بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مهن‭ ‬فى‭ ‬مهب‭ ‬الريح

بوابة الوفد الإلكترونية

من‭ ‬الأقصر‭ ‬للغربية‭.. ‬صناعات‭ ‬يدوية‭ ‬تودّع‭ ‬الحياة

 

فى‭ ‬قلب‭ ‬مصر‭ ‬تتوارى‭ ‬حكايات‭ ‬لمهن‭ ‬عريقة‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬المحافظات،‭ ‬ففى‭ ‬الأقصر‭ ‬‮«‬تحف‭ ‬تطوف‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬بين‭ ‬طياتها‭ ‬روح‭ ‬الفن‭ ‬والتراث،‭ ‬تصارع‭ ‬اليوم‭ ‬للبقاء،‭ ‬تستجدى‭ ‬نظرة‭ ‬اهتمام‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تختفى‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭. ‬وفى‭ ‬المنيا،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬صناعة‭ ‬الأقفاص‭ ‬تزهر،‭ ‬باتت‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الانقراض،‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬تحول‭ ‬جذرى‭ ‬فى‭ ‬احتياجات‭ ‬الناس‭ ‬وأنماط‭ ‬حياتهم‭.‬
ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬المهن‭ ‬اليدوية‭ ‬البسيطة،‭ ‬ففى‭ ‬سلامون‭ ‬القماش،‭ ‬تدمر‭ ‬عوامل‭ ‬متعددة‭ ‬مثل‭ ‬الروتين‭ ‬والضرائب‭ ‬والمنافسة‭ ‬الصينية‭ ‬‮«‬صناعة‭ ‬التريكو‮»‬،‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬مصدر‭ ‬فخر‭ ‬وعيش‭ ‬لكثيرين‭. ‬وفى‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬يئن‭ ‬الإسكافى،‭ ‬تلك‭ ‬الحرفة‭ ‬التراثية‭ ‬العتيقة،‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الذى‭ ‬طغى‭ ‬عليها،‭ ‬تاركًا‭ ‬إياها‭ ‬ذكرى‭ ‬جميلة‭ ‬لزمن‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬الأحذية‭ ‬تصنع‭ ‬بحب‭ ‬وتصلح‭ ‬بحرفية‭.‬
إنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مهن‭ ‬تندثر،‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬قصص‭ ‬وحكايات،‭ ‬وتاريخ‭ ‬وثقافة‭ ‬تفقد‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬حرفى‭ ‬يغادر‭ ‬ورشته،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬أداة‭ ‬تلقى‭ ‬جانبًا‭. ‬إنها‭ ‬دعوة‭ ‬للتأمل‭ ‬فى‭ ‬قيمة‭ ‬التراث،‭ ‬وضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المهن‭ ‬التى‭ ‬تمثل‭ ‬جزءًا‭ ‬أصيلًا‭ ‬من‭ ‬هويتنا‭ ‬المصرية‭. ‬فهل‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬لهذه‭ ‬الحرف‭ ‬بريقها؟،‭ ‬أم‭ ‬ستظل‭ ‬همسات‭ ‬من‭ ‬الماضى،‭ ‬تذروها‭ ‬رياح‭ ‬النسيان؟‭.‬
الإسكافى‭..‬
‭ ‬يصارع‭ ‬الزمن‭ ‬فى‭ ‬سوهاج
فى‭ ‬عالم‭ ‬تكتسحه‭ ‬التكنولوجيا‭, ‬تظل‭ ‬بعض‭ ‬الحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬الأصيلة‭ ‬تقاوم‭ ‬الاندثار‭, ‬وإن‭ ‬بصعوبة‭ ‬بالغة‭. ‬فبينما‭ ‬اختفت‭ ‬مهن‭ ‬عريقة‭ ‬كلحام‭ ‬وابور‭ ‬الجاز‮»‬‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬القرى‭ ‬والمدن‭, ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬حرفة‭ ‬‮«‬الإسكافى‮»‬‭ ‬تصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬فى‭ ‬سوهاج‭, ‬محافظة‭ ‬على‭ ‬زبائنها‭ ‬الأوفياء‭, ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬الذين‭ ‬يثقون‭ ‬فى‭ ‬براعة‭ ‬اليد‭ ‬الحاذقة‭.‬
جمال‭ ‬كمال‭ ‬عطية‭, ‬55‭ ‬عامًا‭, ‬إسكافى‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬طهطا‭ ‬شمال‭ ‬سوهاج‭, ‬يمثل‭ ‬خير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الصمود‭. ‬ورث‭ ‬جمال‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬أبا‭ ‬عن‭ ‬جد‭, ‬متشرّبا‭ ‬أصولها‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفاره‭. ‬يتذكر‭ ‬كيف‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭, ‬فى‭ ‬الصف‭ ‬السادس‭ ‬الابتدائى‭, ‬يساعد‭ ‬والده‭ ‬فى‭ ‬ورشته‭ ‬الصغيرة‭ ‬مقابل‭ ‬‮»‬قرش‮»‬‭ ‬يوميا‭. ‬لقد‭ ‬تعلم‭ ‬جمال‭ ‬فن‭ ‬تصليح‭ ‬وخياطة‭ ‬الأحذية‭ ‬يدويا‭ ‬بدقة‭ ‬واهتمام‭, ‬تماما‭ ‬كطالب‭ ‬الطب‭ ‬الذى‭ ‬يتعلم‭ ‬خياطة‭ ‬الجروح‭. ‬حرص‭ ‬على‭ ‬اكتساب‭ ‬كل‭ ‬مهارات‭ ‬المهنة‭ ‬من‭ ‬والده‭, ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬شابا‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬عمله‭ ‬الخاص‭, ‬فاستأجر‭ ‬محلا‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬طهطا‭ ‬ليمارس‭ ‬فيه‭ ‬شغفه‭.‬
