رؤية
انتخابات الشيوخ.. تصويت على وعى المصريين
يتوجه المصريون غدًا وبعد غد 4 و5 أغسطس الجارى، إلى صناديق الاقتراع للمشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ بعد غلق أبواب التصويت فى الخارج أمس.
هذه الانتخابات تمثل محطة جديدة من محطات التأكيد على أن مصر لا تزال قادرة على تماسكها السياسى والاجتماعى من خلال الاحتكام لصوت الشعب، رغم أنها محاطة بواقع إقليمى متغير ومضطرب.
مصر، الدولة التى عرفت الهزات وخرجت منها أشد صلابة، تثبت هذه الأيام أن المواطن هو أساس الدولة، وتدرك أن الأمم لا تُبنى بالكلمات أو الشعارات، بل تُبنى بالفعل الشعبى، حين يشارك المواطن فى تشكيل مؤسسات بلاده، ويصنع المستقبل بإرادته.
تأتى انتخابات مجلس الشيوخ لتثبت أن المصريين يدركون أن مشاركتهم فى العملية السياسية هى سلاحهم الأقوى فى وجه الفتن والمؤامرات والتشكيك التى تحيط بوطنهم من كل جانب.
يثبت التاريخ أن المصرى بطبعه يلتف حول وطنه فى الأوقات الحرجة والأزمات، ويخرج فى لحظات الشك ليؤكد إيمانه بالدولة، وفى لحظات التربص يرد بالصوت لا بالصمت.. ومن هنا تبرز أهمية هذه الانتخابات، فهى فرصة لتجديد العهد بين المواطن والدولة، وفرصة كذلك لإسقاط رهانات الأعداء فى الداخل والخارج.
منذ أسابيع بدأ الترويج لمحاولات تعطيل إرادة الناخب المصرى، هناك من حاول التشويش على أهميتها، وهناك من تعمد إثارة البلبلة، لكن كل هذه المحاولات لن تنجح إلا إذا تراجع المواطن عن دوره وهو ما لم يحدث ولن يحدث.
المشاركة فى الانتخابات لا تعنى فقط اختيار أعضاء مجلس تشريعى، بل تعنى أيضًا توجيه رسالة بأن الشعب موجود، ويقظ، حاضر ويرفض أن يكون متفرجًا على مستقبله، إنها لحظة التأكيد على أن المواطن ليس رقمًا، بل عنصر فاعل فى صناعة القرار، يملك من الوعى لاختيار الأصلح ومن الإرادة ما يجعله يرفض كل دعوة للانسحاب أو السلبية.
لقد اعتاد المواطن المصرى أن يفاجئ الجميع فى اللحظات الحاسمة، ويؤكد أنه يعرف جيدًا قيمة صوته، وأنه حين يُطلب منه الحضور لا يتأخر، وهذه اللحظة تستوجب أن ينزل، أن يصوّت، أن يشارك وأن يقول نحن لا نتراجع، ولا نسمح لأحد أن يعبث بإرادتنا.
إن انتخابات مجلس الشيوخ ليست عادية، لأنها تأتى ظل تحديات كثيرة، فالمنطقة من حولنا تنفجر بالأزمات والتدخلات الخارجية أصبحت أكثر شراسة، كما أن الحروب لم تعد فقط بالسلاح، بل بالشائعات والتشكيك والحرب النفسية، ما يؤكد أن المشاركة الشعبية فى الانتخابات هى حائط الصد الأول فى مواجهة المتربصين بمصير الوطن.
هذه الانتخابات لا تخص الدولة وحدها، بل إن المواطن عندما يشارك يحمى أسرته ومستقبله وأرضه، ومن هنا يصبح الوطن مستقرًا يسير نحو المستقبل بخطوات ثابتة.
فى النهاية، هذه الانتخابات فرصة لكل مواطن أن يصبح شريكًا فعليًا فى مستقبل بلاده، أن يرد على كل من شككوا فى ضعف المشاركة، لأن المشاركة ليست مجرد حق، بل واجب وطنى، كما أنها ليست فقط استحقاقًا دستوريًا، بل رسالة وفاء وإعلان ولاء لهذا الوطن الذى لا يزال رغم العواصف والمؤامرات واقفًا، لأنه مدعوم بشعب صامد فى مواجهة كافة التحديات.