بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

خط أحمر

وجودًا وعدمًا

أحيانًا تجد نفسك مضطرًا إلى إعادة تعريف المعُرّف، مع أنه يظل من نوع المعادلة الرياضية التى تقول إن حاصل جمع واحد زائد واحد يساوى اثنين!

شىء من ذلك تجده فى الخلفية ما صدر عن حركة حماس من تكذيب تجاه ما قاله ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط. فعندما زار قطاع غزة عاد إلى اسرائيل والتقى عددًا من عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وأبلغهم بأنه لمس استعدادًا حمساويًا لنزع سلاح الحركة فى القطاع.

وما كاد يقول هذا الكلام حتى كان الحمساويون قد كذبوه، وقالوا إنهم لن يتخلوا عن سلاحهم حتى تقوم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

قد ينشأ اختلاف شديد حول ما إذا كانت الدولة الفلسطينية ستقوم بعد أن تنتهى هذه الحرب الدائرة منذ ما يقرب من العامين أم لا؟ وقد يحتدم الخلاف حول ما إذا كانت القدس الشرقية ستكون هى العاصمة للدولة المنتظرة أم لا؟.. وقد.. وقد.. إلى آخر وجوه الإختلاف فى القضية.. ولكن ما لن تجد خلافًا حوله هو أن هناك أرضًا فلسطينية محتلة، وأن الحل هو خروج المحتل.. هذا هو الأصل فى الموضوع كله.

وعندما تقول حماس فى مقام تكذيب ويتكوف أنها لن تتخلى عن سلاحها حتى تقوم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، فالقصد فى تكذيبها للمبعوث الأمريكى أن أصل القضية هو الإحتلال، وأنه إذا كان يمثل مقدمة بلغة أهل المنطق، فلكل مقدمة نتيجة تترتب عليها وترتبط بها وجودًا وعدمًا، والنتيجة هنا ليست سوى المقاومة للمحتل.

وليس من الضرورى أن تكون حماس هى المقاومة، لأننا إذا افترضنا أن الأرض انشقت فى الغد وابتلعت الحركة، فسوف تولد مقاومة أخرى فى مكانها، لأن لا لشىء إلا المقاومة.. أى مقاومة.. هى اإبن شرعى للمحتل، ولا فرق بين أن يكون المحتل إسرائيليًا أو يكون محتلًا آخر فى أى أرض، لأن المحتل محتل فى أى مكان، والمقاومة مقاومة فى أى أرض.

هذا ما لا تريد الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ قيام اسرائيل أن تفهمه، وهذا ما لا يريد الإسرائيليون أن يفهموه. وإذا شئنا الدقة قلنا إنهم فى الحقيقة يستطيعون فهمه، ولكنهم لا يرغبون فى العمل حسب مقتضيات هذا الفهم، ولذلك تجد القضية فى فلسطين لا تتحرك إلا لتعود إلى حيث بدأت، لأن حركتها الصحيحة لا بد أن تكون على أساس فهم العلاقة الطردية بين المحتل والمقاومة، ثم على أساس أن الثانية تنبت تلقائيًا حيث قام المحتل، وتختفى تلقائيًا أيضًا حين يزول هذا المحتل.