بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ثورة الجياع

إسرائيل تدفع الفلسطينيين للاقتتال على «كسرة خبز»

بوابة الوفد الإلكترونية

ماتت الطفلة الفلسطينية نور أبوسلعة بسبب الجوع، وكانت تنام على أبواب التكيات لتحصل على الطعام، وبعد أن أغلقت التكيات أبوابها ساءت صحتها وعانت من قلة الطعام وانهارت صحتها.
وماتت «أبوسلعة» بينما لا تزال أنفاس الفلسطينيين تتعلق بأخبار الشاشات الزرقاء حول دخول المساعدات الإنسانية بكل أمل سرعان ما ينطفئ مع خبر سرقتها ووقوع مئات الضحايا الجائعين تحت نيران الاحتلال الصهيونى من جانب وأقدام المندفعين للموت جوعاً واستغلال تجار الحروب وبيع المسروقات فى السوق السوداء بأسعار فلكية فى ظل إبادة بشرية متواصلة فى الوقت الذى تواصل فيه مصر الدفع بقوافل المساعدات الإنسانية زاد العزة من مصر لغزة لليوم الثانى على التوالى عبر معبر كرم أبوسالم.
شهادات بطعم الجوع
أكدت الصحفية الفلسطينية شيرين خليفة فى تصريحات لـ«الوفد» من القطاع أن المساعدات تسرق قبل وصولها، مؤكدة أن الإنزال الجوى طريقة غير مجدية ومهينة فى تقديم المساعدات وغير مهنية ولا إنسانية ولا تضمن العدالة وهى خطرة أيضًا لأن سقوط الصناديق على الناس يهدد حياتهم.
ويضيف الفلسطينى صلاح صافى: لا تصدقوا الرواية الكاذبة والحرب لم تنتهِ بعد، والإسقاطات الجوية لم تكن سوى رماد دعائى، لا تكفى حتى لعائلة واحدة! المعابر ما زالت مغلقة، والمساعدات التى دخلت لا تسد جوع 1٪ من السكان، الموت مستمر، والصمت مطبق، والكارثة تتضخم مع كل يوم، وكل ساعة.
وقالت الكاتبة الفلسطينية إنعام سليمان لـ«الوفد» أن الاحتلال يرفض تقديم ضمانات بعدم استهداف عمليات التأمين للمساعدات التى أعلن عن إدخالها لغزة أو الأشخاص القائمين على هذه العملية وسمح بإدخال المساعدات إلى القطاع بعد انتهاء فترة الهدنة المؤقتة أى بعد الساعة الثامنة مساء ليمنع أى محاولات لتأمينها، وتضيف أن هجوم الناس طبيعى نظراً للكارثة الإنسانية التى تضرب القطاع.
ويؤكد الصحفى الفلسطينى أسامة الكحلوت أن الاحتلال يتعمد القضاء على الأطفال ضمن مخطط التطهير العرقى، وأشار إلى أن الطفل محمد زكريا أيوب المعتوك البالغ من العمر عاماً ونصف العام، هو أحد آلاف الأطفال الذين يعانون الجوع وسوء التغذية فى غزة، ويواجه ظروفاً تهدد الحياة بسبب الهجمات والحصار الإسرائيلى المستمر. 
ويضيف «الكحلوت» أن الطفل يعانى من ضعف شديد، ويصارع من أجل البقاء على قيد الحياة فى خيمة بمدينة غزة، حيث لا يوجد حليب أو طعام أو ضروريات أساسية.
تأتى شهادات الخذلان من قطاع غزة للعالم فيما تسعى حكومة الاحتلال لتجميل صورتها وغسل سمعتها بعد شهور من الحصار المطبق الذى تفرضه على غزة، وتوقف شبه تام لدخول الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع المنكوب، أعلنت إسرائيل عبر أذرعها العسكرية والإعلامية، أنها سمحت بإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة عبر عمليات إسقاط جوى وممرات إنسانية مؤقتة.
وتواصل تل أبيب استعراضها الدبلوماسى والإعلامى لاحتواء الغضب الدولى المتصاعد إزاء ما يعانيه القطاع من مجاعة شرسة تتوسع وتتفاقم بشكل غير مسبوق وتطول 2.4 مليون إنسان، بينهم 1.1 مليون طفل، وقد توفى حتى الآن 147 شهيدا بسبب الجوع، بينهم 88 طفلاً.
كما يواصل الاحتلال الصهيونى قتل المدنيين فى القطاع، لليوم الـ634 فى أبشع مجازر عرفها العصر الحديث، وفى بث مباشر أمام العالم أجمع، الذى يقف صامتاً ومتخاذلاً عن نصرة الشعب الفلسطينى.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، توقف خدمات غسيل الكلى بالكامل فى مجمع الشفاء الطبى، بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل الأجهزة، فيما اقتصر العمل على أقسام العناية المركزة ولساعات محدودة فقط. فيما سجل مستشفى الرنتيسى للأطفال مئات الإصابات بمرض الالتهاب السحائى وسط تفاقم الأوضاع الصحية وتدهور شروط النظافة فى مراكز الإيواء المكتظة.
