بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى ذكرى مرور 37 عامًا على «حياة الدير»

البابا تواضروس..الصيدلى خلع «معطفه» وما زال يصف «الدواء»

بوابة الوفد الإلكترونية



كتاب «بستان الرهبنة» حول مساره.. وفكر فى طرق أبوابها وهو طالب بالصف الثانى الثانوي
أشرف على صيدلية «دير الأنبا بيشوي».. وأوفد لدراسة اللاهوت بـ«إكليريكية دمنهور»..ولم يتوقع وصوله إلى «الكرسى المرقسي»
عمل مساعدًا لـ«الأنبا باخوميوس»..وبينهما علاقة أستاذية ممتدة من دمنهور إلى المقر البابوي

 

 

فى الحادى والثلاثين من يوليو، خلع خريج الصيدلة الذى كان فى مقتبل حياته المهنية رداء الطبيب، متجهًا بإرادة منفردة، وشغف إلى حياة الرهبنة، تاركًا خلفه حياة البحث العلمى، وتصنيع الدواء، مقبلًا على اكتشافات روحانية، وعلاجات لأدواء قلبية مستقاة من التأمل، ودراسة الكتاب المقدس.
ومن الأسرة إلى الدير ظل الشاب الثلاثينى متأثرًا بنظام والده الذى فارقه حين كان مقبلًا على امتحان الشهادة الإعدادية فى الثالث من يونيو عام 1967، ووجدان والدته التى حرصت على ربط أبنائها بالكنيسة فى طفولتهم.
وبدأ الشاب «وجيه صبحى باقى سليمان» رحلته الرهبانية بدير الأنبا بيشوي- وادى النطرون، بعد أن استقر فى وجدانه تطلعًا للحياة الديرية، دون أن يخطط فى مسيرته نقلة نوعية من الرهبنة إلى الكرسى المرقسى.
وتحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الفترة الراهنة بذكرى مرور 37 عامًا على رهبنة البابا تواضروس الثاني- بابا الإسكندرية- بطريرك الكرازة المرقسية.
ويسترجع البطريرك الذى حمل اسم «الراهب ثيئودور الأنبا بيشوي» لدى سيامته راهبًا، ذكريات القرار المصيرى، لافتًا إلى أن فكرة الذهاب إلى الدير راودته وهو فى الصف الثانى الثانوى، بعد أن أعدت «كنيسة الملاك الأثرية بدمنهور» التى كان يخدم بها مكتبة ضمت عشرات الكتب، فيما أعلن الكاهن عن أن كلها متاحة للاستعارة ما عدا كتاب واحد.


حيال ذلك سأل الطالب «وجيه صبحي» عن اسم الكتاب، وجاء رده «بستان الرهبنة»، وعند ذلك استأذن الكاهن فى استعارته لمدة يومين فسمح له، ويقول «البطريرك»: وجدته كتابًا كبير الحجم إذ يبلغ عدد صفحاته نحو «400 صفحة»، ويحكى حياة الرهبنة بلغة جذابة، ومنذ تلك الحظة استقر فى خاطرى الذهاب إلى الدير.
الطالب المتفوق دراسيًا لم يحسم قراره فى سن صغيرة لظروف ارتبطت بأسرته، لكنه بعد مشورة طال مداها مع أب اعترافه، اتخذ قراره بعد تخرجه من كلية الصيدلة، والعمل لسنوات فى المسار البحثى، والأكاديمى.
وعن فترته الأولى بدير الأنبا بيشوى يضيف «البطريرك»، أن الحياة الرهبانية قائمة على فكر إنسانى أساسى، إذ يقسم وقت الرهبان بين الفكر، والقراءة، والعمل.
ويستطرد قائلًا: «تقلدت عدة مهام داخل الدير من بينها الإشراف على استقبال كبار الزوار، والصيدلية، وغيرها».


ويتذكر «البابا تواضروس الثاني» فى ذكرى رهبنته يوم رسامته الذى كان مقررًا فى الثامن عشر من يوليو عام 1988، بعد أن أعلن الدير عن قدوم البابا شنودة الثالث، لرسامة 3 من الرهبان فى عيد رهبنته، غير أن ظروف الزحام الشديد الذى صاحب زيارته أدى إلى إلغاء الطقس.
بعدها بنحو أسبوعين تقريبًا- حسب رواية البطريرك- كانت زيارة أخرى للبابا شنودة، وفى أجواء أكثر هدوءًا، أغلق باب الدير، وتمت الرسامة.
بدخوله عالم الرهبنة بشكل رسمى بدأت تأملات «البطريرك»، إذ يقول عن ذلك: «فى البرية لا صوت يعلو فوق صوت الروح، وبعد التحاقى بالدير لم أفكر فى رؤية الأرصفة مرة أخرى، وبالتالى لم أكن أتخيل أن أصير بطريركًا للكنيسة ذات يوم».


البابا المولود فى الرابع من نوفمبر عام 1952م، والتحق بالرهبنة فى سن الرابعة والثلاثين من عمره، حصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الإسكندرية عام 1975 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وبعدها دبلوم دراسات عليا فى إدارة الأعمال، وعمل لفترة مديرًا لمصنع أدوية تابع لوزارة الصحة.
وفى غضون عامين من سيامته، بدأت رحلة الراهب مع دراسة اللاهوت، حيث أوفده دير الأنبا بيشوى للدراسة بكلية الإكليريكية بدمنهور، وبزغ نجمه كأحد أبرز المهتمين بخدمة التعليم.
وتدرج الراهب اللافت بعد دراسته للاهوت فى عدد من المناصب الكنسية، حيث رسم أسقفًا عامًا فى الخامس عشر من يونيو عام 1997م، باسم «الأنبا تواضروس» ليخدم فى كنف الأنبا باخوميوس مطران البحيرة، ومطروح الراحل، ومرشده الروحى، وهى الرحلة التى كان لها بالغ الأثر فى حياته الإدارية، والروحية فيما بعد.
وتنوعت خبرات البطريرك بعد أن أوفدته الكنيسة عام 1990 إلى قبرص لحضور لقاءات مسكونية بمجلس كنائس الشرق الأوسط لمناقشة موضوعات «الكنيسة والتنمية»، ثم رحلة إلى ليبيا بعدها بنحو خمس سنوات لمساعدة الآباء المشاركين فى الخدمة بمدينتى «طرابلس، وبنى غازي»، ثم أعقب ذلك بدراسة «التعليم المسيحى، والإدارة» بسنغافورة عام 1999.
البطريرك الذى يحتفل بمرور37 عامًا على رهبنته بادر بخدمة الأطفال فى إيبارشيته إلى أن أصبح مسئولًا عن لجنة الطفولة بالمجمع المقدس حتى عام 2012.
وفى الرابع من نوفمبر عام 2012- والذى يتزامن مع يوم ميلاده- اختارته القرعة الهيكلية ليصبح البطريرك رقم 118 بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية من بين خمس مرشحين للمنصب البابوى، خلفًا للبطريرك الراحل البابا شنودة الثالث، وجرى تجليسه على الكرسى المرقسى فى التاسع عشر من نوفمبر من العام ذاته.
ومنذ تجليسه، وبعد مرور نحو 13 عامًا على فترته البابوية، أعد البطريرك عدة لوائح إدارية تنظم حياة الرهبنة، وتضفى لمسة تنظيمية ضمن مشروعه الأكبر إعادة ترتيب البيت الكنسى من الداخل.