بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الأصناف التي تجب فيها الزكاة من الزروع والثمار

بوابة الوفد الإلكترونية

الزكاة.. تعد الزكاة شعيرة من شعائر الدِّين، وعبادة قائمة على الاتِّباع والتعبدِ للهِ تعالى، فيها معنى النماء والزيادة والتكافل وتطهير المال، وتجب في أموالٍ مخصوصةٍ، بشرائطَ مخصوصةٍ، بنسَبٍ مخصوصةٍ؛ لتُنْفَق في مصارف مخصوصة.

مذاهب الفقهاء في الأصناف التي تجب فيها الزكاة من الزروع والثمار:

ومن الأموال التي أوجب الشرع فيها الزكاة: "الزروع والثمار"؛ قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267].

وروى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهم".

الزكاة
والزكاة واجبةٌ في التمر والعنب مِن الثِّمار، وفي القمح والشعير مِن الزروع، إذا بلغت النِّصَاب، وذلك بإجماع العلماء؛ قال الإمام الحافظ أبو بكر بن المنذر في كتاب "الإجماع" (ص: 45، ط. دار المسلم): [أجمَعوا على أنَّ الصدقة واجبةٌ في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب] اهـ.

ثم اختلف العلماء فيما عدا ذلك ما بين مُضَيِّقٍ ومُوَسِّعٍ:

فذهب جماعة من الصحابة والسلف إلى أنه لا زكاة في غير هذه الأصناف الأربعة، وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنَّ الزكاة تجب في كُلِّ ما يُزرَع مِمَّا يُقصَد به استِنماءُ الأرض واستغلالُها دون ما لا يُقصَد به ذلك عادةً؛ كالحَطَب والحشيش والتبن وشجر القطن وغيرها؛ فمَدَارُ وجوبها عنده على القصد.

وذهب الصاحبان إلى أن الزكاة لا تجب إلَّا فيما له ثمرةٌ باقيةٌ حَوْلًا.

وذهب المالكية إلى أنه لا زكاة في الثمار إلَّا في التمر والعنب،

أما الزروع: فالزكاة تدخل في عشرين جِنسًا منها؛ هي: الحِنْطَة، والشَّعير، والسُّلْت، والذُّرَة، والدُّخْن، والأُرْز، والعَلَس، والقَطَانِيِّ السَّبْعة: الحِمَّص، والفُول، والعَدَس، واللُّوبِيَا، والتُّرْمُس، والجُلُّبَان، والبَسِيلَة، وذَواتِ الزُّيُوت الأربع: الزَّيْتُون والسِّمْسِم والقُرْطُم وحَبِّ الفُجْل.

وذهب الشافعية إلى أن الزكاة لا تجب إلَّا في القوت مِن الزروع والثمار، والقوت: هو ما به يعيش البَدَن غالبًا، فيخرج ما يؤكل تَنَعُّمًا أو تَدَاوِيًا؛ فتجب في العِنَب والتَّمْر مِن الثمار خاصةً، وتجب في الحنطة والشعير والأُرْز والعَدَس وسائر ما يُقتات اختيارًا؛ كالذرة والحمص والبَاقِلاء، ولا تجب في السِّمسِم والتِّبن والجَوْز واللَّوْز والرُّمّان والتفاح ونحوها قولًا واحدًا.

أداء الزكاة

اتفق المالكية والشافعية على أن الثمار لا زكاة فيها، ما عدا التمر والعنب، ويتفقون في قدرٍ واجبٍ في زكاة الزروع والحبوب؛ وهو ما يُقتات منها، مِن قمحٍ وشَعيرٍ وأُرْزٍ وذُرةٍ وحِمَّصٍ وعَدَسٍ وأمثالها مِمَّا تقـوم البِنية بتعاطيه وتكتفي وتستغني به، ويشترط أن يكون ذلك القوتُ مِمَّا يَصلح للادخار بحيث لو ادُّخر للاقتيات لم يفسد.

والمذهب عند الحنابلة أنَّ الزكاة تجب في كل ما استنبته الآدميون مِن حبوبٍ وثمارٍ، بشرط أن يجمع وصف الكيل مع إمكانية الادِّخار، ويشمل عندهم سبعة أنواع: ما كان قوتًا، والقطنيات، والأبازير (وهي التوابل)، والبذور، وحب البقول، والثمار التي تجفف، وما يُكال ويُدَّخَر وإن لم يكن حَبًّا ولا ثمرًا. وفي رواية عن الإمام أحمد أنه لا زكاة إلا في الأصناف الأربعة كما سبق.

ومذهب السَّادة الحنفية -في وجوب الزكاة فيما يُقصَدُ به استِنْماء الأرض دون غيره- له وجاهته؛ ولذلك اختاره جمعٌ من المحققين، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]؛ فذَكَر الله تعالى النعمة في القوت والفاكهة، وأوجب الحق منها كلها فيما تنوع حاله كالعنب والنخيل، وفيما تنوع جنسه كالزرع، وفيما ينضاف إلى ذلك مما يقصد استنباتُه.

قال القاضي ابن العربي المالكي [ت543هـ] في "أحكام القرآن" (2/ 284، ط. دار الكتب العلمية) مؤيدًا مذهب الإمام أبي حنيفة: [فالذي لاح بعد التردد في مسالكه: أن الله سبحانه لما ذكَّر الإنسان بنعَمِه في المأكولات التي هي قوام الأبدان، وأصل اللذات في الإنسان، عليها تنبني الحياة، وبها يتم طيب المعيشة، عدَّد أصولها تنبيهًا على توابعها، فذكر منها خمسة: الكَرْم، والنخل، والزرع، والزيتون، والرمان.

فالكَرْم والنخل: يؤكل في حالين: فاكهةً، وقوتًا. والزرع يؤكل في نوعين: فاكهةً، وقوتًا. والزيت: يؤكل قوتًا واستصباحًا. والرمان: يؤكل فاكهةً محضة.

وما لم يذكر مما يؤكل لا يخرج عن هذه الأقسام الخمسة. فقال تعالى: هذه نعمتي فكلوها طَيِّبةً شرعًا بالحل، طَيِّبةً حِسًّا باللذة، وآتوا الحق منها يوم الحصاد، وكان ذلك بيانًا لوقت الإخراج، وجعل -كما أشرنا إليه- الحق الواجب مختلفًا بكثرة المؤنة وقلتها، فما كان خفيف المؤنة قد تولى الله سقيه ففيه العشر، وما عظمت مؤنته بالسقي الذي هو أصل الإتيان ففيه نصف العشر] اهـ.