وأكدت الوزارة أن استمرار انقطاع الوقود ينذر بموت محتم للمرضى والجرحى داخل المستشفيات، محملة الاحتلال الإسرائيلى مسئولية تفاقم الكارثة نتيجة اعتماده سياسة «التقطير» فى إدخال الوقود، بما لا يكفى لتشغيل أقسام الطوارئ الحيوية.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدنى محمود بصل، أن القطاع شهد يوماً دامياً وصعباً منذ ساعات الفجر، حيث تم استهداف أكثر من 25 منزلاً بشكل مباشر، إضافة إلى 5 تجمعات للنازحين.
مسرحية هزلية
أكد مدير عام المكتب الإعلامى الحكومى فى القطاع إسماعيل الثوابتة أن ما دخل فعليا 73 شاحنة شمالاً وجنوباً تعرض معظمها للنهب والسرقة تحت أنظار الاحتلال وطائراته المسيرة، إلى جانب 3 عمليات إنزال لا ترقى لحمولة شاحنتين. 
وقال «الثوابتة»: لا تزال ترفض حكومة الاحتلال بشكل قطعى إدخال غاز الطهى لغزة، فى حين سمحت بإدخال كميات قليلة فقط من الوقود السولار عن طريق الأمم المتحدة، وهى لا تكفى لتغطية جزء ضئيل من احتياجات القطاع الصحى.
وأكد «الثوابتة» أن احتياج غزة اليومى فى الظروف الطبيعية تقترب من 1000 شاحنة مساعدات يومياً، وذلك لضمان الحد الأدنى من تحقيق الأمن الغذائى فى القطاع.
وأضاف أن الاحتلال لم يدخل فعلياً أى مساعدات على صعيد احتياج غزة الإنسانى من غذاء ودواء وحتى ما يتعلق بظروف ترميم البنية التحتية والآبار التى تسبب توقفها لوجود أزمة عطش غير مسبوقة فى القطاع، فى ظل عدم القدرة على توصيل المياه، وانقطاع خط مياه «ماكروت».
ووصف ما يجرى بأنه مسرحية هزلية يشارك فيها المجتمع الدولى ضد المجوعين فى قطاع غزة، عبر وعود زائفة أو معلومات مضللة تصدر عن دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها.
وطالبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بفتح المعابر وإدخال 500-600 شاحنة يومياً من الغذاء والدواء مشددة على أن ذلك هو السبيل لتجنب تفاقم المجاعة فى غزة، وطالبت بوقف إطلاق نار طويل يضمن تدفق الإمدادات، ونأمل بالسماح بدخول آلاف الشاحنات المتوقفة فى مصر والأردن. 
واعتبر المستشار الإعلامى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» عدنان أبوحسنة، أن الكارثة التى تعيشها غزة لا يكفى معها عدد محدود من شاحنات المساعدات، بل يتوجب فتح كامل للمنافذ وفتح ممرات إنسانية، تضمن تدفق المساعدات بشكل كافٍ للمواطنين وإنهاء المأساة الكبيرة.
وقال «أبوحسنة» أن ما تعيشه غزة يتخطى مرحلة ما بعد الكارثة، ولا تزال الوفيات مستمرة فى غزة نتيجة الجوع، «وهذا مؤشر واضح على عملية التجويع المتواصلة بحق القطاع».
وأشار إلى أن وكالة الغوث وضعت خطة كاملة للتعامل مع المرحلة الإغاثية العاجلة، فور السماح لها بالعمل، والبدء بإدخال المساعدات للقطاع.
وأكد رئيس هيئة «حشد» للدفاع عن الشعب الفلسطينى، صلاح عبدالعاطى، إن الاحتلال يتلاعب بالهدنة الإنسانية المزعومة التى أعلن عنها، ويتلاعب أيضاً بإدخال المساعدات.
وأعرب «عبدالعاطى» عن مخاوفه من أن يكتفى الاحتلال بالإعلان عن هدنة وتدفق مساعدات إعلامياً دون نتائج فعلية على الأرض، فى ظل استمرار الحصار الخانق وإغلاق المعابر لأكثر من 147 يوماً متواصلة.
وشدد على أن أى هدنة أو آليات يتم الإعلان عنها دون تنفيذ حقيقى وفعال على الأرض، ستكون مجرد إجراءات وهمية ومضللة، فى وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطينى فى غزة لجريمة إبادة جماعية مستمرة للشهر 22 على التوالى.