لكن‭ ‬‮«‬دوام‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬المحال‮»‬‭, ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬جمال‭. ‬فمع‭ ‬ظهور‭ ‬ماكينات‭ ‬خياطة‭ ‬وتصليح‭ ‬الأحذية‭ ‬الحديثة‭ ‬التى‭ ‬اجتاحت‭ ‬الأسواق‭, ‬اعتقد‭ ‬أن‭ ‬مهنته‭ ‬ستنتهى‭. ‬ورغم‭ ‬انجذاب‭ ‬الكثيرين‭ ‬للآلات‭, ‬ظل‭ ‬زبائن‭ ‬الإسكافى‭ ‬اليدوى‭ ‬يبحثون‭ ‬عنه‭, ‬مؤمنين‭ ‬بأن‭ ‬الخياطة‭ ‬اليدوية‭ ‬تمنح‭ ‬الحذاء‭ ‬جودة‭ ‬ومتانة‭ ‬تدوم‭ ‬طويلا‭, ‬خاصة‭ ‬الأحذية‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬العالية‭.‬
يقر‭ ‬‮«‬جمال‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬المهنة‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬الانقراض‭, ‬وتقل‭ ‬رزقها‭ ‬تدريجيا‭. ‬وللتكيف‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التحدى‭, ‬اضطر‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬ماكينة‭ ‬حديثة‭ ‬ليواكب‭ ‬متطلبات‭ ‬السوق‭ ‬ويغطى‭ ‬نفقات‭ ‬أسرته‭ ‬المتزايدة‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك‭, ‬يؤكد‭ ‬جمال‭ ‬أن‭ ‬الخياطة‭ ‬اليدوية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هى‭ ‬الأفضل‭, ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬الخياطة‭ ‬‮»‬السحرية‮»‬‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬فى‭ ‬نعل‭ ‬الحذاء‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يقوم‭ ‬بصنع‭ ‬الأحذية‭ ‬يدويا‭ ‬لمن‭ ‬يرغب‭, ‬مستخدما‭ ‬أجود‭ ‬أنواع‭ ‬الجلود‭ ‬والخيوط‭, ‬مرددا‭ ‬أن‭ ‬‮»‬العمل‭ ‬اليدوى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬من‭ ‬الآلات‮»‬‭.‬
يتذكر‭ ‬جمال‭ ‬نصيحة‭ ‬والده‭ ‬الذهبية‭: ‬‮«‬الزبون‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬حق‮»‬‭, ‬وهى‭ ‬القاعدة‭ ‬التى‭ ‬يطبقها‭ ‬فى‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬زبائنه‭ ‬ليحافظ‭ ‬عليهم‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتمناه‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يربى‭ ‬نجليه‭ ‬ويلتحقا‭ ‬بكليات‭ ‬جيدة‭ ‬ويحصلا‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مناسبة‭, ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬تعليم‭ ‬أحدهما‭ ‬مهنة‭ ‬الإسكافى‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬عائد‭ ‬مادى‭ ‬مجز‭ ‬منها‭. ‬إنها‭ ‬قصة‭ ‬صمود‭ ‬وشغف‭, ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تراثنا‭ ‬الحرفى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبتلعه‭ ‬عجلة‭ ‬التطور‭ ‬السريع‭.‬
‮«‬التريكو‮»‬‭ ‬فى‭ ‬سلامون‭.. ‬قلعة‭ ‬تنهار
قرية‭ ‬سلامون‭ ‬القماش‭, ‬التابعة‭ ‬لمركز‭ ‬المنصورة‭ ‬بمحافظة‭ ‬الدقهلية‭, ‬كانت‭ ‬تُعرف‭ ‬بأنها‭ ‬قلعة‭ ‬صناعية‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج‭, ‬ومركزًا‭ ‬حيويًا‭ ‬لصناعة‭ ‬التريكو‭. ‬لسنوات‭ ‬عديدة‭, ‬نجحت‭ ‬منتجاتها‭ ‬المحلية‭ ‬فى‭ ‬منافسة‭ ‬المستورد‭, ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الشهرة‭ ‬آخذة‭ ‬فى‭ ‬التلاشى‭, ‬حيث‭ ‬تواجه‭ ‬الصناعة‭ ‬المحلية‭ ‬اليوم‭ ‬تحديات‭ ‬جمة‭ ‬تهدد‭ ‬بانهيارها‭ ‬الكامل‭ ‬وتحويل‭ ‬الصناع‭ ‬إلى‭ ‬عاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭.‬
يعزو‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬المهة‭ ‬تراجع‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬الحيوية‭ ‬إلى‭ ‬مثلث‭ ‬قاتل‭ ‬يضم‭ ‬الروتين‭ ‬الحكومى‭, ‬الضرائب‭ ‬الباهظة‭, ‬والمنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الصينية‭ ‬المستوردة‭. ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬مجتمعة‭ ‬حولت‭ ‬القرية‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬صناعى‭ ‬مزدهر‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬يعانى‭ ‬فيها‭ ‬الصناع‭ ‬من‭ ‬شبح‭ ‬البطالة‭.‬
