بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مراجعات

وسطاء أم شركاء؟!

بعد ما يقارب الـ22 شهرًا من العدوان «الإسرائيلي» الهمجي، الذي خلَّف عشرات آلاف الشهداء ـ معظمهم من النساء والأطفال ـ وأعداد تفوق الحصر من الجرحى، ودمار يكاد يُمحي كل أثر للحياة... لم تعد مأساة غزة تحتمل لغة النفاق السياسي أو المواقف الرمادية المنبطحة!

كما لم يعد السكوت على فاشية «الصهاينة»، وجرائمهم التي فاقت حدود الإبادة الجماعية، نوعًا من الدبلوماسية أو فرصة للحلول السلمية، في ظل استخدام كافة الأسلحة القذرة التي حرَّمتها قوانين الحروب، كان آخرها حملة التجويع الممنهَجة، للشهر الخامس على التوالي!

إذن، ماذا ننتظر بعد مشاهد الجوع المروعة، التي يواجه فيها أهالي غزة ثلاثة خيارات قاتلة وفتاكة، لا تتعدى الموت بالقصف، أو الموت جوعًا، أو الموت لنقص العلاج... وجميعها تتفاقم يومًا بعد يوم، والعالم كله يتفرج، خصوصًا عالمنا العربي، الذي اكتفى ـ على استحياء ـ بمواقفه الباهتة والمتخاذلة؟!

يقينًا، إن قضية غزة ليست سياسية فقط، بل هي اختبار حقيقي لمقدار إنسانيتنا وقدرتنا على التحرك لنصرة المظلوم ورفع الظلم.. أما الصمت المُريب أو التخاذل، فذلك يعني استمرار معاناة مئات الألوف الذين يعيشون في جحيم التجويع المصحوب بالقتل والتهجير القسري!

بكل أسف، بينما نشهد صمتًا دوليًّا مخزيًا، لا تزال بعض الدول العربية والإسلامية تكتفي فقط بلعب دور «الوسيط»، كدورٍ مُهين ومُخزٍ، لا يغيّر شيئًا في ميزان القوة، ولا يردع المعتدي، ولا يحقن دماء الأبرياء. 

لقد أثبتت التجربة ـ مرة تلو أخرى ـ أن «الوساطة» وحدها، حين تأتي بلا ضغط حقيقي، ليست أكثر من غطاء دبلوماسي يُعيد إنتاج العنف بشكل ناعم.. وبالطبع لم يكن الاحتلال «الإسرائيلي»، في يومٍ من الأيام، ليعبأ بأي «وساطة»، ما دام لا يشعر بأن هناك أثمانًا سيدفعها، سياسيًّا أو اقتصاديًّا.. أو حتى أخلاقيًّا! 

إن «الوسيط» بلا أوراق ضغط هو شريك عاجز، وإن لم يُعلن ذلك صراحة، فما يحتاجه الفلسطينيون اليوم، ليس «وسطاء» يجلسون على طاولة لا وزن لهم فيها، بل «شركاء» حقيقيون في الضغط والمساءلة والمواجهة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية. 

لذلك، نتصور أن دولنا العربية والإسلامية، تمتلك من الأدوات ما يكفي لتغيير المعادلة، إن هي امتلكت الإرادة، وقررت أن تتحرر من حسابات الخوف والتبعية، وتختار موقفًا منسجمًا مع ضمير الأمة ومصالحها.. فالعدوان المستمر على غزة ليس «أزمة» تحتاج إلى «وساطة»، بل جريمة ممنهَجة تستوجب موقفًا قويًا بحجم الكارثة. 

أخيرًا.. إن الاكتفاء بدور «الوسيط»، يجعلنا في مرتبة «الشريك»، لذلك نقول بكل صراحة ووضوح: كفى تخاذلًا، لقد حان الوقت أن نكون «شركاء لا وسطاء»، فما يحدث في غزة ليس مجرد «نزاع» متكافئ يحتاج إلى «وساطة» أو جولات مباحثات، لأن ما تشهده غزة يعد جرائم إبادة وحشية، تستهدف الإنسان والحياة والكرامة.

فصل الخطاب:

يقول «الإمام الحسين بن عليّ»: «إذا لم يكن لكم دِين، وكنتم لا تخافون الآخرة، فكونوا أحرارًا في دنياكم».

[email protected]