بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

«ترامب» يخلع القناع ويرفع السلاح فى وجه موسكو

بوابة الوفد الإلكترونية


بدأ مبعوث الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، أمس، محادثات فى العاصمة كييف بشأن الأمن والعقوبات على روسيا، بعد إعلان ترامب عن عزمه إرسال صواريخ باتريوت الدفاعية إلى أوكرانيا، فى خطوة تعكس تحولًا لافتًا فى موقفه من الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وحسب ما كشفه موقع «أكسيوس» الأمريكى نقلًا عن مصدرين مطلعين، يعتزم ترامب أيضًا الإعلان عن خطة جديدة لتسليح أوكرانيا بأسلحة هجومية، فى تحول حاد فى موقفه السابق الذى كان يتسم بالتردد تجاه دعم كييف عسكريًا.
هذا التحول فى سياسة ترامب تجاه أوكرانيا وروسيا يأتي وسط خيبة أمله المتزايدة من الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بسبب تعثر جهود وقف إطلاق النار التى تقودها الولايات المتحدة. وقد أكد ترامب أمام الصحفيين فى قاعدة أندروز الجوية: «سنرسل لهم صواريخ باتريوت، وهم فى أمس الحاجة إليها، لأن بوتين فاجأ الكثيرين حقًا، يتحدث بلطف ثم يقصف الجميع فى المساء».
وأضاف ترامب: «سنرسل لهم معدات عسكرية متطورة للغاية. وسيدفعون لنا ثمنها بالكامل، وهذا ما نريده». ولم يحدد ترامب عدد الصواريخ التى سيتم إرسالها، لكنه أشار إلى أن الاتحاد الأوروبى سيتحمل التكاليف.
ومن المقرر أن يلتقي ترامب هذا الأسبوع بالأمين العام لحلف شمال الأطلسى، مارك روته، فى البيت الأبيض، لمناقشة الملف الأوكرانى، كما من المتوقع أن يزور وزير الدفاع الألمانى بوريس بيستوريوس واشنطن لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكى بيت هيجسيث.
وقد أبدت برلين استعدادها لدفع تكاليف أنظمة باتريوت المقدمة لكييف، بموجب اقتراح من المستشار الألمانى فريدريش ميرز، فى وقت تحاول فيه الدول الأوروبية فى الحلف تعزيز قوتها العسكرية تحت الضغط الأمريكى.
وفى تحليل لنيويورك تايمز الأمريكية أنه بعد نحو ستة أشهر من بداية ولايته الثانية، يبدو أن ترامب بدأ يتبنى نهجًا يشبه إلى حد كبير ما كان عليه موقف سلفه، جو بايدن، عبر تسليح الأوكرانيين لصد الغزو الروسى، وإن كانت دوافعه مختلفة.
وكان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية العام الماضى بأنه سينهي الحرب بسرعة، مدعيًا أنه الوحيد القادر على التعامل مع بوتين. لكنه بعد تنصيبه، ألقى اللوم على الأوكرانيين أنفسهم فى غزو بلادهم، وانتقد الرئيس فولوديمير زيلينسكى علنًا خلال اجتماع فى المكتب البيضاوى، قائلًا له: «ليس لديك أوراق القوة». كما منح روسيا استثناءات فى التعريفات الجمركية، وأشاد ببوتين ووعد بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
لكن هذا التوجه يبدو أنه بدأ يتغير، على الأقل فى الخطاب. فقد قال ترامب الأسبوع الماضى إنه «يفكر بقوة» فى دعم مشروع قانون من الحزبين فى مجلس الشيوخ يتيح له فرض رسوم جمركية بنسبة 500% على الدول التى تشترى النفط أو الغاز الروسى.
كما رفع الرئيس الحظر الأمريكى المؤقت على تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، مشيرًا إلى أنه يخطط لتوسيع هذه الشحنات عبر حلفائه الأوروبيين، حيث سيتم شراء الأسلحة الأمريكية من قبل الأوروبيين ثم يتم تسليمها لكييف.
