البيئة وتغير المناخ والاحتباس الحراري. حينما يدفع الإنسان ثمن ما صنعت يداه
مع تصاعد القلق العالمى بشأن التغير المناخى والتدهور البيئى، بات من الضرورى أن ندرك أننا كبشر لم نعد فى موقع المتفرج على كوكب يعانى، بل نحن فى قلب الأزمة، بل وسببها الرئيسى. فما نشهده اليوم من موجات حر قاتلة، وأعاصير مفاجئة، وحرائق غابات مدمرة، ليس سوى نتائج مباشرة لانبعاثاتنا المفرطة وسلوكنا الاستهلاكى غير الرشيد.
الهيدروجين الأخضر... أمل الطاقة النظيفة
وسط هذا المشهد القاتم، يبرز الهيدروجين الأخضر كأحد أبرز الحلول الاستراتيجية للتحول نحو طاقة خالية من الكربون. فإنتاجه من الماء باستخدام الكهرباء المولّدة من مصادر متجددة، يجعله خيارًا نقيًا ونظيفًا. وتشير التقديرات إلى أنه قد يلبّى ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050، بسوق تصل قيمته إلى 10 تريليونات دولار.
هذا الوقود المستقبلى لا يقتصر استخدامه على وسائل النقل فقط، بل يمتد إلى الصناعة، وتوليد الكهرباء، وتخزين الطاقة، وحتى تصنيع الأسمدة. وبرغم التحديات التقنية، إلا أن المردود البيئى والاقتصادى له يجعله استثمارًا ذكيًا وطوق نجاة حقيقيا.
الاحتباس الحرارى وتغير المناخ… والكارثة التى صنعتها أيدينا
لكن التغير المناخى لا ينتظر. فالانبعاثات الحرارية والتلوث بأنواعه باتت تهدد صحة الإنسان وموارد الأرض. دخان المصانع، عوادم السيارات، المبيدات والأسمدة الكيماوية، نفايات المصانع والمستشفيات، كلها تسهم فى تدمير الهواء والماء والتربة.
تلوث الهواء وحده، حسب منظمة الصحة العالمية، يؤدى إلى وفاة نحو 7 ملايين شخص سنويًا. أما البحار فتعانى من التلوث النفطى والمخلفات السامة. والغابات تُقطع بلا رحمة، مما يسرّع من ارتفاع حرارة الكوكب، ويقلل من الأكسجين الذى نحتاجه لنعيش.
الطامة الكبرى أن الملوثين الكبار يربحون من هذه الكارثة. فقد حققت أكبر خمس شركات نفط أرباحًا فاقت 200 مليار دولار فى عام واحد فقط (2022)، بينما يدفع سكان الجنوب العالمى، ومنهم منطقتنا العربية، الثمن من صحتهم ومواردهم ومستقبلهم.
إن الحلول ليست مستحيلة… لكنها تحتاج إرادة
إن الحل ليس مستحيلًا. نملك المعرفة، والتكنولوجيا، وحتى الأمثلة الناجحة من دول سبقتنا إلى التحول الأخضر. ما نحتاجه هو الإرادة السياسية، والوعى المجتمعى، وتحمل المسؤولية.
علينا التوسع فورا فى زراعة الأشجار لحماية المناخ وخفض الحرارة.
ويجب إعادة تدوير المخلفات لاستخدامها فى توليد الطاقة، كما تفعل ألمانيا والهند. ودول العالم المتحضر
من الضرورى تحفيز استخدام لمبات الإضاءة الموفرة للطاقة، ورفع كفاءة استهلاك الكهرباء، خاصة أن 25% من استهلاك الطاقة فى مصر يذهب للإضاءة فقط.
فيجب أن تتحمل الدول الصناعية الكبرى المسؤولية، وتُحاسب على ما أفسدته، بدلًا من ترك الفاتورة على عاتق الدول الأضعف.
رسالة أخيرة. أرواحنا والحفاظ على البيئة وتغير المناخ قبل أرباحهم
إننا فى سباق مع الزمن. وإذا لم نتحرك الآن، فإن مستقبل الأجيال القادمة سيكون فى مهب الكوارث المناخية. لا يمكننا أن نواصل التفرج بينما تُنتهك البيئة، وتُستنزف الموارد، ويُزهق البشر، فقط من أجل زيادة أرباح شركات كبرى.
نحن بحاجة إلى عدالة بيئية تُحاسب الملوثين، وتحمى الضعفاء، وتُعيد للأرض توازنها.
فالبيئة ليست رفاهية... بل هى حق أصيل، ومصدر حياة، ومصير مشترك.