“بساطة الهيكل الإداري… مفتاح الحوكمة الفعالة”
في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية ومؤسساتها إلى تطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية في كافة قطاعاتها، تظل الهياكل الإدارية المعقدة واحدة من أكبر التحديات التي تعيق تحقيق هذه الرؤية.
من هنا، تفتح هذه السطور نافذة على الحل الحقيقي: وإعادة بناء الهيكل الإداري على أسس البساطة والفعالية، بعيدًا عن التكدّس البيروقراطي.
ففي ظل ما يشهده العالم من تطورات إدارية متسارعة، أصبحت الحوكمة تمثل حجر الأساس لأي مؤسسة تطمح إلى الشفافية، والكفاءة، والعدالة في اتخاذ القرار. غير أن كثيرًا من المؤسسات – دون أن تشعر – تقع في فخ البيروقراطية، حين يتضاعف عدد المديرين وتتداخل الصلاحيات، فيغيب الإنجاز وتضيع المساءلة.
كم من مؤسسة نجد فيها “مدير فوق مدير فوق مدير”؟ وكم من قرار بسيط يستغرق أسابيع لأن الطريق إليه يمر عبر عشرات التوقيعات؟! في مثل هذه البيئة، لا يمكن الحديث عن حوكمة حقيقية، بل عن جهاز إداري يعاني من التخمة والتعطيل.
✔️ ما الذي نحتاجه إذًا؟
نحتاج إلى هيكل إداري بسيط ومنظم، يقوم على وضوح الأدوار، وتوزيع المسؤوليات، وتفويض الصلاحيات بذكاء، مع وجود جهة رقابية مستقلة تقيس الأداء وتقوّمه. وهذا لا يعني تقليص الأفراد، بل إعادة توزيع المهام وتحديد من يعمل ومتى ولماذا.
وهذه خطوات عملية نحو هيكل يدعم الحوكمة:
1. تحديد دقيق للمهام والمسؤوليات.
2. تقليل عدد المستويات الإدارية دون الإخلال بالرقابة.
3. تفعيل وحدة مستقلة للمتابعة والتقييم الداخلي.
4. الاعتماد على أنظمة رقمية تقيس الأداء (KPIs).
5. نشر ثقافة الحوكمة بين الجميع: من المدير إلى الموظف الميداني
.وفي النهاية تبقي كلمة
الهيكل الإداري ليس مجرد رسمة على الورق، بل هو مرآة للفكر الإداري. فإن كان بسيطًا ومنظمًا، انعكس ذلك على سلاسة الأداء وجودة القرار. أما إن كان متضخمًا ومتشعبًا، فلن تنتج المؤسسة سوى بطء، وتضارب، وتراجع.
ولذا، فإن أولى خطوات الإصلاح المؤسسي تبدأ من الداخل: من هيكل يُمكّن، لا يُعطّل، ويُحاسب، لا يُشتّت.
فبساطة الهيكل… وضوح الرؤية… ومحاسبة عادلة: تلك هي قواعد اللعبة في مؤسسات المستقبل.”