هل السب والشتم ينقضان الوضوء؟.. دار الإفتاء تُوضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية الحكم الشرعي المتعلّق بالتلفظ بألفاظ بذيئة أو الشتائم أثناء الغضب، ومدى تأثير ذلك على صحة الوضوء، مؤكدة أن مثل هذه الألفاظ لا تُعد من نواقض الوضوء في الفقه الإسلامي، وإن كانت مرفوضة أخلاقيًا وشرعًا.
هل السب والشتم لا يُنقض الوضوء
صرّحت الدكتورة زينب السعيد، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن السب والشتم لا يُنقضان الوضوء من الناحية الفقهية، لأن نواقض الوضوء محددة شرعًا، وتتمثل فيما يخرج من السبيلين أو ما في معناها من نواقض الحسية المعروفة، كخروج البول أو الغائط أو الريح.
وأكدت السعيد أن ما يصدر عن الإنسان من غضب أو ألفاظ نابية لا يُوجب إعادة الوضوء، ولكن ينبغي على المسلم أن يضبط لسانه ويتحلى بالأخلاق الكريمة، مشيرة إلى قول النبي ﷺ:
"ليس المؤمن باللعان، ولا الطعان، ولا الفاحش، ولا البذيء" [رواه الترمذي]، وكذلك قوله تعالى:
"ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت: 34]، مشددة على أن الإسلام يدعو إلى ضبط النفس وتحقيق السلام النفسي والاجتماعي في التعامل مع الآخرين.
وفي سياق متصل، استشهدت أمينة الفتوى بكلام الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حين قال:
"الحدث حدثان: حدث الفرج وحدث اللسان، وحدث اللسان أشد وأعظم"، موضحةً أن الحدث المعنوي –كالكذب والغيبة والفحش– له أثر كبير على طهارة القلب وصفاء النفس، وإن لم يُؤثر على صحة الطهارة الحسية من حيث شروط الصلاة.
وأضافت أن بعض فقهاء الشافعية وغيرهم استحبوا تجديد الوضوء لمن تلفّظ بكلام سيئ أو وقع في معصية كالكذب أو الغيبة، ليس لكونه ناقضًا شرعيًا للوضوء، بل لما فيه من تأديب النفس، واستحضار وقار العبادة وطهارة الجوارح قبل الوقوف بين يدي الله تعالى.
وأكدت أن هذا الأمر مستحب فقط، وليس واجبًا، ومن لم يُجدد وضوءه، فوضوءه صحيح وصلاته جائزة، ولكن الاستغفار والتوبة واجبان على من تلفّظ بالفحش، سعيًا لتزكية النفس وتطهير اللسان.
حكم الوضوء بعد الاستحمام.. هل يغني عن الطهارة للصلاة؟
وفي سياق متصل، تناول الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مسألة أخرى شائعة تتعلق بالطهارة، حيث أجاب عن سؤال: "هل يجب الوضوء بعد الاستحمام للصلاة؟".
وأوضح فضيلته أن الغُسل إذا كان بنية رفع الحدث الأكبر – مثل الجنابة أو الحيض – فإنه يغني عن الوضوء، حتى وإن لم يُصرّح الشخص بنية الوضوء تحديدًا، وذلك لأن رفع الحدث الأكبر يشمل رفع الحدث الأصغر تلقائيًا.
أما إذا كان الاستحمام لأغراض أخرى، مثل التبرد أو النظافة أو غسل الجمعة، فإنه لا يُغني عن الوضوء إلا إذا نوى أثناء الغسل رفع الحدث الأصغر، مشددًا على أن النية شرط أساسي لصحة الطهارة في هذه الحالة، وإذا لم تكن حاضرة، وجب عليه إعادة الوضوء قبل الصلاة.
وبهذا، أكدت دار الإفتاء المصرية أن على المسلم أن يتحقق من نيته أثناء الاغتسال، وأن يُدرك الفرق بين أنواع الغسل ومقاصده، حتى لا يقع في خطأ يؤدي إلى بطلان صلاته.