لعل وعسى
إعادة الهيكلة وخطوط عدم اليقين
تسعى المجموعة الاقتصادية لمصر، وفى ظل تسارع الأحداث على الساحتين الإقليمية والعالمية، إلى مواصلة جهودها فى ملف إعادة هيكلة الهيئات الإقتصادية عبر اتخاذ مجموعة من الخطوات التنفيذية الجادة. اتساقًا مع اعتبار أن هيكلة الهيئات الاقتصادية يأتى فى الإطار العام فى مجال الإصلاح الاقتصادى وتطوير مؤسسات الدولة. وندرك تمامًا أن مصر قد سارت فى خطة إعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية التى يصل عددها إلى 59 هيئة، عبر حصر ودراسة 40 هيئة. ووفق القانون تتمتع هذه الهيئات بالاستقلال الكامل عن الموازنة العامة للدولة، وبمقتضى ذلك يتم فصل موازنة هذه الهيئات عن الموازنة العامة للدولة، على أن تعد موازنات مستقلة تعتمد من مجلس النواب، بحيث تقتصر العلاقة فيما بينهما على الفائض الذى يؤول للخزانة العامة من بعض هذه الهيئات أو توفير ما يتقرر إليها من دعم ومساهمات من قبل الموازنة.
وعلى أرض الواقع تبين أنه منذ عقود أن هذه الهيئات الاقتصادية تفتقر بشكل عام إلى الأداء المالى القوى باستثناء هيئة قناة السويس، وهنا يجب أن نطرح على متخذ القرار أن العديد من هذه الهيئات تعتمد على تلقى منح وإعانات من الخزانة العامة وصلت على سبيل المثال إلى 452 مليار جنيه فى العام المالى 2022/2023، ذهبت أغلبها إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى والهيئة العامة للسلع التموينية والهيئة العامة للبترول. وأعتقد أنه من ضمن الأسباب ضعف مجالس إدارات هذه الهيئات التى تم اختيارها، والتى صنفت على أنها من أضعف مجالس الإدارات على مستوى العالم وفقًا لتقرير الشفافية الدولية. وأيضًا نتيجة خلل الهيكل الإدارى وارتفاع أعداد العمالة مقارنة بالاحتياجات الفعلية، إلى جانب تأثير ارتفاع تكلفة الوقود على الهيئات المتخصصة فى قطاع النقل. كذلك يجب أن تصارح أنفسنا بأنه حينما تم تأسيس الهيئات الاقتصادية كان الهدف منها أن تمول أنشطتها على الأقل، وأن تحقق فوائض مالية تنعكس على الموازنة العامة للدولة، لكن ذلك لم يتحقق بسبب: تنفيذ مشروعات ضخمة دون أن يقابلها موارد ذاتية، ما يؤدى لتأخيرها أو اضطرارها للاقتراض. وكذلك عدم استثمارها لأصولها من الأراضى بشكل جيد وعدم حصر بعضها بشكل دقيق. مع عدم إغفال توجه هذه الهيئات نحو الطابع الخدمى على حساب الجانب الاقتصادى مثل هيئة السكك الحديدية. لذا فإننا نرى ضرورة وضع مجموعة من الخطوط العريضة لضمان تصحيح لهذه الهيئات الاقتصادية، مع المساهمة بشكل أكثر فعالية فى إيرادات الدولة، وخفض حجم الإنفاق المصدر، حيث تتمثل هذه الخطوط فى ضرورة إعادة تبويب الهيئات الاقتصادية إلى مجموعات متجانسة، والتحول من بيع المنتجات بأسعار اجتماعية إلى السعر الإقتصادى العادل، كذلك التخلص من الأنشطة غير الاقتصادية، مع ضرورة الاعتماد على تعميق دراسات الجدوى بأشكالها المختلفة وذلك للمشروعات الاستثمارية، ويبقى التأكيد على ضرورة مراعاة القواعد المحاسبية فى احتجاز الإحتياطيات اللازمة للوفاء بالالتزامات المستقبلية لضمان الاستمرارية فى مجتمع الأعمال المحاط بخطوط عدم اليقين العنكبوتية.
وللحديث بقية إن شاء الله.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام