هل يعود قانون الرياضة إلى مجلس النواب من جديد"2".. شرط الخدمة العسكرية يثير الجدل

لا تزال ردود الأفعال تتوالى حول التعديلات الأخيرة على قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017، التي تم اعتمادها من مجلس النواب ورفعها إلى فخامة رئيس الجمهورية للتصديق عليها.
ووسط حالة من الجدل في الأوساط الرياضية والقانونية، خاصة فيما يتعلق ببعض المواد التي اعتبرها خبراء الشأن الرياضي والدستوري تمثل انتكاسة كبيرة لمكتسبات استقلال الهيئات الرياضية، وتعارضًا صريحًا مع نصوص الدستور والمواثيق الدولية.
وفي هذا الجزء من سلسلة "هل يعود قانون الرياضة إلى مجلس النواب من جديد"، نناقش واحدة من أبرز المواد المثيرة للجدل وهي شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها كأحد متطلبات الترشح لمجلس إدارة الهيئات الرياضية، وهو الشرط الذي فتح الباب أمام تساؤلات قانونية ودستورية شائكة، لما ينطوي عليه من تمييز غير مبرر بين الفئات المختلفة من الرياضيين.
شرط الخدمة العسكرية.. عقبة جديدة في وجه الكفاءات الشابة
نص المشروع المعدل على ضرورة أن يكون المترشح قد أدى الخدمة العسكرية أو حصل على إعفاء منها، وهو ما يبدو منطقيًا في ظاهر الأمر، لكن عند التعمق في مضمونه وتطبيقاته يتضح أنه يمثل عائقًا كبيرًا أمام فئة واسعة من الشباب المصري، خاصة الرياضيين المحترفين والمقيمين بالخارج، الذين لا يزالون في مراحل تأجيل أو تصالح مع القوات المسلحة.
ووفقًا لاراء نخبة من خبراء القانون والدستور فإن هذا الشرط يضع الشباب غير المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية في مركز قانوني أسوأ من مرتكبي الجرائم الذين رُدّ إليهم اعتبارهم، إذ يُحرم هؤلاء من حق الترشح، رغم أن القانون يجيز لمن سبق ارتكابه جريمة وتم رد اعتباره أن يترشح ويمارس حقوقه السياسية، في حين يُقصى شاب حاصل على شهادة بعدم الطلب للتجنيد.
مخالفة دستورية
يرى الخبراء أن هذا الشرط يتعارض مع نصوص دستورية واضحة، خاصة المواد (82) و(92) و(84) من الدستور المصري، التي تكفل الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين، وتحظر حرمانهم من ممارسة هذه الحقوق دون مبرر موضوعي.
كما أشار حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 57 لسنة 34 قضائية إلى أن "التمييز بين المواطنين في الحقوق العامة دون سند دستوري يُعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ المساواة ويقع في دائرة البطلان".
بين مزدوجي الجنسية والمقيمين بالخارج.. أين المساواة
اللافت للنظر أن الشرط بصيغته الحالية يسمح لمزدوجي الجنسية المعفيين من أداء الخدمة العسكرية بخوض الانتخابات داخل الهيئات الرياضية، في الوقت الذي يتم فيه استبعاد مصريين مقيمين بالخارج لمجرد أنهم حصلوا على شهادة بعدم الطلب.
فأين المساواة في ذلك، وأين معيار الكفاءة الذي يجب أن يُقدَّم على أي شروط شكلية، خاصة وأن عضوية مجلس إدارة هيئة رياضية هي عمل تطوعي فني بالأساس، وليس منصبًا أمنيًا أو سياديًا.
تجاهل لطبيعة العمل الرياضي
أحد أوجه الاعتراض الجوهرية يتمثل في عدم ملاءمة هذا الشرط لطبيعة الوظيفة داخل الهيئات الرياضية، التي تختلف كليًا عن طبيعة العمل السياسي أو الأمني الذي يقتضي اشتراط أداء الخدمة العسكرية.
فهل يُعقل أن يُقصى لاعب محترف في الدوري الفرنسي أو مدرب شاب عائد من بعثة تدريبية بالخارج لمجرد أنه في حالة "تأجيل مؤقت" أو "تصالح"، في حين يُسمح لشخص مزدوج الجنسية لم يؤدِ الخدمة أن يتولى المنصب؟
المذكرة ترى أن ذلك يُشكل خرقًا صارخًا لمبدأ تكافؤ الفرص، بل ويهدد بفقدان الهيئات الرياضية لأفضل عناصرها الفنية والإدارية.
يتضح أن التعديلات ستفتح الباب أمام طعون قانونية مستقبلية، قد تُعيد ملف قانون الرياضة بالكامل إلى نقطة الصفر.