«غزة تحتضر»

المسعف الفلسطينى «طلعت الأغا» للوفد.. «أغيثونا نباد يا عالم»
العطش والجوع يفتكان بالفلسطينيين.. و«هولاكو» تل أبيب: لن نوقف الحرب
تقف غزة وحيدة بجسدها المنحول وعيونها الغائرة الغارقة فى بحر الخذلان بعظام وجهها وأطرافها البارزة وانينها وانفاسها الهزيلة وسؤالها الوحيد أيضا، لماذا تركتمونى أنازع الإبادة وحدى فى وجه المخططات الدولية للتهجير القسرى بالإبادة بالقتل والجوع والعطش والإخلاء والنزوح المر تحاصرها دبابات الاحتلال الصهيونى برئاسة «هولاكو» العصر «بنيامين نتنياهو»؟.
تصارع غزة البقاء على قيد الحياة أمام ترسانة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» الوسيط الغير نزيه فى مفاوضات عقيمة لا تبرح مكاتبها المكيفة وذلك على وقع أرواح أهالى القطاع أصحاب الأرض الذين فرمتهم التصريحات الإنسانية الكاذبة عن حق الإنسان فى الحياة قبل أن تنحرهم آلة القتل السادية الصهيونازية الأمريكية على مدار 655 يوما من الخذلان الدولى.
هنا غزة شهداء الجوع بالجملة على مدار الساعة يموت الناس من الجوع، والأطفال يحتضرون على أبواب الطحين وتحتضر الأمهات يذرفن دموعا لا تروى أجساد أبنائهم الهزيلة وتتعالى صرخات الأبرياء فيما يصم العالم المشارك فى الإبادة مآذنه ويدير ظهره ضاغطا بجرائمه على أنفاسهم الاخيرة.
ينقل لنا ضابط الاسعاف «طلعت الأغا» بعض مشاهد الكارثة فيقول: توفى قبل قليل رضيع من الجوع من شمال القطاع، سبقه استشهاد الشابة «رحيل محمد رصرص» 32 عاما وهى من ذوى الاحتياجات الخاصة، فى مجمع ناصر الطبى بمدينة خان يونس جنوب القطاع بعد معاناة طويلة ومؤلمة مع مضاعفات سوء التغذية الحاد، فى ظل مجاعة خانقة سببها الحصار الإسرائيلى المتواصل ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
ويشير ضابط الاسعاف الفلسطينى أن «رحيل» كانت تزن قرابة 50 كيلوجراما قبل شهور، إلا أن الحصار وتجويع أهالى القطاع أدى إلى تدهور حالتها تدريجيا حتى وصل وزنها إلى 25 كيلوجراما فقط. ومع تراجع قدرتها الجسدية وانعدام الرعاية الصحية والغذائية، فشل جسدها الهزيل فى مقاومة الجوع القاتل، مما أدى إلى استشهادها.
ويضيف «الأغا» خلال تصريحات خاصة من قطاع غزة «للوفد»، «ارتقى الطفل عبد الحميد الغلبان من مدينة خان يونس نتيجة سوء التغذية فيما لفظ الشاب أحمد الحسنات، أنفاسه الأخيرة ايضا نتيجة سوء التغذية والتجويع الإسرائيلى فى دير البلح وسط القطاع».
وقال مستغيثا: «نعمل فى ظروف كارثية بلا أدنى مقومات الإنقاذ، نحن لا نطلب المستحيل.. نطلب فقط من كل من لديه ضمير أن لا يكون شاهد زور على المجاعة، أن لا يمر كأنه لم ير ولم يسمع وعلى الجميع ألا يقف ساكنًا أمام تجويع الأطفال وقتل الأحياء بالبطء.. افعلوا شيئا حتى لا تسألوا غدًا: أين كنتم؟».
