قانون الإيجار القديم بين انتظار التصديق الرئاسي ومخاوف المستأجرين والقطاع الطبي

في ظل جدل واسع يسيطر على الأوساط القانونية والاجتماعية والطبية، يترقب ملايين المواطنين في مصر، من ملاك ومستأجرين، القرار النهائي للرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن قانون الإيجار القديم، بعد أن أقره مجلس النواب نهائيًا مؤخرًا، وينتظر فقط التصديق الرئاسي ليصبح نافذًا.
ما هو قانون الإيجار القديم؟
قانون الإيجار القديم ينظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين في العقود المبرمة قبل عام 1996، والتي تمنح المستأجرين امتيازات استثنائية، من بينها ثبات قيمة الإيجار مدى الحياة، وهو ما اعتبره الملاّك على مدى عقود إجحافًا بحقوقهم المالية.
ورغم المحاولات السابقة لتعديل القانون، ظل هذا الملف معقدًا نظرًا لتداخله مع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، حيث تسكن ملايين الأسر في وحدات سكنية وتجارية تخضع لهذا النظام، مع تفاوت قدرتهم على تحمل أي زيادات مستقبلية.
المادة المثيرة للجدل: نهاية عقود الإيجار بعد خمس سنوات
ينص مشروع القانون الجديد على إنهاء عقود الإيجار القديم خلال خمس سنوات من تطبيقه، وهي المادة التي أثارت موجة من الاعتراضات، خاصة من المستأجرين وأصحاب العيادات والمكاتب المهنية الذين يخشون من فقدان مقار أعمالهم.
ويقول مؤيدو القانون إنه يحقق العدالة بين المالك والمستأجر ويعيد التوازن الاقتصادي لسوق العقارات، فيما يرى معارضوه أن تطبيقه بهذه الصيغة قد يتسبب في تهجير آلاف الأسر، ويهدد استقرار الأنشطة الحيوية، مثل العيادات والصيدليات والمدارس الخاصة.
اتحاد المهن الطبية يدق ناقوس الخطر
في تطور لافت، وجّه اتحاد نقابات المهن الطبية (الذي يضم الأطباء البشريين والأسنان والصيادلة والبيطريين) نداءً رسميًا إلى الرئيس السيسي بعدم التصديق على القانون بصيغته الحالية، مطالبًا بإعادة القانون إلى مجلس النواب لمزيد من الدراسة والحوار المجتمعي.
وحذر الاتحاد من أن المادة الثانية في القانون تهدد أكثر من 21 ألف عيادة طبية و30 ألف صيدلية بالإغلاق أو الترحيل القسري خلال فترة قصيرة، وهو ما قد يؤدي إلى "خلخلة النظام الصحي" خاصة في المناطق الريفية والشعبية التي تعتمد على هذه المنشآت كمصدر رئيسي للرعاية الصحية.
مخاوف من آثار اقتصادية واجتماعية واسعة
أشار بيان الاتحاد إلى أن تطبيق القانون دون ضمانات كافية سيؤدي إلى أعباء مالية كبيرة على الأطباء والصيادلة، سواء بسبب تكاليف نقل العيادات أو إعادة إصدار التراخيص، إلى جانب فقدان العلاقة بين الطبيب ومجتمعه المحلي التي تكونت على مدار سنوات.
ويرى مراقبون أن القانون بحاجة إلى توازن دقيق يحقق الإنصاف للمالك دون الإضرار بالمستأجر، خصوصًا الشرائح محدودة الدخل والعاملين في القطاعات الخدمية، مثل الصحة والتعليم.