بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

التخصصات الجديدة تعيد رسم خريطة التعليم الجامعى

الذكاء الاصطناعى يحطم أسطورة كليات القمة

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة، تتجدد أحلام الطلاب وأسرهم فى الالتحاق بكليات القمة، التى ً للتفوق والطموح، وكأن المستقبل لا يعتبرونها معيارا يبدأ إلا عبر الطب أو الهندسة أو الصيدلة – حسب معتقداتهم.. لكن مع تغير الواقع المهنى والاقتصادى، بــدأت خريطة التعليم الجامعى فى مصر تتحول وتتغير، وظهرت تخصصات جديدة لا تخضع لقواعد
التصنيف التقليدية، بل تستجيب لاحتياجات سوق العمل، وليس فقط ما يفرضه تقاليد المجتمع. وفى هذا الإطار، أعلنت جامعة عين شمس عن أول بكالوريوس تكنولوجيا البنوك والتحول الرقمى، بالتعاون مع البنك المركزى والمعهد المصرفى المصرى،
وهــذه الخـطـوة غير مسبوقة على مستوى كليات التجارة وإدارة الأعمال فى الجامعات المصرية. يهدف إلى إعداد كوادر مصرفية متميزة تجمع بين ُويعد هذا البرنامج الأول من نوعه فى مصر، حيث الأسس الأكاديمية والمهارات التكنولوجية التطبيقية الحديثة، بما يتوافق مع أحدث المعايير العالمية فى مجال تكنولوجيا البنوك والتحول الرقمى المصرفى.


ويأتى ذلك فى إطـار سعى كلية التجارة بجامعة عين شمس، إلـى مواكبة التطورات المتسارعة فى القطاع المالى والمصرفى، وتعزيز الشراكات المؤسسية مع الجهات الوطنية الرائدة، من أجل تزويد سوق العمل بكفاءات مؤهلة قـادرة على قيادة مستقبل
الصناعة المصرفية فى مصر والمنطقة. ومع ذلك.. فإن التحديات ما زالت قائمة، فهل يثق الطلاب فى هذه التخصصات الجديدة؟ وهل تجدً لتقديم تعليم عصرى الجامعات نفسها جاهزة فعليا ً؟ ومـاذا عن فرص العمل بعد حقيقى ينافس عالميا

ً حقيقية أم التخرج؟ هل توفر هذه البرامج فرصا مجرد وعود كذابة بلا مضمون؟.

 

سوق العمل يحتاج مزيداً من الكفاءات لقيادة المستقبل الرقمي

 

مريم سامى طالبة بالثانوية العامة تحلم بدخول صيدلة، لكن ظهور تخصص الذكاء الاصطناعى دفعها نحو التفكير مرة أخرى حـول تعديل رغبتها، خاصة أنها من محبى وعــشــاق الحــاســوب الآلـــى وإبــداعــاتــه غير النهائية.


