بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤية

مصر.. خط أحمر

فى لحظة فارقة من تاريخ المنطقة التى تشهد أزمات مؤسفة، تتسارع وتيرة المؤامرات لاستهداف مصر، ليس فقط لموقعها الاستراتيجى أو ثقلها السكانى والسياسى، بل لأنها تمثل الصخرة الصلبة التى تتحطم عليها الأطماع وتنهار أمامها المشاريع المشبوهة.

ما تتعرض له مصر اليوم من حملات تشويه، وضغوط اقتصادية، وحروب نفسية، ليس وليد اللحظة، بل هو امتدادٌ لمسار طويل من المحاولات الرامية إلى زعزعة استقرار هذا البلد، الذى  لم يكن رقماً سهلاً أبداً فى معادلة المنطقة، بل كان دائماً فى قلب المعركة.

إن أخطر أدوات هذه الحرب هى الشائعات، التى تُبث ليل نهار على صفحات السوشيال ميديا مجهولة المصدر، وعبر أبواق إعلامية مأجورة، لا غاية لها إلا إثارة البلبلة وبث الفُرقة وزرع الشك فى نفوس المواطنين. هذه الشائعات لم تعد مجرد أخبار مغلوطة، بل أصبحت سلاحاً متطوراً يستهدف تفكيك المجتمع من الداخل، وضرب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، لتسهيل عملية «الإسقاط» الناعمة، دون الحاجة إلى جندى أو رصاصة.

ورغم أن محاولات زعزعة الاستقرار لم تكن جديدة على مصر، فإن المصريين استطاعوا التصدى لها عبر تاريخهم. يكفى أنه فى حرب أكتوبر عام ١٩٧٣ لم يتم تسجيل حالة سرقة واحدة. كان الشعب المصرى فى تلك اللحظة التاريخية على درجة من الوعى والانضباط تبهر العالم، لأنه كان يعرف أن المعركة ليست على الجبهة فقط، بل فى  كل بيت وشارع. هذه الصفحة الناصعة التى تضرب أروع الأمثلة على التماسك والوطنية، هى ما يجب استدعاؤه اليوم فى مواجهة الهجمات المشبوهة الحالية.

إن ما يحدث حولنا من حروب مدمرة، وانهيارات متسارعة لأنظمة ودول عريقة، ليس مصادفة، بل هو جزء من مشروع أكبر لتفكيك المنطقة بأكملها، وقد قالها الأمريكيون صراحة: «فككنا الاتحاد السوفيتى دون طلقة واحدة»، فى إشارة إلى استخدام أدوات أخرى غير الحرب التقليدية، وهى أدوات ترتكز على تفتيت الجبهة الداخلية، وتمزيق النسيج الاجتماعى، وخلق فجوات عميقة بين الدولة وشعبها.

ويثبت التاريخ أن مصر التى  ذكرها الله فى القرآن الكريم، والتى ظلت على مدار قرون ملاذاً للأمن والأمان، ستبقى كذلك بإذن الله، بفضل وعى أبنائها ويقظة مؤسساتها، رغم كل ما يحاك لها من فتن ومؤامرات. هذه الدولة، بتاريخها وجيشها وشعبها، ليست لقمة سائغة. إنها الدولة الوحيدة التى ما زالت تصمد فى وجه ما تفعله أمريكا والكيان الصهيونى فى المنطقة، ولهذا تحديداً، تسعى جهات عديدة لإسقاطها من الداخل، عبر زعزعة الثقة وبث الشائعات.

إننى أوجه نداءً صادقاً إلى جموع المصريين بالتكاتف والتلاحم والحذر من الانسياق خلف ما يبثُّ من مؤامرات، قد تأتى فى ثوب المصلحة العامة، بينما فى باطنها سُمٌ زُعافٌ يهدف إلى تدمير الوطن. إن الحفاظ على مصر مسئولية جماعية، تتطلب وعياً ويقظة، وتستدعى من كل مصرى أن يدرك أن بلده اليوم فى مرمى الاستهداف، وأن كل كلمة يكتبها، وكل شائعة يعيد نشرها، قد تكون رصاصة يطلقها على قلب وطنه دون أن يعلم.

إن مصر كانت - وستظل بإذن الله - خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا ينبغى المساس به، مهما كان المتربصون.

حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها وشرطتها.