يقول‭ ‬حامد‭ ‬رفاعى‭, ‬صاحب‭ ‬مصنع‭ ‬تريكو‭, ‬إن‭ ‬سيطرة‭ ‬المنتجات‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬تشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬كبيرًا‭, ‬فالمنتجات‭ ‬المستوردة‭ ‬تُباع‭ ‬بأسعار‭ ‬زهيدة‭ ‬لا‭ ‬تمكن‭ ‬المنتج‭ ‬المحلى‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭. ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬الضرائب‭ ‬الباهظة‭ ‬وصعوبة‭ ‬التسويق‭, ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬شبه‭ ‬كامل‭ ‬للتسهيلات‭ ‬الحكومية‭.‬
سلامون‭ ‬القماش‭ ‬بدأت‭ ‬تحولها‭ ‬الصناعى‭ ‬عام‭ ‬1973‭, ‬حيث‭ ‬انطلق‭ ‬أول‭ ‬مصنع‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬المنازل‭, ‬لتتبعها‭ ‬مئات‭ ‬المصانع‭ ‬الأخرى‭ ‬التى‭ ‬حولت‭ ‬معظم‭ ‬بيوت‭ ‬القرية‭ ‬إلى‭ ‬ورش‭ ‬ومصانع‭ ‬لإنتاج‭ ‬أجود‭ ‬الملابس‭ ‬الشتوية‭ ‬والصيفية‭. ‬لكن‭ ‬اليوم‭, ‬يرى‭ ‬ياسر‭ ‬السيد‭, ‬صاحب‭ ‬مصنع‭, ‬أن‭ ‬الاستمرار‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معجزة‭ ‬حقيقية‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومى‭ ‬وعدم‭ ‬استقرار‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬التى‭ ‬يتحكم‭ ‬بها‭ ‬التجار‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭.‬
ويشير‭ ‬عادل‭ ‬المنسى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأسباب‭ ‬تتعدى‭ ‬ذلك‭ ‬لتشمل‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬المنتج‭ ‬المحلى‭ ‬مقارنة‭ ‬بالصينى‭, ‬وفواتير‭ ‬الكهرباء‭ ‬المرتفعة‭ ‬التى‭ ‬تقطع‭ ‬باستمرار‭, ‬ما‭ ‬يجبر‭ ‬أصحاب‭ ‬المصانع‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬مولدات‭ ‬كهربائية‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭, ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬بدورها‭ ‬تشغيل‭ ‬إلا‭ ‬ماكينات‭ ‬الحياكة‭ ‬العادية‭ ‬كالالتريكو‭ ‬الحديثة‭ ‬التى‭ ‬تعمل‭ ‬بالكمبيوتر‭.‬
ويضيف‭ ‬محمد‭ ‬السيد‭, ‬أحد‭ ‬أصحاب‭ ‬المصانع‭, ‬أن‭ ‬‮»‬ملاحقة‭ ‬الضرائب‮»‬‭ ‬وجهات‭ ‬أخرى‭ ‬تسببت‭ ‬فى‭ ‬‮«‬خراب‭ ‬بيوت‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬الصناع‮»‬‭. ‬فمطالبات‭ ‬الحكومة‭ ‬فاقت‭ ‬قدرتهم‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وأرباحهم‭ ‬الضئيلة‭. ‬يروى‭ ‬كيف‭ ‬تحاسبه‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬ثلاث‭ ‬ماكينات‭, ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬سوى‭ ‬اثنتين‭, ‬وعندما‭ ‬حاول‭ ‬إقناعهم‭, ‬واجه‭ ‬تعنتًا‭ ‬وتهديدًا‭, ‬مما‭ ‬اضطره‭ ‬لدفع‭ ‬ضريبة‭ ‬زائدة‭ ‬على‭ ‬ماكينة‭ ‬وهمية‭ ‬تفاديًا‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭.‬
يطالب‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬فوزى‭ ‬على‭, ‬الحكومة‭ ‬بوضع‭ ‬ضوابط‭ ‬لإنقاذ‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬الحيوية‭. ‬وتدخل‭ ‬عاجل‭ ‬لتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالى‭ ‬والفنى‭, ‬ووضع‭ ‬خطط‭ ‬لتطوير‭ ‬الصناعة‭ ‬وتأهيل‭ ‬العمال‭ ‬لمواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬التكنولوجية‭. ‬فهل‭ ‬تستجيب‭ ‬الدولة‭ ‬لنداءات‭ ‬الاستغاثة‭ ‬هذه‭, ‬أم‭ ‬تترك‭ ‬‮«‬قلعة‭ ‬التريكو‮»‬‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬ذكرى‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬سلامون‭ ‬القماش‭?‬
تحف‭ ‬الأقصر‭ ‬تصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء
تمثل‭ ‬صناعة‭ ‬الألباستر‭ ‬تلك‭ ‬المهنة‭ ‬التراثية‭ ‬التى‭ ‬ورّثها‭ ‬الأجداد‭ ‬للأحفاد‭ ‬فى‭ ‬الأقصر‭; ‬ميراثًا‭ ‬أصيلًا‭ ‬لدى‭ ‬ممتهنيها‭ ‬بالبر‭ ‬الغربى‭, ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تُمثل‭ ‬رابطًا‭ ‬حيًا‭ ‬بين‭ ‬الماضى‭ ‬والحاضر‭; ‬فكل‭ ‬قطعة‭ ‬ألباستر‭ ‬تُصنع‭ ‬فى‭ ‬بلاد‭ ‬طيبة‭, ‬تحمل‭ ‬فى‭ ‬طياتها‭ ‬عبق‭ ‬الحضارة‭ ‬ومهارة‭ ‬المصرى‭ ‬الأصيل‭.‬
