بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فضل قراءة سورة الواقعة.. وهل تجلب الرزق في 14 يوماً؟

القرآن الكريم
القرآن الكريم

على الرغم من أن سورة الواقعة تُعد من السور القصيرة المعروفة في القرآن الكريم، إلا أن سر قراءتها سبع مرات لا يزال خافيًا على الكثيرين. 

فبينما يعرف البعض موقعها في المصحف من حيث عدد الآيات والجزء ورقم السورة والصفحة، تغيب عن أذهانهم الأسرار المرتبطة بها والتي قد تفتح أبواب الرزق والفرج في الدنيا، وتنير السبيل إلى النعيم في الآخرة.

وبما أن القرآن الكريم هو أفضل الذكر والدعاء، فإن تكرار تلاوته، خاصة لسور معينة مثل الواقعة، يدفع كثيرين إلى التساؤل حول فضائل ذلك، لا سيما مع انتشار القول بأن قراءة سورة الواقعة سبع مرات تجلب الرزق خلال 14 يومًا.

ما حقيقة فضل قراءة سورة الواقعة سبع مرات؟

فيما يتعلق بهذا القول، أشار العلماء إلى أن الاعتقاد بوجود عدد معين من التكرار لقراءة سورة الواقعة من أجل جلب الرزق أو تيسير الزواج أو الحمل، لا أصل له في السنة النبوية الصحيحة، ولم يرد بذلك حديث صحيح أو حتى ضعيف يسنده. ويؤكد أهل العلم أن ربط ثواب معين أو تحقيق غاية محددة بعدد من التلاوات لا يُؤخذ به إلا بوحي من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإلا صار ذلك من البدع.

فضل سورة الواقعة من السنة والآثار

رغم عدم ثبوت فضل قراءة السورة سبع مرات تحديدًا، إلا أن هناك أحاديث ضعيفة تداولها العلماء بشأن فضل قراءة سورة الواقعة يوميًا. ومن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا".
وقد أجمع المحدثون على ضعف هذا الحديث، لكنهم في الوقت ذاته أقروا بجواز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، شريطة عدم اعتقاد الوجوب أو الاستحباب الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

كذلك ورد أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يأمر بناته بقراءة سورة الواقعة كل ليلة، لما لها من أثر في منع الفقر والفاقة، حسب ما نُقل عنه في عدد من كتب الأثر.

مكانة سورة الواقعة وموضوعاتها

سورة الواقعة من السور المكية، تقع في الجزء السابع والعشرين من المصحف، وهي السورة السادسة والخمسون، وتتألف من 96 آية، وتبدأ بأسلوب شرط:"إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ".


وقد نزلت قبل سورة الشعراء وبعد سورة طه.

تتناول السورة أربع حقائق مركزية:

  1. وصف أحداث يوم القيامة.
  2. تحديد مصير الناس يوم البعث، وتقسيمهم إلى أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقين.
  3. عرض أدلة على البعث والنشور.
  4. تصوير مشاهد الاحتضار والنهاية المحتومة لكل إنسان.

ومن شدة تأثيرها، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المشهور:"شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون"،
لما اشتملت عليه هذه السور من تفصيل عذاب الآخرة، ووصف أهوال يوم القيامة.

فضل قراءة الواقعة في صلاة الفجر

من الآثار الواردة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يواظب على تلاوة سورة الواقعة في صلاة الفجر، لما لها من فضل عظيم وتأثير بالغ في ترقيق القلوب وتذكير النفوس بمصيرها، وقد نُقل عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت توصي النساء بقراءتها لما فيها من تثبيت وإيمان وطمأنينة.

لماذا سُميت بسورة الغنى؟

أطلق على سورة الواقعة لقب "سورة الغنى" لما ورد من أحاديث وآثار – رغم ضعفها – تفيد بأنها تمنع الفقر وتجلب الرزق، كما أن من يداوم على قراءتها يُحفظ من الغفلة، نظرًا لما تتضمنه من تذكير بالآخرة والحساب والجزاء، الأمر الذي ينعكس على سلوك الإنسان في الدنيا، فيجعله أكثر خشية وتقوى.

وقد أورد الهيثمي في "معجم الزوائد" حديثًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال:"قرأتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الواقعة، فلما بلغتُ (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ)، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فرُوحٌ وَرَيحَانٌ يا ابن عمر)".

لا شك أن سورة الواقعة من أعظم سور القرآن الكريم التي تمس القلوب، وتذكر بالآخرة، وتفتح آفاقًا للتأمل في مصير الإنسان بعد الموت. قراءة هذه السورة يوميًا، وإن لم تثبت فيها أحاديث صحيحة، تُعد من الأعمال الفاضلة التي لا حرج فيها، طالما لم يُعتقد أن لها فضلًا مخصوصًا بلفظ صريح من النبي صلى الله عليه وسلم.

أما عن قراءة سورة الواقعة سبع مرات خلال 14 يومًا من أجل جلب الرزق أو تسريع الزواج أو تيسير الحمل، فذلك مما لا أصل له في الشريعة، ويقع في باب البدع المحدثة، وينبغي التنبيه عليه لئلا يُنسب إلى الدين ما ليس فيه.

ومع ذلك، يبقى تدبر آيات سورة الواقعة والعمل بمضامينها من أعظم سُبل القرب إلى الله، والسعي في دروب الخير، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته، لا بكثرة الترديد أو التعلق بالأعداد دون نص.