بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هَذَا رَأْيِى

إعادة إعمار قطاع الاتصالات

استيقظ المصريون والعالم يوم الاثنين السابع من شهر يوليو الجارى على كارثة جديدة هزت أركان البنية التحتية للاتصالات فى مصر وهى حريق سنترال رمسيس، أسفر الحريق عن مصرع 4 موظفين من المصرية للاتصالات وإصابة 27 شخصاً، أغلبهم من حالات الاختناق والدخان، كما أسفر الحريق عن انقطاع خدمات الإنترنت والهاتف المحمول والثابت، تأثرت معاملات الدفع الإلكترونى وتم تعليق التداول فى البورصة يوم الثلاثاء 8 يوليو حمايةً للبيئة التداولية، تأخرت بعض خدمات الطيران والقطارات بسبب مشاكل الاتصال، توقفت خدمات السيارات بالنداء الآلى، وشبكة الإنترنت، وأجهزة معلومات الطريق الجغرافية، وماكينات الصرف الآلى بالبنوك.
وتوقفت مع هذا الحريق معظم الحياة الرقمية فى مصر.. الأزمة كشفت هشاشة بنية الاتصالات المركزية بمصر.. سنترال رمسيس الذى تخرج منه شبكة الاتصالات الرقمية فى مصر من هواتف ثابتة ونقالة وخطوط المعلومات ومخزن بيانات المصارف وشركات التأمين بل وكل القطاعات الاقتصادية فى مصر، وبسبب حريق فى غرفة سيرفرات فشلت معدات الحماية المدنية فيه -التى يفترض أن تنطلق ذاتيًا لمحاصرة الحريق- فشلت فى إخماد النيران.. كما فشلت المسارات البديلة والتى من المفترض أن تعمل وقت الكوارث، فشلت فى تحمل الضغط وحجم الاتصالات والعمليات التى تتم على الشبكة الرئيسية؛ لأنها أقل فى السعة المطلوبة للعمل بكفاءة فى مثل هكذا أزمات.. حريق سنترال رمسيس ليس حادثًا معزولًا، بل هو نتيجة تراكمات من الإهمال وسوء الإدارة فى قطاع الاتصالات.. كشف الحادث عن نقاط ضعف خطيرة فى البنية التحتية الرقمية، التى يُفترض أنها ركيزة أساسية لتحقيق رؤية مصر 2030 الرقمية.. هشاشة البنية التحتية الرقمية فى مصر، وهو اتهام يضع المسئولية المباشرة على عاتق وزير الاتصالات الحالى ومن سبقوه من وزراء الاتصالات؛ فبدلاً من الاستثمار فى تحديث السنترالات الحيوية وتأمينها ضد الحوادث، شهدنا اعتمادًا مفرطًا على مركز واحد دون خطط بديلة فعالة مما يشير إلى غياب التخطيط الاستراتيجى لمواجهة الأزمات.. قطاع الاتصالات ليس مجرد خدمة عامة، بل هو شريان حياة فى عصر التحول الرقمى.. تعطل الخدمات لساعات طويلة، دون وجود خطة طوارئ فعالة، يعكس فشلاً إداريًا واضحًا.. حريق سنترال رمسيس يجب أن يكون جرس إنذار للحكومة لإعادة تقييم البنية التحتية للاتصالات.
هناك حاجة ملحة للاستثمار فى تحديث المراكز الحيوية، وتطوير أنظمة الحماية من الحرائق، وإنشاء مراكز احتياطية فعالة قادرة على تحمل الصدمات.
فى النهاية، لا يمكن لمصر أن تطمح لأن تكون مركزًا رقميًا إقليميًا بينما تعانى من انهيار خدمات الاتصالات بسبب حريق فى مبنى واحد.. أين الدولة والحكومة من «الرقمنة» و«الذكاء الاصطناعى» و«التحول رقمى»؟.
علينا أن نعترف بأن الحكومة أخفقت فى إدارة أزمة حريق سنترال رمسيس نظراً لغياب الرؤية الاستباقية ودراسة إدارة المخاطر قبل حدوثها، ليثبت الحادث فشل الحكومة وأجهزتها، فى التعامل السريع وقت الأزمات،
مطلوب تعزيز خطط الطوارئ والتوزيع الجغرافى للسنترالات لتجنب كوارث مشابهة.. مطلوب تطبيق المنهج العلمى لتجنب هذه الكوارث وما شابهها، ضرورة تفكيك حزمة الخدمات التى يقدمها سنترال رمسيس، ونقلها لأماكن أخرى للوقاية من النتائج الضارة عند تكرار مثل هذا الحدث؟
وسط هذا الإحباط علينا أن نشيد بجهود رجال الحماية المدنية وما بذلوه من جهد وفدائية للسيطرة على حريق سنترال رمسيس.. علينا كذلك أن نشكر طلبة كليات الهندسة الذين تطوعوا للمساهمة مع مهندسين وفنيين وعمال المصرية للاتصالات لعودة ذاكرة سنترال رمسيس.. علينا أن نشكر محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر ورجاله على ما قدموه من دعم لعودة الحياة لشبكة الاتصالات.
[email protected].