دور وزارة الزراعة في تعزيز الاستخدام الرشيد للمياه بمناسبة عيد وفاء النيل
في ظل العطاء المستمر لنهر النيل، يحتفل المصريون بعيد وفاء النيل، الذي يمثل مناسبة وطنية غنية بالرمزية التاريخية والثقافية، وتُجسد العلاقة الوطيدة بين الإنسان المصري ونهر النيل، الذي كان وما يزال مصدرًا رئيسيًا للحياة والاستقرار والتنمية عبر العصور.
النيل والحضارة: علاقة تاريخية ممتدة
في حديثه عن هذا اليوم، أكد الدكتور علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة، أن عيد وفاء النيل هو احتفال متجدد بعطاء هذا النهر العظيم. وقال إن هذا العيد يعكس ارتباط المصريين بنهر النيل، الذي كان ولا يزال يشكل محورًا أساسيًا في حضارة مصر.
وأضاف أن الحضارة المصرية القديمة نشأت على ضفاف النيل، حيث لعب النهر دورًا محوريًا في تشكيل المجتمع المصري وتقدمه. فمن خلال انتظام فيضانه وخصوبة التربة، ساهم النيل في توفير المياه اللازمة لزراعة المحاصيل، مما جعل المصري القديم يطور نظم ري متقدمة لتنظيم حياته الزراعية والعلمية والاجتماعية.
وذكر الدكتور عزوز أن هيرودوت، المؤرخ الإغريقي، وصف مصر بأنها "هبة النيل"، وهو تعبير يعكس مدى أهمية النهر في حياة المصريين، إذ أن النيل يعتبر المصدر الأساسي للموارد المائية، والركيزة الأهم للأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
دور وزارة الزراعة وقطاع الإرشاد في تعزيز الاستخدام الرشيد للمياه
وفي إطار الجهود المستمرة لتعزيز الاستدامة الزراعية، أشاد الدكتور عزوز بدور وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في الاهتمام بملف إدارة المياه واستخدامها بكفاءة. وأوضح أن وزارة الزراعة، عبر قطاع الإرشاد الزراعي، تلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي بين المزارعين حول أهمية ترشيد المياه وتعظيم الاستفادة منها.
وأشار إلى أن قطاع الإرشاد الزراعي قام بتنفيذ العديد من المبادرات والبرامج الهادفة إلى ترشيد استخدام المياه في الزراعة، من أبرزها التوسع في تطبيق نظم الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والرش. كما ذكر أن القطاع يُنظم تدريبات عملية للمزارعين على استخدام هذه التقنيات الحديثة التي تسهم في تحسين الإنتاجية الزراعية مع تقليل استهلاك المياه.
التوسع في استخدام نظم الري الحديث: نموذج للاستخدام الأمثل للموارد
في ذات السياق، أكد الدكتور عزوز على أهمية نشر الممارسات الزراعية الجيدة (GAP) التي تركز على ترشيد استهلاك المياه دون التأثير على الإنتاجية. وأضاف أن وزارة الزراعة تعمل على تنفيذ حقول إرشادية لتطبيق هذه النظم الزراعية الحديثة، مما يساعد المزارعين على تحسين كفاءتهم في استخدام المياه وتقليل الفاقد.
وتكتمل هذه الجهود مع دعم الدولة للمشروعات القومية في مجال تحسين إدارة المياه، مثل "المشروع القومي لتأهيل الترع" و"تبطين المجاري المائية"، مما يساهم في تقليل الفاقد وتحسين توزيع المياه عبر الأراضي الزراعية.
الدولة في طليعة التنفيذ: بنية تحتية وتشريعات متطورة
تؤكد الجهود الحكومية في مجال إدارة الموارد المائية على اهتمام الدولة بتنمية قطاع الزراعة وحماية نهر النيل. كما أشار الدكتور عزوز إلى التوسع في تطبيق نظم الري الحديث في الأراضي الجديدة والقديمة، مع تقديم الدعم الفني والتمويلي للمزارعين. وأضاف أن الدولة تشجع أيضًا البحوث التطبيقية التي تهدف إلى استنباط أصناف زراعية تتحمل الظروف البيئية والمائية.
إلى جانب ذلك، يتم تعزيز الشراكات المجتمعية والمؤسسية لنشر الوعي بين الفلاحين حول أهمية ترشيد استهلاك المياه، مما يساهم في استدامة الموارد المائية وتعزيز الإنتاج الزراعي.
وفاء النيل: عهد دائم بالاستدامة والوفاء
أكد الدكتور عزوز أن عيد وفاء النيل ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو مناسبة لتأكيد التزام المصريين بحماية هذا المورد الحيوي. وقال إن هذا العيد يُجسد التزام الدولة بكافة مؤسساتها بتعزيز استدامة نهر النيل، بما يضمن استمرار التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي.
وأضاف: "إذا كانت الحضارة المصرية قد بُنيت على أسس من العلم والإدارة الرشيدة للموارد، فإن الحاضر والمستقبل يشهدان امتدادًا لهذا النهج، من خلال التخطيط العلمي، وتكامل الجهود، والاعتماد على التكنولوجيا الزراعية الحديثة".