السفير حسام زكي: لا سلام دون إرادة إسرائيلية حقيقية والشرق الأوسط على مفترق طرق خطير

حذر السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، من أن غياب الإرادة الإسرائيلية الحقيقية للانخراط في عملية سلام جادة يجعل أي مساعٍ دولية لإحلال السلام في الشرق الأوسط غير ذات جدوى، لكنه أبقى نافذة الأمل مفتوحة، مشيرًا إلى إمكانية أن ينجح رئيس أمريكي نشِط ويتمتع بإرادة سياسية حقيقية في قلب موازين القوى نحو سلام عادل، لا من منطلق أخلاقي فحسب، بل تحقيقًا لمعادلة يربح فيها الجميع، وتراعي مصالح وشواغل جميع الأطراف.
وفي مقال رأي نشرته صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية، أشار زكي إلى أن التحولات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط تطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل توازن القوى في المنطقة، وما إذا كانت هذه التحولات قادرة على تمهيد الطريق لعصر جديد من التعايش السلمي والازدهار المشترك.
ونوّه إلى أن دول الخليج تستثمر بشكل متزايد في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، مما يجعل تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة ليس مجرد مصلحة إقليمية، بل ضرورة دولية تمس رفاهية النظام العالمي بأسره.
وشدد زكي على أن بناء واقع استراتيجي جديد في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم إلا عبر رؤية سلام حقيقية، ترتكز على حل الدولتين وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة، يليها تفعيل شامل لمبادرة السلام العربية، بما تحمله من التزامات واضحة ومتكاملة، تفتح الباب أمام سلام حقيقي واستقرار دائم.
وأضاف أن الأمن الإقليمي لا يُفهم بالطريقة ذاتها من جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن الرؤية العربية التي جرى إقرارها في القمم العربية تقوم على خمسة مرتكزات: إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي، احترام سيادة الدول، إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، مكافحة الإرهاب والحفاظ على الدولة الوطنية، وتقديم ضمانات أمنية للجميع لتحقيق المصالح المشتركة.
وفي مقابل هذه الرؤية، أشار زكي إلى أن إسرائيل لا تزال تتبنى نهجًا أحاديًا قائمًا على التفوق العسكري، مع تعطيل مستمر لأي حلول سياسية عادلة، ولفت إلى أن إسرائيل، منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، حرّفت مفهوم الأمن الإقليمي ليصبح مرادفًا للتفوق العسكري فقط، بينما تم تأجيل التسوية السياسية إلى أجل غير مسمى، دون طرح بدائل واقعية.
وأكد أن ما بعد 7 أكتوبر 2023 يمثل نقلة خطيرة من "سياسة التأجيل" إلى محاولة "الإلغاء الكامل" للقضية الفلسطينية، ما يضع المنطقة أمام مفترق طرق بالغ الخطورة.
وتطرق زكي إلى العلاقات العربية-الإيرانية، معتبرًا أن العديد من الدول العربية تبنت نهج التهدئة والحوار مع طهران على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على هذا النهج كوسيلة فعالة لمنع الانزلاق نحو صراعات أوسع.
وفي ختام مقاله، عبّر زكي عن قلقه من حالة الإحباط المتنامية، لا سيما بين الشباب العربي، بسبب تعثر فرص السلام واستمرار الحرب على غزة التي خلفت دمارًا وصفه بـ"الوحشي"، مؤكدًا أن فترات السلام القصيرة التي عرفها العالم العربي في التسعينيات أصبحت مجرد ذكريات بعيدة.
واختتم بتوجيه نداء إلى القوى الفاعلة في المنطقة وخارجها للعمل على كسر دائرة اليأس، مشيدًا باستعداد عدد من الدول العربية الكبرى للانخراط في نقاشات جادة ومسؤولة حول مستقبل الأمن والسلام في المنطقة.