بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مشروعات "حياة كريمة" والملايين المهدرة.. "محطة مياه قلندول" في المنيا بين الإهمال والفشل

قطع المياه
قطع المياه

حالة من التفاؤل سادت بين أهالي الصعيد خاصة القرى المهملة منذ عقود بعد تدشين مبادرة “حياة كريمة” التي استهدفت تغيير وجه الحياة في ريف مصر، والتي حولت الاهتمام بالصعيد وقراه من مجرد شعارات رفعتها الحكومات السابقة لسنوات وسنوات دون واقع ملموس أو تحرك على أرض الواقع إلى مشروع على أرض الواقع ينتشل مواطني الصعيد من "غيابات الجب" ونقص الخدمات والإهمال المتوارث، إلى إنجازات وتطوير حقيقي وبنية تحتية متطورة.

 

لكن مع كل هذه الجهود والنية الصادقة من الدولة في التغيير فإن أيادي الإهمال والضمائر المنعدمة تأبى أن تترك للمواطنين الحق في الحلم بمستوى معيشة يليق بالمصريين فتمتد لتخرب المشروع وتفرغه من فائدته ليصبح مجرد مسميات وملايين مهدرة على الأرض دون فائدة ملموسة، لتقضي على أحلام البسطاء ومعها جهود الدولة في التطوير وخلق وطن جديد يليق بالمصريين.

 

محطة مياه في قرية قلندول مثال حي على إهدار الملايين

 

مشروع محطة مياه في قرية قلندول مركز ملوي بمحافظة المنيا، مثال حي على إهدار الملايين وتقويض جهود الدولة في التطوير وحرمان المواطنين من تحسين أحوالهم المعيشية بسبب إهمال أو طمع أو ربما اختلاس.

 

محطة جديدة وتفاؤل بين أهالي القرية

بدأت قصة المحطة عندما قررت مبادرة "حياة كريمة" تغيير محطة المياه القديمة المتهالكة والتي لم تعد تستطيع سد احتياجات القرية التي اتسعت مساحتها وزاد عدد الأهالي بها، وبناء محطة جديدة تفوق قوتها أضعاف المحطة القديمة وهو ما قوبل بالترحيب والتفاؤل من أهالي القرية، وبالفعل بدأ المشروع على أرض الواقع بهدم المحطة القديمة وبناء محطة جديدة وبدأ الحفر في شوارع القرية لتغيير جميع مواسير المياه القديمة "آلاف الأمتار" في عمل ضخم احتاج  لمدة تزيد عن العامين وبمشاركة مئات العمال وبتكلفة بلغت ملايين الجنيهات، وتحمل المواطنون أزمة نقص المياه بعد هدم المحطة القديمة ووصول المياه لهم من قرى أخرى وهو ما تسبب في معاناة كبيرة لضعف الضغط وعدم وصول المياه بشكل جيد، لكنهم تحملوا تلك المعاناة على أمل أن يتم إنجاز المحطة الجديدة التي قيل أنها ستجعل المياة تصل حتى الطابق السابع بكل سهولة.

 

المحافظ يفتتح المحطة ولكن!

انتهت المحطة بعد معاناة شديدة وافتتحها المحافظ بنفسه وكانت المفاجأة أو قل الصدمة، فالمياه ضعيفة في عدد من المناطق ولا تصل حتى للطابق الثاني بل أن بعض المنازل لا تصل للدور الأرضي إلا بـ"الموتور" ووأوقات  كثيرة في اليوم لا تصل فيها المياه نهائيا  وكأن شيئا لم يحدث، وهو ما أثار سخط وغضب أهالي القرية الذين صبروا ما يزيد عن عامين حتى يتم الانتهاء من المحطة الجددية التي وعدوا أنها ستغير وضع القرية تماما، وبدأ القيل والقال حول المشروع وجدواه وسبب فشله حتى أن البعض تمنى لو أن المحطة القديمة استمرت لأن الحال كان أفضل وقتها.

 

هروب من المسئولية

وبدأت الشكاوى للمسئولين بالقرية دون مجيب،  وتاهت المسئولية بين بين هذا وذاك  فالبعض يلقي اللوم على المحطة الجديدة نفسها وأنها غير قادرة على ضخ المياة بالقدر المطلوب، والبعض يؤكد أن المحطة ليس لها ذنب وتستطيع أن تضخ المياه بقوة تصل إلى أضعاف المحطة السابقة لكن التوصيلات الجديدة تمت بشكل خاطيء ولا تتحمل قوة المياة وهذه مسئولية المقاول.

