ﻧﻈﺮة أﻣﻞ
الدولة تبدأ معركة الوعى من الحضانة
فى خطوة تعكس توجه الدولة نحو بناء الإنسان من جذوره، وقّع وزيرا الأوقاف والتعليم بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية داخل عدد من المساجد الكبرى، وذلك تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة الاستثمار فى الطفولة المبكرة وتعزيز قيم التنشئة الدينية والوطنية الصحيحة.
هذا التعاون بين وزارتى الأوقاف والتربية والتعليم لا يُعد مجرد مشروع إدارى بل هو تلاق استراتيجى بين رسالتين رسالة المسجد فى ترسيخ القيم الأخلاقية والهوية الوطنية، ورسالة التعليم فى بناء العقول وتشكيل الشخصية، إذ تهدف هذه الحضانات إلى تقديم محتوى تربوى معتمد، يتكامل فيه البعد الدينى الوسطى مع المهارات التعليمية التأسيسية.
المشروع سيبدأ بشكل تجريبى فى عدد من المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، والتى تتوفر فيها البنية التحتية المناسبة من حيث المساحة والتجهيزات والبيئة الآمنة للأطفال، وسيتم إعداد المعلمات وفقًا لمعايير وزارة التربية والتعليم، مع إشراف مشترك لضمان جودة المخرجات وتوحيد المنهج.
من الزاوية الفكرية فإن المبادرة تمثل أيضا رسالة مهمة فى مواجهة الفكر المتطرف الذى لطالما تسلل إلى عقول الصغار فى غياب مؤسسات تربوية واعية، فالحضانة داخل المسجد، حين تخضع لإشراف الدولة، تصبح مساحة لبناء وعى دينى مستنير، خالٍ من أى تحريف أو تسييس، وتعزز فى الوقت ذاته قيم الانتماء والاعتدال.
ولا يمكن إغفال البعد الاجتماعى لهذا المشروع، إذ يُتوقع أن تمثل هذه الحضانات متنفسًا للأسر البسيطة التى لا تستطيع تحمل كلفة التعليم الخاص أو الحضانات التجارية، كما تساهم فى دمج الأطفال فى أطر تعليمية منذ الصغر، وهو ما ينعكس إيجابًا على تحصيلهم لاحقًا فى مراحل التعليم المختلفة.
فى المجمل يُمثل هذا البروتوكول نقلة نوعية فى مفهوم الاستثمار فى التعليم المبكر، حيث يضع المسجد فى قلب معركة بناء الإنسان، ويُعيد للمؤسسات الدينية دورها الطبيعى فى خدمة المجتمع، دون أن تحل محل المدرسة أو الأسرة، بل لتكمل دورهما بما يعزز مناعة الأجيال القادمة.. حفظ الله مصر.