تـقـول مـــريم: أعـشـق الـكـمـبـيـوتـر وعـالمـه، لـكـن لــم تــبن الـثـقـة فــى داخــلــى نـحـو هـذا المجال كمجال تعليمى ومهنى بعد، وهـو ما :ً «الناس كلها بتتكلم عن أكده والدها قائلا المستقبل الرقمى، بس إحنا محتاجين نضمنً مـجـهـزة، والمــجــال مشأن الجـامـعـات فـعـلا موضة وهينتهى.» وفـى السياق نفسه، يقول يوسف إيهاب، طالب بإحدى كليات الحاسبات والمعلومات، إن التجربة أثبتت أن هذه التخصصات تفتح ً واسـعـة للعمل فـى قـطـاعـات متعددة آفـاقـا
داخل مصر وخارجها. وأوضــح يوسف أن «العديد من الشركات تسعى لاخـتـيـار طــلاب هــذه الـكـلـيـات حتى
ً للحاجة المـتـزايـدة إلى قبل الـتـخـرج، نـظـرا المتخصصين فى هذا المجال». َّر عـدد آخـر من أولـيـاء الأمــور عن
كما عب قناعتهم بـأن زمـن كليات القمة بمفهومها التقليدى قـد انتهى، فـى ظـل تـراجـع فرص
العمل فى بعض القطاعات وصعود مجالات تقنية تحتاج إلى كوادر مؤهلة ومهارات رقمية متقدمة.
يـقـول المـهـنـدس طـــارق عــصــام، ولـــى أمـر ً من إحدى طالبات الثانوية العامة، أن كثيرا خريجى كليات القمة يواجهون صعوبة فى الالتحاق بسوق العمل، فى الوقت الذى تتزايد فـيـه فـــرص الـعـمـل فــى تـخـصـصـات الـذكـاء
الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات. وأضاف: «لو كنت فى بداية حياتى الجامعية اليوم، لاخترت مجال الذكاء الاصطناعى دون تردد، فهو المستقبل الحقيقي». أمـــا الأســـتـــاذة عــايــدة عـثـمـان، ولـيـة أمـر ومعلمة فى إحدى المدارس الثانوية، فأكدت ً باسم الكلية، بل أن التميز لم يعد مرتبطا بمدى ارتباط التخصص بمتطلبات المستقبل، مشددة: «نحتاج إلى توعية حقيقية للطلاب والأسر بأن المهارات الرقمية أصبحت مطلبا ً لـسـوق الـعـمـل، ولـيـس مـجـرد ترف
أسـاسـيـا أكاديمي». وفى هذا السياق يقول الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوى وأستاذ التربية بجامعة عين
ًشـمـس، إن التعليم الجـامـعـى يشهد تـطـورا غير مسبوق من حيث الكم والكيف، مؤكدا ً فى ً كبيرا
أن السنوات الأخيرة شهدت توسعا إنشاء الجامعات الحكومية وتحويل عدد من الفروع إلى جامعات مستقلة، إلى جانب فصل
بعض الأقسام وتحويلها إلى كليات مستقلة، مثل الإعلام والآثار. وأوضـــح شـوقـى أن التعليم الـعـالـى توسع
ً فـى إنـشـاء حـوالـى ٢٧ جامعة غير هـادفـة للربح، تعيد ضـخ مـواردهـا فى تـطـويـر العملية التعليمية، ممــا يـرفـع من جـودة المخرجات التعليمية، كما تم تأسيس ً جديدا12 جامعة تكنولوجية تمثل مـسـارا فى التعليم الجامعى، وتستقبل ما يقرب من
٪٨٠ من خريجى التعليم الفنى والتكنولوجى، بالإضافة إلى ٪٢٠ من طلاب الثانوية العامة. وأضـــاف الخـبـيـر الـتـربـوى أن الجـامـعـات الخاصة، التى يبلغ عددها نحو ٢٧ جامعة ،ً ساهمت فى استيعاب عدد كبير من
أيضا الـطـلاب المـصـريـين الـذيـن كـانـوا يـسـافـرون لـلـخـارج، وهـو مـا قلل مـن اسـتـنـزاف العملة الصعبة، كما جذبت هـذه الجامعات طلابا مـن الـــدول العربية والأفـريـقـيـة. ولـفـت إلى وجـود جامعات أجنبية تعمل فى مصر، ما
يعكس تنامى الثقة الدولية فى التعليم العالى  وأشــار شوقى إلـى أن التوسع فـى إنشاء
الجـامـعـات تــواكــب مــع إدخــــال تخصصات حديثة تواكب احتياجات سـوق العمل، مثل البرمجة، والـذكـاء الاصطناعى، والرقمنة، وتكنولوجيا البنوك، والتى تجمع بين الدراسة النظرية الحديثة والمــهــارات الرقمية، بما يتماشى مـع التوجهات العالمية ومتطلبات السوق المحلى والإقليمى والدولى. وأكد أن الدراسة الجامعية وحدها لم تعد كافية لتأهيل الخريج لسوق العمل، بل يجب عليه تطوير مـهـاراتـه بـاسـتـمـرار فـى ثلاث مجالات رئيسية: التخصص العلمى، وإتقان
لغة أجنبية أو أكـثـر، إلــى جـانـب المـهـارات
الرقمية والذكاء الاصطناعى. وفيما يخص «كليات القمة»، شدد شوقى  حيث إن على أن هذا المفهوم أصبح وهما
ً على المجموع فقط دو اختيار الكلية بناء اعـتـبـار للميول والــقــدرات يـــؤدى فـى كثير من الأحيان إلـى الفشل. وأضـاف أن بعض الكليات العادية تقدم تخصصات مطلوبة أكثر من «كليات القمة»، التى لم تعد مواكبة لمتطلبات سوق العمل، مما يؤدى إلى تخريج أعــداد كبيرة بلا فـرص حقيقية للتوظيف. وختم بقوله: «كلية القمة هـى التى يتفوق  فيها الطالب وتكون مطلوبة فى سوق العمل».
 