 

مواطن: لا نجد مياه للاستحمام وكأننا في الستينات

التقينا عدد من أهالي القرية الذين يشكون من أزمة المياه، لمعرفة أرائهم  فقال "حمدي جاد" : أسكن في منطقة الجامع الكبير ولا تصل المياة إلى منزلي إلا بعد منتصف الليل واضطر لتحزين المياه للاستحمام ولباقي الاغراض وأشعر أننا عدنا لأيام الأجداد فلا يمكن لي الاستحمام في "الدش" أو استخدام السخان لأن المياه غير موجودة فنضطر لاسخدام "الجردل" والأطباق البلاستيكية لوضع مياه الاستحمام بها بعد تسخينها على “البوتاجاز” وكأننا نعيش في الستينات، وعندما شكوت قالوا السبب أن منزلي في منطقة عالية، فهل أغادر منزلي حتى أحصل على المياة؟، وأين الملايين التي تم صرفها على المحطة الجديدة؟ .

 

المياه لا تصل إلا بموتور وتعليمات الدولة بترشيد استهلاك الكهرباء في مهب الريح

 

وقال "حسن عبد المعبود: "لا تصل المياه إلى منزلي إلا على فترات ونصحني الجيران بشراء موتور وبالفعل لجأت كمعظم أهالي القرية لشرائه، وحاليا تصل لي المياة أحيانا بالموتور وأحيانا أخرى لا تصل نهائيا، وهو ما يزيد استهلاك الكهرباء رغم مناشدات الدولة بترشيد استهلاك الكهرباء لأنها تزيد مصاريف استيراد الوقود، كما أن ذلك يرهق ميزانية الأهالي البسطاء في القرية، دون محاسبة للمسئولين عن محطة المياه التي  أنفق عليها ملايين الجنيهات دون طائل منها.

 

مواطن آخر يدعى "م. س" ذهب إلى أن سبب فشل المشروع هو اختلاس مواتير المحطة الجديدة والادعاء بأنها تم سرقتها وشراء مواتير قديمة بدلا منها، زاعما أن الجميع يعرف ذلك ولكن لا أحد يتكلم .

 

رئيس مجلس القرية يتهم شبكة التوصيلات

 

بعد سماع شهادة الأهالي، اتجهنا للمسئولين لاستيضاح الأمر، وبدأنا برئيس مجلس قرية قلندول “أحمد خلف”، الذي أكد أن المحطة تستطيع تغذية جميع منازل القرية بالمياة وبضغط مناسب جدًا، لكن الأزمة في التوصيلات التي لم تنته بشكل كامل رغم أن المحافظ افتتح المحطة، فشبكة التوصيلات تحتاج إلى تغير بعض المواسير القديمة وهذا الأمر مسئول عنه المقاول ووقتها نستطيع ضخ المياة بالقوة المطلوبة.

 

المقاول ينفي تسبب شبكة التوصيلات في الأزمة

 

تواصلنا مع المقاول"كريم وليد" للرد فقال إن السبب ليس شبكة التوصيلات فهي تتحمل ضخ المياه والمناطق المرتفعة التي تحتاج إلى ضخ أقوى للمياه تم تغيير جميع المواسير بها، ولم يتبق سوى بعض التوصيلات التي تؤخرها الشركة الموردة لكنها غير مؤثرة كما يردد البعض.

 

مسئولة شبكة المياه تنكر المشكلة

 

اتجهنا للدكتورة نهى فايز، المسئولة عن شبكة المياه بمركز ملوي، التي نفت وجود مشكلة نهائيا مؤكدة أنه قرية قلندول لا تعاني من أية مشاكل في المياة ولا تصلها شكاوي نهائيا، وعندما أخبرناها بشكوى الأهالي رفضت الاعتراف بذلك أو التحدث عن سبب المشكلة باعتبار أنه لا توجود مشكلة في الأساس.

 

وزارة التضامن تطلب تحويل الشكوى لوزارة الإسكان

تواصلنا مع الدكتور ولاء جاد المسئول عن مشروعات حياة كريمة بوزارة التضامن، الذي أكد أن المشروع بعد تسليمه أصبح من اختصاص وزارة الإسكان وأنه مستعد لتحويل شكوى المواطنين للوزارة لفحصها والبت فيه ومعرفة المسئول عنها .