Genie 3 من ديب مايند.. بيئة تفاعلية لتدريب الذكاء الاصطناعي بواقعية أعلى
أعلنت شركة جوجل ديب مايند عن إطلاق الإصدار الثالث من نموذج الذكاء الاصطناعي Genie، الذي يُعد من أبرز ما طورته الشركة في مجال محاكاة العوالم الرقمية لاستخدامها في تدريب وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.
يأتي هذا الإعلان بعد أشهر قليلة من طرح الإصدار السابق Genie 2، الذي مثّل وقتها تطورًا ملحوظًا في القدرة على توليد بيئات ثلاثية الأبعاد غنية ومتجاوبة.
Genie ليس مجرد نموذج لتوليد الفيديوهات أو الرسومات، بل هو نظام يُحاكي بيئات افتراضية تتفاعل فيها الكائنات – سواء كانت بشرية أو روبوتية – مع العالم المحيط بها. ومع الإصدار الثالث Genie 3، تسعى ديب مايند إلى توفير بيئة تدريب أكثر واقعية وتفاعلية، تساعد في بناء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر موثوقية وكفاءة.
تحسينات واضحة في الأداء والجودة
يُقدم Genie 3 عدة تحسينات مقارنة بالإصدار السابق، على رأسها زيادة دقة الفيديو إلى 720 بكسل بدلًا من 360 بكسل، ما يمنح المحاكاة وضوحًا بصريًا أفضل. كما أصبح النموذج قادرًا على الحفاظ على تماسك البيئة لفترة أطول من الزمن، مع إمكانية تشغيل المحاكاة لعدة دقائق قبل ظهور أية تشوهات أو "هلوسات" في الصورة، وهي مشكلة لطالما عانت منها النماذج السابقة.
ميزة أخرى لافتة في Genie 3 هي ما أطلقت عليه ديب مايند "الأحداث القابلة للتنبؤ"، حيث يتمكن النموذج من تنفيذ الأوامر وتحريك الشخصيات أو العناصر داخل العالم الافتراضي بزمن شبه فوري، ففي تجربة حية، تمكن النموذج من إضافة قطيع من الغزلان إلى مشهد تزلج جبلي بمجرد تلقي أمر نصي، مما يُبرز قدراته على الاستجابة السريعة والتفاعل مع مدخلات المستخدم.
أداة لتدريب الذكاء الاصطناعي في سيناريوهات ماذا لو
ترى ديب مايند في Genie 3 أكثر من مجرد أداة عرض مرئي، إذ تعتبره بيئة مثالية لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على سيناريوهات افتراضية معقدة لم تخضع لتدريب مسبق، على سبيل المثال، يمكن استخدامه لتعليم السيارات ذاتية القيادة كيفية التصرف في مواقف مفاجئة، مثل مرور أحد المشاة في طريقها، بطريقة آمنة وفعالة.
وأكد شلومي فروشتر، مدير الأبحاث في ديب مايند، أن الهدف الأساسي من Genie 3 هو رفع كفاءة النماذج وزيادة موثوقيتها قبل إطلاقها في العالم الحقيقي، وأضاف: "هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، لكن Genie 3 يمهد الطريق لنماذج أكثر تطورًا يمكنها فهم الواقع بدرجة أعلى من الدقة".
التحديات ما زالت قائمة
رغم هذا التقدم، لا يزال النموذج يواجه بعض القيود التقنية، أبرزها صعوبة توليد بيئات حقيقية تمامًا، ومحدودية قدرته على التعامل مع النصوص الدقيقة. كما أشار الباحث جاك باركر-هولدر إلى أن Genie 3 لا يزال غير قادر على تقديم بيئات محاكاة تستمر لساعات، وهو هدف تسعى الشركة إلى تحقيقه في الإصدارات المستقبلية.
حتى الآن، Genie 3 غير متاح للعامة، لكن ديب مايند تخطط لتوفير الوصول إلى النموذج لمزيد من المختبرات المتخصصة خلال الفترة المقبلة، في إطار جهودها المستمرة لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي أكثر تطورًا وفعالية.
يمثل Genie 3 خطوة جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي التفاعلي، ويمنح المطورين والباحثين بيئة تجريبية غنية لتدريب النماذج في سيناريوهات شبه واقعية. ورغم التحديات التقنية، إلا أن الطريق بات واضحًا أمام ديب مايند في سعيها نحو بناء أنظمة "تفكر وتتصرف" بكفاءة تحاكي العقل البشري، وربما تتجاوزه في يوم ما.