بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الإفتاء توضح حكم قطع صلاة الفرض للرد على مكالمة مهمة

بوابة الوفد الإلكترونية

أوضحت دار الإفتاء المصرية، الحكم الشرعي لقطع المسلم صلاة الفريضة من أجل أمر مهم، وذلك في فتوى جديدة وردت إليها عبر منصاتها الرسمية، ردًّا على سؤال تلقته من أحد المواطنين، جاء فيه: "ما حكم قطع صلاة الفرض إذا رن الهاتف وكان الشخص ينتظر مكالمة مهمة جدًّا؟ هل يجوز له قطع الصلاة والرد على الهاتف ثم إعادة الصلاة من جديد؟ وهل للمذاهب الفقهية آراء في هذه المسألة؟"

الفتوى: المعيار شخصي ويُقدّر بضرورته

وأكدت دار الإفتاء في ردها أن المعيار في هذا الأمر شخصي، حيث يُناط الحكم بقدرة المصلي على تقدير الضرورة أو الحاجة التي تستوجب قطع الصلاة.

 وأضافت أن المرجع في ذلك هو غلبة ظن الشخص نفسه، وما إذا كانت المصلحة المترتبة على الرد لا يمكن تداركها إن فاتت، أو ما إذا كان في تفويت المكالمة ضرر بالغ لا يُحتمل.

وأوضحت الدار أنه إذا رأى المصلي – حسب ما يغلب على ظنه – أن المكالمة ضرورية جدًّا، وأن تجاهلها سيؤدي إلى ضرر محقق أو فوات مصلحة مهمة لا يمكن تعويضها لاحقًا، فإن قطع الصلاة في هذه الحالة جائز شرعًا، بشرط أن يُقدّر ذلك بقدره، وألا يتوسع المسلم في تطبيق الحكم على غير موضع الضرورة.

وشددت دار الإفتاء على أنه يتوجب على المسلم إعادة الصلاة من جديد إذا قطعها، لأن الفريضة لا تُبنى على أجزاء متفرقة، ويجب أداؤها كاملة باتصال وسكينة وخشوع.

متى يكون القطع واجبًا؟

وأشارت الإفتاء إلى أن جواز قطع الصلاة للفريضة لا يقتصر فقط على المكالمات الهاتفية، بل قد يتعين القطع ويصبح واجبًا في حال تعلق الأمر بإنقاذ إنسان من خطر محقق، كمن يُوشك على الغرق، أو يستغيث لنجدة عاجلة، أو في حال نشوب حريق، أو سقوط طفل، أو حادث مفاجئ يستدعي التدخل الفوري.

وأضافت: "في مثل هذه الحالات، فإن المحافظة على النفس البشرية – وهي من الكليات الخمس في الشريعة الإسلامية – تُقدم على أداء الصلاة، ويكون القطع حينئذٍ واجبًا وليس مجرد رخصة".

الاستدلال من السنة النبوية

ولم تخلُ الفتوى من تأصيل فقهي واستشهاد من السنة النبوية، حيث استدلت دار الإفتاء بما رواه الإمام البخاري في صحيحه، وكذلك أحمد في مسنده، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم في المستدرك، عن الأزرق بن قيس، قال: "كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على حرف نهر، إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه، فجعل يتبعها... قال شعبة: هو أبوبرزة الأسلمي -رضي الله عنه-... فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله -ﷺ- سبع غزوات، وشهدت تيسيره، وإني إن كنت أرجع مع دابتي، أحب إليّ من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق عليّ".

وبيّنت دار الإفتاء أن هذا الأثر يدل على جواز قطع الصلاة لرفع مشقة لاحقة متوقعة، وأن الرسول ﷺ كان يُراعي أحوال الناس وييسر عليهم، وأنه لا حرج في قطع الصلاة ما دام ذلك لدفع ضرر أو جلب مصلحة ضرورية.

الفرق بين الضرورة والعذر اليسير

وفي ختام فتواها، فرّقت دار الإفتاء بين الضرورة والعذر اليسير، موضحة أن ما يُعد أمرًا يسيرًا أو يمكن تداركه – كضبط الهاتف على وضع صامت، أو تقليل وقت الصلاة بالتخفيف – لا يبيح قطع الصلاة، بل يجب إتمامها، لأن الأصل هو المحافظة على أركان العبادة ما لم توجد ضرورة حقيقية.