همسة طائرة
مصر الصمود
فى عالم يموج بالتقلبات والأزمات، أثبتت مصر قدرتها الفائقة على الصمود والتماسك اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، رغم التحديات الجسيمة التى تحيط بها من الداخل والخارج. فالمشهد المصرى خلال السنوات الأخيرة يعكس تجربة دولة واجهت الضغوط بكل صلابة، واستطاعت أن تحافظ على استقرارها الوطنى وسط بيئة إقليمية مضطربة وعالم يشهد أزمات متتالية.. فعلى مستوى الاستقرار السياسى وتعزيز مؤسسات الدولة تمكنت مصر من تحقيق قدر كبير من الاستقرار السياسى فى وقت تعانى فيه العديد من دول الجوار من الحروب والانقسامات والصراعات الطائفية. فقد عززت الدولة من مؤسساتها الدستورية، وأجرت استحقاقات انتخابية متتالية، ووسّعت من دائرة الحوار المجتمعى حول القضايا الوطنية الكبرى، وسعت لبناء دولة مدنية قوية تحتكم للقانون وتعتمد على مؤسساتها لا على الأشخاص.. كما لعبت القيادة السياسية دورًا محوريًا فى إدارة الملفات الإقليمية والدولية، باتزان وعقلانية، جعلت من مصر طرفًا رئيسيًا فى أية تسوية أو تفاوض حول أزمات المنطقة، سواء فى ليبيا، أو غزة، أو السودان، مع الحفاظ على ثوابت الأمن القومى.
<< يا سادة.. أما على مستوى الصمود الاقتصادى فى وجه الأزمات العالمية.. فرغم تأثير جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار المحروقات عالميًا، وانكماش سلاسل الإمداد، استطاعت مصر أن تحافظ على معدل نمو إيجابى، وهو ما لم يتحقق فى كثير من اقتصادات المنطقة.
وبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته الحكومة منذ عام 2016، بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، أسهم فى تعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على امتصاص الصدمات، وتحقيق معدلات نمو فى قطاعات حيوية مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية والرقمنة.. وقد شهدت السنوات الماضية إطلاق مشروعات قومية كبرى خلقت ملايين فرص العمل، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع «حياة كريمة» لتنمية الريف المصرى، ومشروعات الطاقة المتجددة وقناة السويس الجديدة، وهو ما أسهم فى تنمية قطاعات اقتصادية وخلق بيئة استثمارية واعدة.
<< يا سادة.. أما على المستوى المجتمعى وتعزيز الهوية الوطنية.. فرغم حملات التشكيك والشائعات التى تستهدف النيل من وعى المواطن المصرى، ظل الشعب حائط الصد الأول فى مواجهة محاولات زعزعة الاستقرار. فالمجتمع المصرى يتمتع بدرجة عالية من الوعى والقدرة على التمييز، ونجحت الدولة فى تعزيز مفهوم الانتماء والهوية الوطنية من خلال دعم التعليم وتطوير المناهج، وتمكين الشباب، ورعاية الفئات الأكثر احتياجًا.. كما أظهرت المبادرات المجتمعية التى تطلقها الدولة، مثل «تكافل وكرامة» و«سكن كريم» و«100 مليون صحة»، اهتمامًا حقيقيًا بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين جودة الحياة للفئات الأكثر احتياجًا، ما ساهم فى تقوية النسيج المجتمعى ومساندة الدولة فى وجه التحديات.
<< يا سادة.. أما على مستوى الدور الإقليمى والدولى لمصر.. فسياسيًا، استعادت مصر دورها كقوة إقليمية فاعلة، وصوتًا عربيًا وعقلانيًا فى المحافل الدولية. فقدمت مبادرات للسلام، وساهمت فى استقرار الدول المجاورة، وكانت وسيطًا نزيهًا فى أكثر من ملف شائك.. ودوليًا، نجحت فى استقطاب استثمارات أجنبية، وعززت شراكاتها مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وانفتحت على القارة الأفريقية بتوجه تنموى وتكامل اقتصادى واضح.
<< يا سادة.. إن التعافى الذى يعيشه المجتمع المصرى هو نتاج لرؤية قائد أحب وطنه وأخلص له فنصره الله نصر عزيز مقتدر أنه الرئيس السيسى الذى شهد عهده إشادات دولية ونجاحات محلية.. فعلى مدار العقد الأخير، نجحت الدولة المصرية فى تحقيق تعافٍ تدريجى وملموس للمجتمع على الصعيدين الاجتماعى والاقتصادى، فى ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى تبنّى رؤية استراتيجية شاملة لبناء الإنسان المصرى واستعادة تماسك الدولة بعد سنوات من التحديات الجسيمة. وقد انعكس هذا التعافى فى عدد من المؤشرات الإيجابية والتقارير المحلية والدولية التى وثّقت هذا التحول، وأشادت بنموذج التنمية المصرية، لا سيما فى ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة التعقيد فمن ملامح التعافى المجتمعى.. العدالة الاجتماعية والتنمية الريفية.
فقد تبنّت الدولة مفهوم «التنمية من القاعدة»، وأطلقت المشروع الأضخم فى تاريخ مصر الحديث، وهو مبادرة «حياة كريمة»، التى تستهدف تنمية أكثر من 4500 قرية مصرية.. لم يكن الهدف من المبادرة فقط تحسين الخدمات، بل إعادة دمج الريف فى منظومة التنمية القومية، من خلال بنية تحتية حديثة، ومراكز خدمية، ومدارس، ووحدات صحية، ومشروعات تنموية تخلق فرص عمل حقيقية.
<< يا سادة.. على مستوى التمكين الاقتصادى للفئات الأولى بالرعاية.. أطلقت الحكومة برامج حماية اجتماعية مثل «تكافل وكرامة»، التى وسّعت شبكات الأمان الاجتماعى لتشمل ملايين المواطنين من الفئات الأكثر احتياجًا.. كما تم إنشاء قواعد بيانات دقيقة للفقر متعدد الأبعاد، واستخدامها فى توجيه الدعم النقدى والعينى للفئات المستحقة، ضمن سياسة تعتمد على الاستهداف الذكى للعدالة الاجتماعية
<< يا سادة.. على مستوى النهضة الصحية والتعليمية نجحت الدولة فى القضاء على فيروس «سى» من خلال حملة «100 مليون صحة» والتى أشادت بها منظمة الصحة العالمية واعتبرتها نموذجًا دوليًا يحتذى به.. وفى القطاع التعليمى، تم تطوير المناهج، وتوسيع البنية الرقمية، وتحديث البنية المدرسية، ضمن خطة شاملة لإعادة بناء منظومة التعليم.
وشهدت على ذلك الإشادات الدولية بالتعافى المصرى فلم يكن هذا التحول خفيًا على المؤسسات الدولية، التى رصدت وقيّمت الأداء المصرى فى عدد من التقارير، وأبرزها: برنامج الأمم المتحدة الإنمائى (UNDP) ففى تقرير لتنمية البشرية فى مصر 2021، أشار البرنامج إلى أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا فى بناء رأس المال البشرى، وتوفير الرعاية الصحية، وتحسين جودة الحياة.. وأكد أن المبادرات الرئاسية تمثل تحولًا نوعيًا فى مفهوم التنمية المستدامة.
** أما البنك الدولى فنوّه بتجربة مصر فى موازنة النمو الاقتصادى مع توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية، خاصة فى ظل أزمات كبرى مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.. وفى تقريره لعام 2022، أثنى البنك على مشروعات البنية التحتية ومبادرات تنمية الريف، واعتبرها «رافعة اقتصادية واجتماعية».
صندوق النقد الدولى أكد فى مراجعاته المتعددة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى أن الحكومة نجحت فى الاستمرار فى دعم الطبقات الفقيرة والمتوسطة رغم الضغوط المالية، وحافظت على إنفاق اجتماعى مرتفع.
<< منظمة الصحة العالمية أشادت بمبادرة «100 مليون صحة» واعتبرتها حملة فريدة من نوعها على مستوى الدول النامية، وواحدة من أنجح برامج الكشف المبكر والرعاية الصحية فى تاريخ المنطقة.
<< منظمة العمل الدولية (ILO) سلطت الضوء على جهود مصر فى تمكين المرأة والشباب، وتعزيز مشاركة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصاد الوطنى، بما يعزز من التماسك الاجتماعى.
<< يا سادة.. من المهم بحال أن نؤكد أن هذا التعافى تم رغم الأزمات حيث لم يكن وليد بيئة مثالية، بل تحقق رغم أزمات دولية كبرى أثرت على اقتصادات العالم أجمع، مثل جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. أزمة سلاسل الإمداد العالمية، ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.. إلا أن مصر استطاعت أن تحقق نموًا إيجابيًا، وتُبقى على الاستثمارات العامة فى التعليم والصحة والبنية التحتية، وتقلل نسب الفقر، وتخفض البطالة، وكل ذلك وسط ضغوط مالية وسياسية إقليمية غير مسبوقة.
<< مؤشرات التحسن المجتمعى فى الأرقام.. انخفاض معدل الفقر من 32.5% عام 2018 إلى 29.7% فى 2020 (وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء). معدل البطالة انخفض إلى أقل من 7.5%.. أكثر من 25 مليون مواطن استفادوا من برامج الحماية الاجتماعية. 100 مليون مواطن تم فحصهم فى حملات الكشف المبكر.. أكثر من 60 مليون مواطن سيتم تحسين حياتهم المباشرة عبر «حياة كريمة».
<< همسة طائرة.. يا سادة.. رغم التحديات الاقتصادية العالمية، والاضطرابات السياسية الإقليمية، ومحاولات استهداف الدولة من الداخل، أثبتت مصر أنها دولة ذات مؤسسات قوية، وقيادة واعية، وشعب يثق بقدرات بلاده.. إن قدرة مصر على التماسك فى ظل هذه الظروف المعقدة ليست مجرد نجاح مرحلى، بل دليل على استراتيجية طويلة المدى تهدف لبناء دولة حديثة قادرة على المنافسة، وعلى الاستمرار بثقة فى طريق التنمية والاستقرار.
<< يا سادة.. إن ما حققته مصر فى عهد الرئيس السيسى من تعافٍ مجتمعى لم يكن مجرد تحسين فى المؤشرات، بل تغيير فى فلسفة الدولة تجاه الإنسان المصرى، وإعادة صياغة العلاقة بين المواطن والدولة على أسس من العدالة والكفاءة والكرامة الإنسانية.
لقد باتت مصر اليوم مثالًا إقليميًا فى كيفية تحويل الأزمات إلى فرص، وتثبيت أركان دولة قادرة على بناء مجتمع أكثر تماسكًا وشمولًا وعدالة، بدعم من قيادة سياسية تمتلك الرؤية والإرادة، ومجتمع واعٍ قادر على الصمود والمشاركة فى بناء المستقبل.