دراسة تكشف سر التجاعيد ..وكيفية الوقاية والتخلص منها
منذ عقود، كان الخبراء ينظرون إلى التجاعيد كعلامة طبيعية على التقدم في العمر، مرتبطة بعوامل وراثية، وأضرار الشمس، وتباطؤ تجدد خلايا الجلد، لكن دراسة حديثة لعلماء من جامعة بينجهامتون في نيويورك قدمت تفسيرًا علميًا دقيقًا لهذا التحول الجلدي، يعتمد على خصائص ميكانيكية دقيقة شبيهة بسلوك مواد مرنة مثل المعجون المطاطي.
وفقًا للباحثين، يبدأ الجلد بالتمدد والانكماش بمرور الزمن، مما يؤدي إلى انهياره على شكل طيّات وتجاعيد.
ويشبه الأمر تمدد قميصك المفضل بعد كثرة الاستخدام؛ فهو لا يعود إلى شكله الأصلي تمامًا، بل يبدأ بفقدان مرونته وتكوّن الطيّات.
آلية دقيقة وراء التغيرات
وقال الدكتور جاي جيرمان، الأستاذ المشارك في الهندسة الطبية الحيوية، إن الجلد يتمدد أفقيًا، لكنه في الوقت ذاته يتقلص عموديًا.
ويسبب هذا التباين في القوى تشوهًا تدريجيًا في البنية، ينتج عنه التجاعيد، وأوضح أن الجلد ليس في حالة راحة تامة، بل هو مشدود قليلًا طوال الوقت، مما يُولّد قوى داخلية كامنة تؤدي إلى هذا التغير مع مرور السنوات.
ما بعد سن الخامسة والعشرين
تشير البيانات إلى أن التجاعيد تبدأ بالظهور عادة بعد سن 25، وهي ناتجة جزئيًا عن التغيرات الطبيعية في تكوين الجلد، مثل انخفاض إنتاج الكولاجين والإيلاستين في طبقته الوسطى، ولكن الجديد في الدراسة هو إثبات أن هذه التغيرات تترافق مع تغيرات ميكانيكية قابلة للقياس، مثل مدى تمدد الجلد وتحمله للشد.
لاختبار هذه النظرية، استخدم الفريق البحثي جهازًا لقياس الشد منخفض القوة على عينات جلد مأخوذة من أفراد تتراوح أعمارهم بين 16 و91 عامًا.
ووجدوا أن الجلد الشاب يتمتع بخواص متناسقة ومستقرة، لكن مع التقدم في السن، تبدأ هذه الخواص في الاضطراب، فيصبح الجلد أكثر تمددًا جانبياً وأقل تماسكًا.
التجاعيد: حتمية أم يمكن تفاديها؟
رغم أن الدراسة لم تتوصل إلى طريقة لوقف هذه التغيرات، فإنها تؤكد أن التجاعيد ليست مجرد نتيجة لتلف خارجي، بل هي تعبير فيزيائي عن تغيرات داخلية معقدة. وأضاف جيرمان أن العوامل البيئية مثل التعرض المفرط للشمس تسرّع من هذه العملية. وقال: "العمل في الهواء الطلق طوال الحياة يؤدي بلا شك إلى شيخوخة أسرع للبشرة مقارنة بمن يعملون في بيئات مغلقة."
أفق علمي جديد في فهم الشيخوخة
نُشرت نتائج البحث في مجلة Journal of the Mechanical Behavior of Biomedical Materials، وهي تفتح آفاقًا جديدة لفهم الشيخوخة الجلدية بشكل علمي دقيق. وبينما لم تقدم الدراسة حلولًا عملية حتى الآن، إلا أنها تمهد الطريق لتطوير استراتيجيات جديدة قد تستهدف القوى الكامنة داخل الجلد، بدلًا من التركيز فقط على العوامل الخارجية أو الكريمات الموضعية.