‮ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الألباستر‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬عوامل‭ ‬الجذب‭ ‬السياحى‭, ‬إذ‭ ‬يقبل‭ ‬زائرى‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬الجنسيات‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬الورش‭ ‬العاملة‭ ‬بالبر‭ ‬الغربى‭ ‬للنيل‭; ‬لشراء‭ ‬منتجات‭ ‬يدوية‭ ‬أصيلة‭, ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العاملين‭ ‬بهذه‭ ‬الحرفة‭ ‬يخشون‭ ‬اندثارها‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬أمام‭ ‬استمرارها‭, ‬ويرون‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬الحرفة‭ ‬التراثية‭ ‬التاريخية‭ ‬هو‭ ‬مسؤولية‭ ‬ثقافية‭ ‬واقتصادية‭ ‬تستحق‭ ‬الدعم‭.‬
‮ ‬أشرف‭ ‬العمدة‭, ‬صاحب‭ ‬أحد‭ ‬مصانع‭ ‬الألباستر‭ ‬بالقرنة‭; ‬أكد‭ ‬للوفد‭ ‬أن‭ ‬عدة‭ ‬تحديات‭ ‬تهدد‭ ‬الحرفة‭ ‬بالاندثار‭; ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬الأيدى‭ ‬العاملة‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الألباستر‭ ‬تمثل‭ ‬العائق‭ ‬الأكبر‭, ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬الأجيال‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بالتراث‭ ‬كالأجيال‭ ‬السابقة‭ ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬يعود‭ ‬لروتين‭ ‬الحياة‭ ‬السريع‭, ‬حتى‭ ‬سيطرت‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬على‭ ‬اهتمامات‭ ‬الجيل‭ ‬الحالى‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جيله‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬جيل‭ ‬تعلّم‭ ‬‮«‬الصنعة‮»‬‭ ‬وبالتالى‭ ‬بحسب‭ ‬العمدة‭ ‬لايوجد‭ ‬جيل‭ ‬يمثل‭ ‬امتداد‭ ‬لجيله‭ ‬فى‭ ‬شغفه‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحرفة‭.‬
‮ ‬ولفت‭ ‬صاحب‭ ‬مصنع‭ ‬الألباستر‭ ‬إلى‭ ‬محاولتهم‭ ‬فى‭ ‬ترغيب‭ ‬الشباب‭ ‬فى‭ ‬تعلم‭ ‬الحرفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رفع‭ ‬قيمة‭ ‬العائد‭ ‬المادى‭ ‬نظير‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬الألباستر‭, ‬لاسيما‭ ‬أنها‭ ‬حرفة‭ ‬تتطلب‭ ‬الصبر‭.‬
‮ ‬وأضاف‭ ‬العمدة‭, ‬أن‭ ‬ثانى‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجههم‭ ‬هى‭ ‬صعوبة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأحجار‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬المحاجر‭; ‬والتى‭ ‬تكلفهم‭ ‬الكثير‭ ‬نتيجة‭ ‬جلبها‭ ‬من‭ ‬محافظات‭ ‬أخرى‭ ‬كالمنيا‭ ‬وأسيوط‭ ‬وسوهاج‭.‬
‮ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لاتوجد‭ ‬نقابة‭ ‬خاصة‭ ‬بالعاملين‭ ‬فى‭ ‬الألباستر‭ ‬تتولى‭ ‬بحث‭ ‬متطلباتهم‭ ‬فى‭ ‬سبيل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة‭ ‬التراثية‭ ‬المهمة‭ ‬والتى‭ ‬يفضلها‭ ‬السائح‭ ‬القادم‭ ‬إلى‭ ‬الأقصر‭, ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬جمعية‭ ‬للفنانين‭ ‬بالقرنة‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تُفعل‭.‬
‮ ‬فيما‭ ‬أشار‭ ‬محمد‭ ‬محمود‭, ‬أحد‭ ‬العاملين‭ ‬بالمجال‭ ‬أن‭ ‬الألباستر‭ ‬الأخضر‭ ‬اختفى‭ ‬نظرا‭ ‬لاستخدام‭ ‬المادة‭ ‬الخام‭ ‬فى‭ ‬صناعات‭ ‬أخرى‭ ‬وحكره‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭, ‬وتبقى‭ ‬الأبيض‭ ‬والبنى‭.‬
‮ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬الألباستر‭ ‬تقوم‭ ‬على‭: ‬المنتجين‭, ‬وبائع‭ ‬المنتج‭, ‬والمعاناة‭ ‬الحقيقية‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬المنتجين‭ ‬الذين‭ ‬يتضاءل‭ ‬عددهم‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬المردود‭ ‬المادى‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة‭.‬
‮ ‬وطالب‭ ‬أشرف‭ ‬العمدة‭, ‬بتأسيس‭ ‬جمعية‭ ‬أو‭ ‬مدرسة‭; ‬لتعليم‭ ‬صناعة‭ ‬الألباستر‭ ‬المصرية‭ ‬الخالصة‭ ‬للحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الاندثار‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬الكثيرين‭ ‬عن‭ ‬تعلمها‭; ‬بالاضافة‭ ‬للضرورة‭ ‬الملحة‭ ‬لدعم‭ ‬وتعاون‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأقصر‭ ‬تتسم‭ ‬بالسياحة‭ ‬الثقافية‭ ‬وتعتبر‭ ‬منتجات‭ ‬الألباستر‭ ‬منتجات‭ ‬ثقافية‭, ‬مع‭ ‬هيئة‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬تنشيط‭ ‬السياحة‭; ‬لبحث‭ ‬التسهيلات‭ ‬أمام‭ ‬العاملين‭ ‬بالألباستر‭ ‬والتشجيع‭ ‬للعمل‭ ‬بها‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬القرنة‭ ‬تضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬120‭ ‬مصنعًا‭ ‬للألباستر‭ ‬وتحظى‭ ‬منحوتات‭ ‬الألباستر‭ ‬بإقبال‭ ‬السائح‭ ‬على‭ ‬شرائها‭.‬
