشار مانغوت إلى أن موسكو ربما تظهر استعدادًا مشروطًا لوقف إطلاق النار، لكن وفق شروط حددتها منذ سنوات، لا تتماشى مع المطالب الأمريكية. كما أوضح أن ترامب سيكون مضطرًا لتنفيذ تهديده برفع الرسوم الجمركية على كل من يشترى موارد الطاقة من روسيا، بما فى ذلك اليورانيوم.

أما الكرملين، فوفق مصادر روسية، لا يعتقد أن جولة جديدة من العقوبات الأمريكية سيكون لها تأثير كبير، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من الإجراءات الغربية العقابية. ومع ذلك، يُدرك بوتين أن تجاهل الإنذار الأمريكى قد يفوت  فرصة نادرة لإعادة ضبط العلاقات مع واشنطن، إلا أن أولوياته الحربية تبقى أولوية قصوى.

من بين الشروط التى تصر عليها موسكو لتحقيق السلام، تعهد قانونى بعدم توسع حلف الناتو شرقًا، وضمان حياد أوكرانيا، وحماية المتحدثين بالروسية، والاعتراف بالمكاسب الإقليمية التى حققتها روسيا. وهى شروط ترفضها كييف تمامًا، إذ يؤكد الرئيس زيلينسكى أن بلاده لن تعترف أبدًا بسيادة روسيا على الأراضى التى احتلتها، وتحتفظ بحقها فى السعى للانضمام إلى الناتو.

ويشار إلى أن ويتكوف، رجل الأعمال الثرى الذى لا يملك أى خبرة دبلوماسية سابقة، انضم إلى فريق ترامب فى يناير الماضى، وكُلف منذ ذلك الحين بملفات بالغة التعقيد تشمل حربى أوكرانيا وغزة، إضافة إلى الملف النووى الإيرانى. وقد تعرض لانتقادات بسبب مواقفه التى بدت متماهية أحيانًا مع الخطاب الروسى، منها تصريحه فى مقابلة مع الصحفى تاكر كارلسون بأن روسيا «لا تملك مصلحة فى غزو أوكرانيا أكثر مما فعلت»، واصفًا فكرة اجتياح الجيش الروسى لأوروبا بأنها «سخيفة».

لكن هذا التصور يتعارض مع تقييمات كييف وعدد من العواصم الأوروبية، التى ترى أن التهديد الروسى يتجاوز أوكرانيا. ورغم نفى بوتين لأى نوايا عدوانية ضد حلف شمال الأطلسى، إلا أن موسكو تعتبر هذه الاتهامات تعبيرًا عن عداء متجذر تجاهها داخل أوروبا.