بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الشيخ محمد حسين مفتى القدس لـ«الوفد»:

فلسطين حيَّة فى ضمير الأمة

بوابة الوفد الإلكترونية

مصر سند حقيقي ..ولن نفقد الإيمان بمطالبنا

الأقصى يتعرض لانتهاكات مستمرة..ومقدساتنا فى خطر

نطالب بحقوقنا المشروعة في الحرية والاستقلال

 

وسط تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، وتنامى المخاطر التى تهدد المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء، كان لـ «الوفد» هذا الحوار مع فضيلة الشيخ محمد أحمد حسين، مفتى القدس والديار الفلسطينية، الذى تحدث بصراحة عن واقع القضية الفلسطينية، وتقدير الفلسطينيين العميق للدور المصرى الثابت والمشرّف، كما كشف عن رؤيته لمكانة المعاهدات فى الإسلام، ودور الفتوى فى دعم قضايا العدالة والحرية على مستوى العالم.

< بداية، كيف ترون حال القضية الفلسطينية فى ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة؟

- نحن كفلسطينيين لا نطلب المستحيل، بل نطالب فقط بتطبيق قرار واحد من قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، سواء تلك الصادرة عن الجمعية العامة أو مجلس الأمن، وهو حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم على أرضهم.

لكن رغم تراكم هذه القرارات على رفوف المؤسسات الدولية، فإن تنفيذها ما زال معطلاً. ومع ذلك، لا نفقد الأمل فى يوم تعود فيه الحرية لأبناء شعبنا، وسنظل نطالب بحقوقنا المشروعة فى الحرية والاستقلال، وسنصل إليها بإذن الله، رغم قسوة ما نتعرض له من عدوان مستمر.

< كيف تصف الوضع الحالى داخل الأراضى الفلسطينية؟

- للأسف الشديد، تسير التطورات بوتيرة متسارعة ومؤلمة للغاية، خاصة على مستوى الاستهداف المنهجى للمؤسسات والشعب الفلسطينى، وتحديداً فى قطاع غزة، الذى يتحمل النصيب الأكبر من الظلم والمعاناة والأسى.

وفى الوقت ذاته، هناك تحديات خطيرة تمس المقدسات الإسلامية والمسيحية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، الذى يتعرض لانتهاكات مستمرة. ولا تقتصر هذه الاعتداءات على الأقصى فقط، بل تطال أيضاً الكنائس والمقدسات المسيحية، مما يُشكل خطراً كبيراً على الهوية الدينية والوطنية للقدس وفلسطين.

من هنا، نُهيب بجميع المؤسسات الدينية والإنسانية والسياسية فى العالم أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطينى، وتسانده فى حماية مقدساته وحقه فى الاستقلال والحرية.

< وماذا عن وحدة الشعب الفلسطينى فى ظل هذه الظروف؟

- نحن فى نهاية المطاف شعب واحد، سواء فى غزة أو فى مدن وأرياف الضفة الغربية. قدمنا الكثير من التضحيات، ونتطلع أن تتوَّج هذه التضحيات يوماً ما بالكرامة والحرية والاستقلال، هذا الحلم سيبقى حياً فينا ما حيينا، ولن نفقد الإيمان بقضيتنا العادلة.

< ما تقييمكم لدور مصر فى دعم القضية الفلسطينية؟

- مصر كانت ولا تزال الشقيقة الكبرى، والثِقل العربى والإقليمى فى المنطقة، وقد قدمت الكثير لفلسطين على مرّ التاريخ، سياسياً وشعبياً ودينياً، ونحن نُثمن عالياً هذه المواقف المشرفة.

وقد استوقفتنى كلمات الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، حين أكد أن القضية الفلسطينية ومكانتها من الثوابت الوطنية المصرية التى لا تتغير، لا شعبياً ولا رسمياً، وهذا الموقف ليس بغريب على مصر وشعبها الأصيل.

< إلى أى مدى ترى أن المعاهدات يمكن أن تخدم القضية الفلسطينية دولياً؟

- المعاهدات فى الإسلام ليست مجرد وثائق سياسية، بل هى عقود مقدسة وخطيرة، يُمكن الاعتماد عليها فى نشر الدعوة، وإنهاء الحروب، وإشاعة السلام بين الشعوب.

الإسلام له نزعة عالمية، لكنه لا ينظر إلى الآخرين بفوقية أو استعمارية، بل بنظرة سامية تقوم على احترام الحرية الدينية، وكرامة الإنسان، وإعلاء قيم الحق والعدل والخير.

من أهم صفات المعاهدة فى الإسلام أنها ملزمة بالوفاء، وهو مبدأ قرره القرآن والسنة، والتزمت به الأمة الإسلامية عبر تاريخها. المسلم لا يرد الغدر بالغدر، بل يلتزم بالعهود حتى فى أصعب المواقف.

< وهل هناك شروط شرعية محددة للمعاهدات فى الشريعة الإسلامية؟

- نعم، هناك شروط شرعية واضحة، أبرزها: أن تتوافق المعاهدة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأن تحقق مصلحة المسلمين، وأن تتم برضا الطرفين، وتقوم على النيات الحسنة.

وفى هذا الإطار، يُعد احترام المواثيق الدولية من الركائز المركزية فى الإسلام، والوفاء بالعهود من القيم الأخلاقية الأساسية التى بُنى عليها الدين.

< ما دور الفتوى فى تعزيز احترام المواثيق الدولية؟

- الفتوى الشرعية تلعب دوراً محورياً فى توضيح هذه المفاهيم وتطبيقها، خاصة فى الدول التى تستند فى قوانينها إلى الشريعة، أو تلك التى توجد بها جاليات مسلمة كبيرة.

من خلال الفتوى، يمكن تعزيز احترام المواثيق الدولية عبر بيان مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية، ما يسهم فى دعم السلام والعدالة على مستوى العلاقات الدولية.

وأوصى بضرورة إجراء  بحوث مقارنة بين المواثيق الدولية والأحكام الشرعية، وتنظيم ورش تدريبية للمفتين لتعزيز وعيهم بهذا الجانب، وتفعيل دور الإفتاء فى دعم احترام المعاهدات الدولية على أسس شرعية وعلمية.

< أخيراً، هل ما زلتم ترون أن القضية الفلسطينية حيّة فى ضمير العالم العربى والإسلامى؟

- نعم، أنا راضٍ تماماً عن ما لمسته من حضور قوى للقضية الفلسطينية فى مواقف المسئولين والعلماء والمفتين، خاصة من الإخوة فى مصر.

ما طُرح من كلمات ومواقف يؤكد أن فلسطين ستظل حيّة فى ضمير الأمة، وأن شعوبنا ما زالت تعتبرها قضيتها الأولى، وأن المساندة مستمرة رغم كل التحديات.