‮«‬اللى‭ ‬عنده‭ ‬جلد‮»‬‭.. ‬مهن‭ ‬تقاوم‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬الفيوم
تشهد‭ ‬محافظة‭ ‬الفيوم‭ ‬تراجعًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬والحِرَف‭ ‬اليدوية‭ ‬التقليدية‭, ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬بعضها‭ ‬أصبح‭ ‬مجرد‭ ‬ذكرى‭ ‬فى‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭, ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭, ‬صناعة‭ ‬الحصير‭ ‬المصنوع‭ ‬من‭ ‬نبات‭ ‬‮«‬السمّار‮»‬‭, ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تزدهر‭ ‬فى‭ ‬قرية‭ ‬العجميين‭.‬
يقول‭ ‬كارم‭ ‬شعبان‭, ‬أحد‭ ‬أبناء‭ ‬القرية‭: ‬‮«‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬مزدهرة‭ ‬فى‭ ‬القرية‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة‭, ‬وكانت‭ ‬الأسُر‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬كمصدر‭ ‬دخل‭ ‬رئيسى‭, ‬وكان‭ ‬الحصير‭ ‬يُصنع‭ ‬يدويًا‭ ‬باستخدام‭ ‬خيوط‭ ‬من‭ ‬ألياف‭ ‬الكتان‭ ‬التى‭ ‬نشتريها‭ ‬من‭ ‬القاهرة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭, ‬تراجعت‭ ‬زراعة‭ ‬نبات‭ ‬السمّار‭, ‬وارتفعت‭ ‬تكاليفه‭, ‬كما‭ ‬ظهرت‭ ‬بدائل‭ ‬كالحصير‭ ‬البلاستيكى‭ ‬والسجاد‭ ‬والموكيت‭, ‬مما‭ ‬ساهم‭ ‬فى‭ ‬تراجع‭ ‬الصناعة‭ ‬حتى‭ ‬اختفائها‭.‬
ومن‭ ‬بين‭ ‬الصناعات‭ ‬التى‭ ‬أوشكت‭ ‬على‭ ‬الزوال‭ ‬أيضًا‭, ‬دباغة‭ ‬الجلود‭, ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬حى‭ ‬المدابغ‭ ‬بمدينة‭ ‬الفيوم‭ ‬يعج‭ ‬بالحياة‭ ‬والنشاط‭, ‬وكانت‭ ‬رائحة‭ ‬الدباغة‭ ‬تملأ‭ ‬الأجواء‭. ‬وكانت‭ ‬مهنة‭ ‬الدباغة‭ ‬مصدر‭ ‬رزق‭ ‬رئيسى‭ ‬لأبناء‭ ‬الحى‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضى‭, ‬وتمد‭ ‬السوق‭ ‬المحلى‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الجلدية‭ ‬كالشنط‭, ‬والأحذية‭, ‬والجواكت‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تطور‭ ‬الحياة‭, ‬وسفر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬للخارج‭, ‬وارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬الإنتاج‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توقف‭ ‬تصدير‭ ‬الجلود‭, ‬كلها‭ ‬عوامل‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الصناعة‭, ‬ووصل‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جلود‭ ‬الماعز‭ ‬والخراف‭, ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تُباع‭ ‬بعشرات‭ ‬الجنيهات‭, ‬وجلود‭ ‬الأبقار‭ ‬والجاموس‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تباع‭ ‬بمئات‭ ‬الجنيهات‭, ‬باتت‭ ‬تُلقى‭ ‬اليوم‭ ‬فى‭ ‬أكوام‭ ‬القمامة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬من‭ ‬يشتريها‭, ‬واختفى‭ ‬معها‭ ‬المنادى‭ ‬الشهير‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يجوب‭ ‬الشوارع‭ ‬بصوته‭ ‬الجهورى‭: ‬‮«‬اللى‭ ‬عنده‭ ‬جلد‮»‬‭. ‬أما‭ ‬صناعة‭ ‬الطوب‭ ‬اللبن‭ ‬أو‭ ‬‮«‬النيّ‮»‬‭, ‬المعروفة‭ ‬شعبيًا‭ ‬ب‮»‬‭, ‬فهى‭ ‬الأخرى‭ ‬تواجه‭ ‬خطر‭ ‬الاندثار‭, ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬كانت‭ ‬مزدهرة‭ ‬فى‭ ‬قرية‭ ‬اللاهون‭, ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يُستخدم‭ ‬الطوب‭ ‬اللبن‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬المنازل‭ ‬الريفية‭ ‬والأفران‭ ‬البلدية‭, ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬الطوب‭ ‬الأحمر‭ ‬واستخدام‭ ‬الخرسانة‭ ‬المسلحة‭, ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أفران‭ ‬الغاز‭ ‬الحديثة‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬الحديد‭ ‬والصاج‭, ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطوب‭, ‬فانحسرت‭ ‬الصناعة‭ ‬تدريجيًا‭.‬