وفى ذلك قالت السيناتور الديمقراطية جين شاهين، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: «إنه تغيير مرحب به فى الخطاب. ويبدو أنه، على الأقل فى تعليقاته الأخيرة، يدرك أن بوتين يتلاعب به». لكنها أضافت بحذر: «ليس من الواضح ما إذا كان ذلك سيستمر طويلًا».
ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلى، التعليق على ما إذا كان خطاب ترامب أصبح أقرب إلى سياسة بايدن، لكنها ألقت باللوم على بايدن لفشله فى وقف الغزو الروسى، مشيرة إلى أن ترامب، «بفضل قيادته»، أعاد فتح قنوات التواصل بين روسيا وأوكرانيا.
ولم يصف ترامب غزو روسيا لأوكرانيا فى 2022 بأنه غير قانونى، بل امتدح بوتين على «ذكائه» فى الاستيلاء على أراضٍ بالقوة. وتعامل مع المفاوضات المتقطعة بشأن وقف إطلاق النار كصفقات عقارية، واقترح فى أحد الأوقات أن يسمح لبوتين بالاحتفاظ بالأراضي التى احتلها فى الجنوب والشرق.
لكن اليوم، يبدو أنه بدأ يتصرف بدافع شخصي، ربما نتيجة خيبته من علاقته ببوتين، التى لم تكن كما تخيل. إذ أعجب ترامب بشخصية بوتين القوية، لكنه افترض أن الإعجاب متبادل. غير أن المكالمات الست بينهما منذ بداية الولاية الثانية، كما يقول ترامب، لم تسفر عن نتائج مهمة.
وفى مطلع هذا الشهر، وبعد مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين، شنت روسيا أعنف هجماتها منذ بدء الحرب، مستخدمة الصواريخ والطائرات المسيرة ضد كييف ومدن أوكرانية كبرى. الأمر الذى وضع ترامب فى موقف حرج، إذ بدا كأنه «نمر من ورق»، على حد وصف أحد مستشاريه.
وبعد الحادثة، قال ترامب إنه لم يكن على علم بأن البنتاغون أوقف تسليم بعض الأسلحة، وأمر فورًا باستئناف الشحنات، وهو ما فسر بأنه بداية انخراطه الحقيقى فى إستراتيجية الناتو: عزل روسيا وتسليح أوكرانيا.
لكن الواقع أن الكثير من المساعدات التى يجرى الحديث عنها الآن تعود إلى قرارات صدق عليها خلال إدارة بايدن. وقال ديفيد شيمر، المدير السابق لسياسة أوكرانيا فى مجلس الأمن القومى: «رفع التعليق خطوة مهمة، لكنه فقط يعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل أسبوع».
ورأى شيمر أن الوقت قد حان لتبني إستراتيجية متكاملة تشمل زيادة المساعدات العسكرية والضغط الاقتصادى على روسيا، بهدف دفعها إلى مفاوضات سلام جدية.
ومن الواضح أن ترامب يسعى للحفاظ على مسافة رمزية من الحرب، من خلال جعل الأوروبيين يدفعون مقابل الأسلحة التى يتم تسليمها لأوكرانيا. ومع ذلك، لا تزال واشنطن متورطة بشكل مباشر، حيث تستضيف قاعدة استخباراتية فى ألمانيا تعمل على تحليل الأهداف العسكرية الروسية بالتعاون مع البريطانيين والأوكرانيين.
ورغم هذا، لم يطلب ترامب من الكونغرس تمرير حزمة مساعدات جديدة، إذ يعلم أن ذلك سيغضب قاعدته الانتخابية، خاصة فى ظل الأصوات التى يعبر عنها نائب الرئيس جيه دى فانس، والتى تدعو لإنهاء هذا «التورط المكلف».
كما لم يحاول ترامب الضغط على الدول الأوروبية لمصادرة 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة لديها، وهى خطوة لطالما دعت إليها إدارة بايدن.
وعلى الرغم من دعمه الضمني لمشروع قانون العقوبات الجديد فى مجلس الشيوخ، الذى يحظى بتأييد واسع ويستهدف الدول التى تشترى الطاقة الروسية، لم يعلن ترامب صراحة أنه سيفرض هذه العقوبات.
ويعتقد مارشال بيلينغسليا، مفاوض ضبط الأسلحة السابق فى إدارة ترامب، أنه يملك الصلاحيات الكاملة لتنفيذ القانون دون حاجة إلى تصويت فى الكونغرس، لكن من الواضح أن ترامب يفضل أن يتحمل المشرعون عبء القرار أولًا.