بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الحصبة تضعف جهاز المناعة..علماء: خطرها يتجاوز فترة المرض

لقاح الحصبة
لقاح الحصبة

بينما يبدو أن الإصابة بالحصبة تنتهي بعد بضعة أيام من الحمى والطفح الجلدي، إلا أن الأبحاث الحديثة تكشف أن آثارها قد تمتد لسنوات، مُعرّضة الأطفال لمخاطر صحية جسيمة تتجاوز الإصابة الأولية بالفيروس.

 

تهديد مستمر رغم تعاطي اللقاح

رغم أن لقاح الحصبة يُعد من أنجح اللقاحات في التاريخ، حيث منع أكثر من 60 مليون حالة وفاة بين عامي 2000 و2023، فإن العالم يشهد في الوقت الراهن عودة مقلقة للمرض. 

وتُعزى هذه الزيادة إلى عوامل عدة، أبرزها انخفاض معدلات التطعيم، وتأخر حملات التحصين، والمعلومات المضللة المنتشرة في وسائل الإعلام.

ومع تراجع الثقة باللقاحات، يتساهل البعض مع خطر الحصبة، متناسين أنها ليست مرضًا عابرًا، بل تهديدًا طويل الأمد للجهاز المناعي للأطفال.

فقدان ذاكرة المناعة.. الأثر الخفي للحصبة

واحدة من أخطر نتائج الإصابة بالحصبة هي ما يُعرف بـ"فقدان ذاكرة المناعة". فالفيروس لا يهاجم الجسم فحسب، بل يمحو جزءًا من الذاكرة المناعية التي اكتسبها الطفل من إصابات أو تطعيمات سابقة، ما يتركه عرضة لأمراض كان محصنًا ضدها.

تُشير إحدى الدراسات إلى أن الأطفال غير المطعّمين، بعد إصابتهم بالحصبة، فقدوا بين 11% و73% من الأجسام المضادة ضد أمراض أخرى. في المقابل، لم يُظهر الأطفال الذين تلقوا اللقاح هذا التدهور المناعي.

 لقاح يتجاوز الحصبة

ويعتبر الجانب الآخر للقاح الحصبة هو ما يُعرف بـ"التأثير غير المحدد"، أي أن اللقاح لا يقي من الحصبة فقط، بل يُعزز أيضًا استجابة الجهاز المناعي ضد أنواع أخرى من العدوى. 

وثبت أن لقاحات الحصبة، وغيرها من اللقاحات الحية، تُدرّب الجهاز المناعي ليكون أكثر فاعلية بشكل عام.

وتفسر هذه الفوائد الإضافية السبب في أن الأطفال المطعّمين يتمتعون بصحة أفضل، ويُصابون بعدد أقل من الأمراض، حتى تلك غير المرتبطة مباشرة بالحصبة.

قبل انتشار اللقاحات، كانت الحصبة تحصد أرواح أكثر من 2.6 مليون إنسان سنويًا. اليوم، ومع انخفاض عدد الحالات، بدأت المجتمعات تنسى فتك هذا المرض، واستبدلت الذاكرة الجماعية بخرافات مضللة حول اللقاحات.

ومع انتشار هذه الأفكار، يعود الخطر للظهور من جديد، ليس فقط من خلال الفيروس ذاته، بل من خلال الأمراض التي يمكن أن يُضعف جهاز المناعة في مقاومتها بعد الإصابة بالحصبة.

سواء كان ذلك عبر منع فقدان ذاكرة المناعة، أو تعزيز الاستجابة المناعية بطرق غير مباشرة، فإن تطعيم الأطفال ضد الحصبة يظل إجراءً حاسمًا، فهو لا يحميهم من هذا الفيروس الخطير فحسب، بل قد يُوفر درعًا أوسع ضد أمراض أخرى، يُمكن أن تُهدد صحتهم مستقبلًا.