فى‭ ‬النهاية‭, ‬تتلاشى‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭, ‬حاملة‭ ‬معها‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬تراث‭ ‬الفيوم‭ ‬وهويتها‭ ‬الثقافية‭, ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الدعم‭ ‬أو‭ ‬محاولات‭ ‬إحياء‭ ‬هذه‭ ‬المهن‭ ‬التقليدية‭ ‬التى‭ ‬شكّلت‭ ‬وجدان‭ ‬أجيال‭ ‬مضت‭.‬
الأيمة‭.. ‬فن‭ ‬الحفر‭ ‬على‭ ‬الخشب‭ ‬يندثر‭ ‬بالغربية
فى‭ ‬محافظة‭ ‬الغربية‭, ‬تواجه‭ ‬مهنة‭ ‬‮»‬الأيمة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الحفر‭ ‬على‭ ‬الأخشاب‭, ‬التى‭ ‬تُعد‭ ‬جزءًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬من‭ ‬صناعة‭ ‬الأثاث‭, ‬خطر‭ ‬الاندثار‭ ‬الوشيك‭. ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الحرفيين‭ ‬الذين‭ ‬أبدعوا‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬يعيشون‭ ‬الآن‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬والفراغ‭, ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اجتاحت‭ ‬المعدات‭ ‬الصينية‭ ‬الحديثة‭ ‬الأسواق‭ ‬المصرية‭, ‬مقدمة‭ ‬بديلًا‭ ‬آليًا‭ ‬للحرف‭ ‬اليدوية‭. ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ضياع‭ ‬آلاف‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭, ‬وتحول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحرفيين‭ ‬إلى‭ ‬سائقى‭ ‬‮»‬توك‭ ‬توك‮»‬‭, ‬أو‭ ‬مهاجرين‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭, ‬بينما‭ ‬اكتفى‭ ‬آخرون‭ ‬بالعمل‭ ‬كعمال‭ ‬يومية‭.‬
للوقوف‭ ‬على‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الاندثار‭, ‬التقى‭ ‬مراسل‭ ‬‮»‬الوفد‮»‬‭ ‬بصناع‭ ‬الأثاث‭ ‬فى‭ ‬قرية‭ ‬كتامة‭ ‬وبعض‭ ‬القرى‭ ‬الأخرى‭ ‬بالغربية‭, ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬عبدالحميد‭ ‬أبو‭ ‬المجد‭, ‬أحد‭ ‬حرفيى‭ ‬الأيمة‭, ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الأثاث‭, ‬فهى‭ ‬‮«‬الوجه‭ ‬الجميل‮»‬‭ ‬لغرف‭ ‬النوم‭ ‬والصالونات‭ ‬الفاخرة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭. ‬كان‭ ‬الحرفيون‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬يتفاوتون‭ ‬فى‭ ‬مهارتهم‭, ‬وكان‭ ‬أمهرهم‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بالحفر‭ ‬على‭ ‬خشب‭ ‬السويد‭, ‬وهم‭ ‬قلة‭ ‬نادرة‭. ‬كانت‭ ‬ورشهم‭ ‬محجوزة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تجار‭ ‬الموبيليا‭ ‬لعدة‭ ‬شهور‭ ‬مقدمًا‭ ‬لضمان‭ ‬تسليم‭ ‬الأعمال‭ ‬للزبائن‭ ‬فى‭ ‬موعدها‭. ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬تدر‭ ‬أموالًا‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الصنايعية‮»‬‭ (‬الحرفيين‭), ‬وتوفر‭ ‬لهم‭ ‬‮»‬رغد‭ ‬العيش‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬مضت‭.‬
ولكن‭, ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬الآلات‭ ‬الحديثة‭ ‬للحفر‭ ‬على‭ ‬الأخشاب‭, ‬والتى‭ ‬تمتاز‭ ‬بالسرعة‭ ‬رغم‭ ‬افتقارها‭ ‬لدقة‭ ‬العمل‭ ‬اليدوى‭, ‬بدأ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحرفيين‭ ‬فى‭ ‬ترك‭ ‬مهنتهم‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬العمل‭. ‬كما‭ ‬اتجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الزبائن‭ ‬إلى‭ ‬المعدات‭ ‬الصينية‭ ‬الأرخص‭.‬