وباستشهاد «رحيل» ترتفع حصيلة الشهداء الناجمة عن المجاعة فى القطاع إلى 20 حالة خلال 48 ساعة فقط، بحسب مصادر طبية فلسطينية. وكانت وزارة الصحة فى غزة قد أعلنت أن عدد شهداء سياسة التجويع الصهيونية بلغ 86 فلسطينيا، بينهم 76 طفلا، منذ بدء الحصار الشامل على القطاع فى 7 أكتوبر 2023.
وأكدت بلدية غزة، أن العطش يجتاح المدينة ونصيب الفرد من المياه أصبح أقل من 5 لترات يوميا لجميع احتياجاته.
وأوضحت البلدية أن آبار المياه لا تكفى سوى 12% من إجمالى احتياجات المواطنين اليومية. وتشير دراسات متخصصة إلى أن نحو 97% من المياه فى قطاع غزة غير صالحة للاستهلاك البشرى، بسبب الاعتماد على حوض مياه جوفية مالح وملوث، وعدم كفاية محطات تحلية المياه التى دمر معظمها أو توقفت عن العمل.
الموت فى غزة يلاحق الجميع لا يستثنى احد ا فأطلقت وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) صرخة استغاثة بشأن الوضع الإنسانى المأساوى الذى يعيشه مراسلوها داخل القطاع محذرة من احتمال موتهم جوعاً فى أية لحظة، وذلك لأول مرة منذ تأسيسها عام 1944.
وأعربت الوكالة الفرنسية فى بيانها عن قلق بالغ إزاء مصير عشرة من صحفييها المتعاونين مع المؤسسة فى غزة، بينهم صحفيون ومصورون ومراسلو فيديو، لم يتوقفوا منذ بداية الحرب عن توثيق الواقع رغم ظروف العيش القاسية والمخاطر اليومية.
ووجهت الوكالة استغاثة للمجتمع الدولى والجهات المعنية، مؤكدة أنها لم تتعرض من قبل لخطر فقدان طاقم صحفى بسبب الجوع، حتى فى أسوأ مناطق النزاع التى غطتها على مدى ثمانين عاماً. وأضافت: «نخشى أن نستيقظ فى أى لحظة على خبر موت أحدهم جوعاً، وهذا أمر لا يُحتمل».
وأعلن «نتنياهو» أن حرب الإبادة الجماعية فى القطاع لن تتوقف ما لم تعلن حركة المقاومة حماس استسلامها الكامل وقال: «إن اللحظة التى تلقى فيها حماس سلاحها وتستسلم وربما نسمح لها بمغادرة غزة عندها فقط ستنتهى الحرب».
وأكد رئيس أركان الاحتلال، «هيرتسى هاليفي» أن تل أبيب تستعد لسيناريو 7 أكتوبر «طوفان الاقصى» على الجبهات المختلفة وأشار إلى استمرار استهداف سوريا و«حزب الله» والعمل على حرمانهما من القدرات الإستراتيجية، بما يضمن حرية تحرك إسرائيل فى المنطقة.
جاء ذلك خلال جلسة تقييم عقدها الاحتلال استعرضت الموقف الاستخباراتى والعملياتى والاستراتيجى فى مختلف الجبهات، من الدول المجاورة حتى عمق الشرق الأوسط.
وأوضح بيان لقوات الاحتلال أن الاجتماع عرض نظرة شاملة للمنطقة، من طهران حتى غزة، مع تقييم للعوامل المؤثرة والتحديات المستقبلية والخطط العملياتية القادمة.
وطالب «هاليفى» قواته بالبقاء فى حالة استعداد دائم لمواجهة تصعيد واسع وشامل، فى ظل واقع معقد ومتعدد الجبهات، مشدداً على ضرورة الجمع بين الهجوم والدفاع فى مختلف الساحات والحدود.
وأشار إلى أن المعركة فى القطاع هى واحدة من أعقد الحروب التى خاضتها تل أبيب مدعيا أنها حققت ما وصفه بإنجازات كبيرة، وتواصل تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية يومية بقيادة المنطقة الجنوبية وبمشاركة وحدات عاملة واحتياطية.