بعد انتظار دام عقدين.. جنوب السودان يخطو نحو إقرار سياسة وطنية للأراضي

اتخذت حكومة جنوب السودان خطوة محورية نحو إقرار السياسة الوطنية للأراضي، بعد ما يقرب من عقدين من الجمود، في محاولة لمعالجة التحديات المعقدة المتعلقة بإدارة الأراضي وحقوق الملكية، خاصة مع تزايد أعداد العائدين من مناطق النزاع.
الحوار الشامل والإصلاح المؤسسي
جاء ذلك خلال محاضرة عامة نُظمت في العاصمة جوبا، بمبادرة من المنظمة الدولية للهجرة، تحت شعار "الحوار الشامل والإصلاح المؤسسي"، جمعت مسؤولين حكوميين ووزراء ولايات وخبراء أراضٍ وممثلين عن المجتمع المدني وشركاء دوليين.
وقالت أية أوناديم أجامي، رئيسة برنامج الإسكان والأراضي والممتلكات في المنظمة الدولية للهجرة، إن الفعالية تمثل بداية لسلسلة حوارات تهدف إلى خلق منصة تفاعلية بين المواطنين والحكومة حول قضايا الأراضي. وأشارت إلى أن العديد من العائدين لا يمتلكون وثائق ملكية، ما يجعلهم عرضة لفقدان أراضيهم، مضيفة أن المنظمة تعمل على تسوية هذه النزاعات بالتعاون مع مفوضية اللاجئين والحكومة.
وأوضح جورج ريتي ريتشارد، ممثل وزارة الأراضي، أن السياسة الوطنية للأراضي، التي بدأ العمل على صياغتها منذ عام 2006، قد تأخرت بسبب النزاعات السياسية وانعدام الاستقرار، لكن تم تحديثها بدعم من المنظمة الدولية للهجرة واعتمادها في مجلس الوزراء في أكتوبر 2023، وتنتظر حاليًا إقرار البرلمان الانتقالي.
من جانبها، حذرت دوروثي درابوقا، رئيسة التحالف الوطني للأراضي، من التمييز المستمر ضد النساء في قضايا ملكية الأراضي رغم وجود ضمانات دستورية. وأكدت ضرورة تمثيل المرأة في هيئات اتخاذ القرار، وبناء قدرات المؤسسات المحلية، والتوفيق بين القوانين العرفية والرسمية.
كما عرض وزراء من ولايات أعالي النيل والوحدة أبرز التحديات التي تواجهها مناطقهم، من غياب الوثائق والسجلات، إلى تأثير الفيضانات والافتقار إلى البنية التحتية. ودعا المسؤولون إلى رقمنة السجلات وتطوير أدوات تسجيل الملكية.
ورغم حجم التحديات، عبّر المشاركون عن تفاؤلهم بقدرة البلاد على تجاوز العقبات، خاصة مع اقتراب الانتخابات العامة في عام 2026، حيث تُعد قضية إصلاح الأراضي أساسية لضمان عودة النازحين وتحقيق الاستقرار.
وأكدت المنظمة الدولية للهجرة أن دورها يقتصر على الدعم الفني وتيسير الحوار، مشددة على أن الحكومة هي من تقود عملية الإصلاح لضمان أن تتحول السياسات من نصوص إلى واقع يحقق العدالة ويحفظ الحقوق.