يضيف‭ ‬محمد‭ ‬الضبيعى‭, ‬إيمجى‭ ‬بقرية‭ ‬كتامة‭ ‬التابعة‭ ‬لمركز‭ ‬بسيون‭ ‬بمحافظة‭ ‬الغربية‭, ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬حياة‭ ‬آمنة‭ ‬ومستقرة‭, ‬ويعملون‭ ‬ليلًا‭ ‬ونهارًا‭ ‬دون‭ ‬توقف‭. ‬لكن‭ ‬‮»‬التغييرات‭ ‬الاقتصادية‮»‬‭ ‬دفعت‭ ‬التجار‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬للآلات‭ ‬الصينية‭ ‬الجديدة‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬الحرفيين‭, ‬بأسعار‭ ‬أقل‭ ‬وجودة‭ ‬أدنى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الحفر‭ ‬اليدوى‭ ‬ذى‭ ‬القيمة‭ ‬الكبيرة‭. ‬اضطر‭ ‬الزبون‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الآلات‭ ‬الجديدة‭ ‬رغم‭ ‬رداءتها‭ ‬لكونها‭ ‬أقل‭ ‬تكلفة‭, ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬آلاف‭ ‬الحرفيين‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬مهنة‭ ‬الأيمة‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬مصدر‭ ‬رزق‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬إغلاق‭ ‬ورشهم‭. ‬لم‭ ‬يتبقَ‭ ‬من‭ ‬ممارسى‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬سوى‭ ‬أعداد‭ ‬قليلة‭, ‬يعملون‭ ‬فى‭ ‬الغالب‭ ‬للميسورين‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الذوق‭ ‬الرفيع‭ ‬الذين‭ ‬يقدرون‭ ‬الجمال‭ ‬الأصيل‭ ‬لقطعة‭ ‬الأثاث‭, ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ثمنها‭, ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬يعملون‭ ‬فى‭ ‬الصالونات‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭. ‬بعض‭ ‬الحرفيين‭ ‬المتبقين‭ ‬يعملون‭ ‬فى‭ ‬‮«‬العمل‭ ‬التجارى‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬الحفر‭ ‬على‭ ‬الفايبر‭ ‬لواجهات‭ ‬غرف‭ ‬النوم‭ ‬والأطفال‭ ‬والبوفيهات‭ ‬وغيرها‭, ‬وهو‭ ‬عمل‭ ‬يتطلب‭ ‬جهدًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لكن‭ ‬بمقابل‭ ‬مادى‭ ‬ضعيف‭, ‬مما‭ ‬يضطرهم‭ ‬للعمل‭ ‬ليلًا‭ ‬ونهارًا‭ ‬لتوفير‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬لأسرهم‭.‬
يناشد‭ ‬الحرفيون‭ ‬اللواء‭ ‬أشرف‭ ‬الجندى‭, ‬محافظ‭ ‬الغربية‭, ‬بفتح‭ ‬ملف‭ ‬حرفيى‭ ‬الأيمة‭ ‬فى‭ ‬كتامة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القرى‭, ‬ومساندتهم‭ ‬لإنعاش‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬فى‭ ‬الغربية‭. ‬ويطالبون‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراتهم‭ ‬النادرة‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ورشهم‭ ‬وأعمالهم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تندثر‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة‭ ‬الفريدة‭ ‬تمامًا‭. ‬فهل‭ ‬تستجيب‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬لنداء‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحرفيين‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬إرث‭ ‬الأجداد‭?‬
صناعة‭ ‬الأقفاص‭.. ‬تنقرض‭ ‬بالمنيا
يعتبر‭ ‬‮«‬القفص‮»‬‭ ‬الخشبى‭, ‬المصنوع‭ ‬من‭ ‬جريد‭ ‬النخيل‭, ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الصناعات‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تشتهر‭ ‬بها‭ ‬محافظة‭ ‬المنيا‭ ‬‮«‬عروس‭ ‬الصعيد‮»‬‭, ‬ولكنها‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬الاختفاء‭ ‬تدريجيًا‭, ‬حتى‭ ‬أوشكت‭ ‬على‭ ‬الاندثار‭, ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬أشخاص‭ ‬قليلون‭ ‬يعدون‭ ‬على‭ ‬الأصابع‭, ‬وتعد‭ ‬صناعة‭ ‬الأقفاص‭ ‬والكراسى‭ ‬والترابيزات‭, ‬من‭ ‬جريد‭ ‬النخل‭ ‬من‭ ‬المهن‭ ‬اليدوية‭ ‬القديمة‭ ‬فى‭ ‬محافظة‭ ‬المنيا‭, ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬أوشكت‭ ‬على‭ ‬الانقراض‭ ‬نظرًا‭ ‬لصناعة‭ ‬البلاستيكات‭, ‬التى‭ ‬تشهد‭ ‬تطورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬وبأشكال‭ ‬جمالية‭ ‬متنوعة‭, ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مازال‭ ‬العاملون‭ ‬بها‭ ‬محتفظين‭ ‬بمهنة‭ ‬الأجداد‭. ‬القفاص‭ ‬يبدأ‭ ‬عمله‭ ‬اليومى‭ ‬بانحناءة‭ ‬خفيفة‭ ‬للظهر‭, ‬ينخرط‭ ‬بسعادة‭ ‬وفخر‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬منتجات‭ ‬الجريد‭ ‬داخل‭ ‬ورشة‭ ‬تزدهر‭ ‬بالحياة‭, ‬تحاكى‭ ‬أعرق‭ ‬الحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬بتنويعات‭ ‬فنية‭ ‬مختلفة‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالفن‭ ‬والإبداع‭, ‬يفوح‭ ‬من‭ ‬جنباتها‭ ‬كفاح‭ ‬سنوات‭ ‬فى‭ ‬مهنة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تكابد‭ ‬عناء‭ ‬البقاء‭, ‬تمثل‭ ‬أدواتها‭ ‬وخاماتها‭ ‬ذاكرة‭ ‬خالدة‭ ‬تتحدى‭ ‬لغة‭ ‬النسيان‭, ‬‮«‬القفاصين‮»‬‭ ‬مهنة‭ ‬موروثة‭ ‬بدأت‭ ‬بأقفاص‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفاكهة‭, ‬ثم‭ ‬تطورت‭ ‬لأسرة‭ ‬وكراسٍ‭ ‬وطاولات‭.‬
