رسوب وزارة التربية والتعليم
أوجاع مضنية أصابت عددًا كبيرًا من الأسر المصرية في مختلف بقاع الجمهورية، بعدما تلقوا صفعة قاسية من نتيجة الثانوية العامة 2025 التي امتلأت بنتائج منخفضة لطلاب يُشهد لهم بالتفوق، ونتائج أخرى للجان بعينها ترتفع درجات جميع طلابها بشكل يستوجب الريبة.
لم تكن تلك الصفعة الأولى التي تتلقاها الأسر بسبب نتيجة الثانوية العامة 2025 بل سبقتها أيام من القلق والخوف والتوتر بعدما قررت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني اتباع سياسة التعتيم، ورفضت الإفصاح بشكل واضح عن موعد محدد لإعلان النتيجة لتهدئة روعهم وطمأنتهم فتركتهم يقعون في براثن "النصابين" وهواة التريند ليتلاعبون بأعصابهم.
إن ما حدث في نتيجة الثانوية العامة 2025 لا يمكن وصفه سوى بأنه رسوب لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في إدارة أهم الملفات في الحقيبة لكونها "مسألة أمن قومي" يترتب عليها مستقبل جيل بأكمله، جيل جديد يفتح أعينه على انتصار الغش والشعور بالظلم والقهر.
فوجئت مساء أمس بظهور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، على شاشات التليفزيون مع الإعلامي أسامة كمال ليتباهى بما حققه في امتحانات ونتيجة الثانوية العامة 2025 فوصفها بأنها بلا أخطاء وبلا غش جماعي سوى تصرفات فردية _ حسب وصفه_ متجاهلًا معاناة وشكاوى عدد لا بأس به من الشعب المصري.
كيف نصدق كلمات وزير التربية والتعليم وهي تخالف صرخات آلاف الأسر المصرية من نتيجة أبنائها في الثانوية العامة 2025 واصفين إياها بالظالمة؟ وكيف نتغاضى عن الكشوف المتداولة التي تحتوي على مجاميع مرتفعة تتخطى الـ90 في المائة في لجان محددة ما يعكس حدوث غش جماعي بها؟
تصريحات وزير التربية والتعليم تسببت في حالة من الغضب الشديد وسط أولياء الأمور، وتزايدت أوجاعهم، وتعالت صيحاتهم بإنصاف أبنائهم وإعادة تصحيح المواد العلمية وإعادة مراجعة نتيجة الثانوية العامة 2025 في اللجان المشتبه بوجود حالات غش جماعي بها، لكن لا حياة لمن تنادي، فنفس هؤلاء يشتكون منذ بداية الامتحانات من دخول طلاب بالهواتف المحمولة والسماعات في عدد من اللجان بينما يحدث تشديدات في لجان آخرى.
السيد وزير التربية والتعليم لا تكن كمن يدفن رأسه في الرمال ويتوقع أن يصبح كل شيء على ما يرام، لا شيء يتحسن سوى بالمواجهة الحقيقية الحاسمة، والاعتراف بالواقع هو بداية الطريق نحو الإصلاح، ومن دون ذلك سنكون أول مشجعي استمرار الغش ليكون بذرة لمواطن فاسد لا يعرف قيمة العلم والوطن والأمانة.
لقد رسبت وزارة التربية والتعليم في تحقيق الشفافية، وطمأنة الشعب المصري، والقضاء على الغش منذ بدايته، وتحقيق العدالة في نتيجة مصيرية تتحكم في مستقبل وطن، فشلت بجدارة في أن تستشعر آلام المجتمع وتحتويها قبل أن تداويها، أبت أن تكون جزءًا منه فنأت بنفسها في جزر منعزلة تبني بها أمجادًا زائفة.