هل دعوة أربعين غريبًا مستجابة؟.. دار الإفتاء توضح حقيقة المقولة الشائعة

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الدعاء بظهر الغيب للغير من أعظم الأعمال المستحبة في الشريعة الإسلامية، بل يُرجى استجابته بإذن الله تعالى، غير أنه لا يوجد في النصوص الشرعية ما يربط استجابة الدعاء بعدد محدد من الداعين أو بكونهم من الغرباء، كما هو شائع بين الناس بشأن "دعوة أربعين غريبًا".
دعوة أربعين غريبًا مستجابة
وأوضحت الدار، في ردها على سؤال حول مدى صحة المقولة المنتشرة: "دعوة أربعين غريبًا مستجابة"، أن هذا القول لا أصل له في السنة النبوية، ولم يُرو بهذا اللفظ في كتب الحديث أو كتب الفقه المعتمدة.
بل إن هذا من الأمور التي شاعت بين الناس وتناقلوها دون دليل شرعي واضح.
وأضافت أن الدعاء بوجه عام عبادة جليلة يحث عليها الإسلام، لما فيها من تضرع وتذلل وافتقار إلى الله تعالى، مستشهدة بقول الله عز وجل:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]
وقوله تعالى أيضًا:
﴿ٱدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].
وبيَّنت دار الإفتاء أن السنة النبوية المطهرة حفلت بأحاديث تبين فضل الدعاء، ومنها ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«الدعاء هو العبادة»
ثم تلا قول الله تعالى:﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]
[رواه الأربعة].
وبشأن أصل الاعتقاد بأن دعوة أربعين غريبًا تُستجاب، أوضحت الدار أن هذه المقولة ليست حديثًا نبويًّا، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لكنها أشارت إلى حديث نبوي صحيح يبرز فضل الدعاء للغير، وهو ما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«إِنَّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابَةً: دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ»
[رواه أبو داود والترمذي].
وأكدت دار الإفتاء أن الدعاء للغير بظهر الغيب مشروع ومحبب في الإسلام، بل ويُعد من الدعاء الأرجى قبولًا؛ لكونه دلالة على الإخلاص وصفاء القلب، لافتة إلى الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه":«ما من عبدٍ مسلمٍ يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل».
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أهمية الدعاء في حياة المسلم، مشيرة إلى أن الإخلاص في الدعاء، واليقين في الإجابة، وصدق التوجه إلى الله، كلها عوامل تزيد من رجاء استجابة الدعاء، بعيدًا عن التحديدات العددية غير المثبتة شرعًا.