خطر‭ ‬الانقراض‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬فى‭ ‬تطوير‭ ‬‮«‬القفاصين‮»‬‭ ‬لصناعات‭ ‬الجريد‭ ‬والتجديد‭ ‬منها‭, ‬بما‭ ‬يواكب‭ ‬الحداثة‭ ‬ويلبى‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭ ‬وأذواق‭ ‬الزبائن‭, ‬فعكفوا‭ ‬على‭ ‬تطويرها‭ ‬خشية‭ ‬قطع‭ ‬ارزاقهم‭, ‬ومن‭ ‬الجريد‭ ‬صنع‭ ‬تحفًا‭ ‬وأنتيكات‭ ‬فنية‭, ‬تخصص‭ ‬فيها‭ ‬وأصبح‭ ‬شغله‭ ‬الشاغل‭ ‬تطويع‭ ‬الجريد‭ ‬وتشكيله‭ ‬لإنتاج‭ ‬مختلف‭ ‬المنتجات
وتشتهر‭ ‬قرية‭ ‬‮«‬المحرص‮»‬‭, ‬إحدى‭ ‬قرى‭ ‬مركز‭ ‬ومدينة‭ ‬ملوى‭ ‬جنوب‭ ‬محافظة‭ ‬المنيا‭, ‬حيث‭ ‬اشتهر‭ ‬عم‭ ‬حمدى‭ ‬عبدالسميع‭ ‬بصناعة‭ ‬الأقفاص‭ ‬الخشبية‭ ‬من‭ ‬جريد‭ ‬النخيل‭, ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬صناعة‭ ‬البلاستيكات‭, ‬وهى‭ ‬قرية‭ ‬أهلها‭ ‬بسطاء‭, ‬ويبلغ‭ ‬قاطنيها‭ ‬حوالى‭ ‬45‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭, ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬منزل‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬القرية‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬ويعمل‭ ‬فيه‭ ‬كبير‭ ‬أو‭ ‬صغير‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة‭, ‬فما‭ ‬أن‭ ‬تطأ‭ ‬قدماك‭ ‬مدخل‭ ‬القرية‭ ‬إلا‭ ‬وتقع‭ ‬عيناك‭ ‬على‭ ‬أحواش‭ ‬كبيرة‭ ‬وواسعة‭ ‬على‭ ‬جانبيك‭ ‬تمتلئ‭ ‬بالأقفاص‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬تصنيعها‭, ‬وأكوام‭ ‬من‭ ‬جريد‭ ‬النخل‭, ‬وبعض‭ ‬‮»‬العشش‮»‬‭ ‬التى‭ ‬يجلس‭ ‬بداخلها‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬أشخاص‭ ‬يقومون‭ ‬بتصنيع‭ ‬الأقفاص‭, ‬فيما‭ ‬تجد‭ ‬الأطفال‭ ‬يقومون‭ ‬بتلوين‭ ‬الأقفاص‭, ‬أو‭ ‬ربطها‭ ‬بالأسلاك‭ ‬لعرضها‭ ‬وبيعها‭ ‬لتجار‭ ‬الفاكهة‭.‬
وتحتاج‭ ‬صناعة‭ ‬الأقفاص‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬وصبر‭, ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬الأدوات‭ ‬المستخدمة‭ ‬فى‭ ‬الصناعة‭ ‬تقليدية‭ ‬جدًا‭, ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬نستخدم‭ ‬أى‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬أو‭ ‬ماكينات‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭, ‬ولا‭ ‬نحتاج‭ ‬مصنع‭ ‬أو‭ ‬ورشة‭ ‬صغيرة‭, ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬نعتمد‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬السكين‭, ‬ويستخدم‭ ‬فى‭ ‬تنظيف‭ ‬الجريد‭ ‬من‭ ‬سعف‭ ‬النخيل‭, ‬وكذلك‭ ‬الخرامة‭, ‬والمسندة‭ ‬والبلطة‭ ‬للتكسير‭ ‬والتقشير‭, ‬ونستطيع‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مكان‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬حقل‭ ‬أو‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬صغيرة‭ ‬بالمنزل‭.‬
ورغم‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬المهن‭ ‬الشاقة‭, ‬حيث‭ ‬تتطلب‭ ‬الوقوف‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬لتهذيب‭ ‬الجريد‭, ‬ثم‭ ‬الجلوس‭ ‬لساعات‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬عشر‭ ‬ساعات‭, ‬حتى‭ ‬ينتهى‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬‮«‬قفص‮»‬‭ ‬واحد‭, ‬ليبيعه‭ ‬آخر‭ ‬اليوم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬محملًا‭ ‬بالخبز‭ ‬لإطعام‭ ‬أطفاله‭ ‬الصغار‭.‬
ويقوم‭ ‬العاملون‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬أقفاص‭ ‬جريد‭ ‬النخل‭ ‬بصناعة‭ ‬صناديق‭ ‬للخضراوات‭, ‬وكراسى‭ ‬لبعض‭ ‬المقاهى‭ ‬والكافيهات‭, ‬وترابيزات‭ ‬وكراسى‭ ‬لبعض‭ ‬الإستراحات‭, ‬وأقفاص‭ ‬لتربية‭ ‬الدواجن‭ ‬والطيور‭, ‬وبعض‭ ‬عشش‭ ‬الحقول‭ ‬الزراعية‭, ‬ويستخدمها‭ ‬بكثرة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أصحاب‭ ‬محلات‭ ‬وأسواق‭ ‬بيع‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفاكهة‭, ‬وأسعارها‭ ‬زهيدة‭ ‬برغم‭ ‬عناء‭ ‬تصنيعها‭.‬