وعلى الجانب الآخـر، أكد الدكتور عاصم حـجـازى، أسـتـاذ علم النفس التربوى بكلية الـدراسـات العليا للتربية بجامعة القاهرة، أن التعليم الجـامـعـى المـصـرى شـهـد خـلا ً جعله فى وضع  كبيرا السنوات الأخيرة تطورا أفـضـل مـن التعليم قـبـل الجـامـعـى، مشيرا إلى أن هذا التطور يستند إلى مجموعة من الأسس، أبرزها: تنوع التخصصات والبرامج والأنـظـمـة التعليمية، والـتـوسـع فـى إنـشـاء الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة، إلى جانب ارتباط التعليم الجامعى بسوق العمل،
والاسـتـفـادة مـن الخـبـرات الـدولـيـة، واتـخـاذ قرارات تطوير مبنية على أسس علمية دقيقة. وأوضـــح أن هــذا التطوير انعكس بشكل ملموس على جــودة التعليم الجـامـعـى، وهو مــا تــؤكــده المــراكــز المـتـقـدمـة الـتـى حصلت
عليها الجـامـعـات المـصـريـة فـى التصنيفات .ً وأشار حجازى إلى أن إدخال العالمية مؤخرا تخصصات جديدة يمثل أحد أبرز ملامح هذا التطوير، إذ يأتى استجابة واضحة لمتطلبات سوق العمل المحلى والدولى، ومواكبة لوظائف ً أن هـذه الخـطـوة ليس المستقبل، موضحا وليدة اللحظة، فقد سبقتها كليات وبرامج فـى مـجـالات الـذكـاء الاصطناعى وغيرها،
بهدف إعداد الخريجين لمتطلبات سوق العمل الحديث. وأكـــد أن الـفـجـوة الـتـى كـانـت قـائـمـة بين الـدراسـة الجامعية وســوق العمل بــدأت فى الــتــلاشــى، خــاصــة بـعـد إنــشــاء الجـامـعـات التكنولوجية التى تعتمد على التدريب العملى
والتعاون الوثيق مع قطاعات سوق العمل، إلى جانب تطوير الجامعات الحكومية والأهلية لمناهجها وأساليبها التعليمية بما يواكب هذه المتغيرات. ولفت إلى أن التعليم الجامعى لم ً على الجانب النظرى بل بات يعد مقتصرا
يركز على تنمية المـهـارات العملية للطلاب، ممـا يضمن جـاهـزيـة الخـريـج لـسـوق العمل فـور تخرجه. وفيما يتعلق بمفهوم «كليات القمة»، أوضـح أستاذ علم النفس التربوى ً بنوعية الكلية بقدر ما هو أنه ليس مرتبطا
ناتج عن نظام التنسيق والمجموع، حيث يتم اعتبار الكليات التى يطلبها الحاصلون على أعلى الـدرجـات «كليات قمة»، وهـو ما تغير فى السنوات الأخـيـرة مع ظهور تخصصات جـديـدة مثل الـذكـاء الاصطناعى، أصبحت
تجذب اهتمام الطلاب.


واخـتـتـم «حـــجـــازى» بـــأن تـوعـيـة الـطـلاب وأســرهــم بـاتـت ضــــرورة لمـواجـهـة المفاهيم
ً أن النجاح لا يتحقق من المغلوطة، مـؤكـدا خلال كلية بعينها، بل عبر اختيار التخصص المناسب لقدرات الطالب، لأن القمم متعددة، وكـل طالب له قمته الخاصة التى يستطيع الـــوصـــول إلــيــهــا بمـــا يمـتـلـك مـــن مــهــارات
ومقومات.